كائن غنائي من مخلوقات ''الراب'' و من منتجات ''الهيب هوب''، يدعى ''دوبل كانون''، فتحت له إحدى الصحف المشهورة، والمشرقة ''جدا''، صفحاتها ليتقيأ نهاية شهر رمضان الكريم فتاوى ''هبهوبية''، اعترف من خلالها ذلك الدوبل كانون أنه قرر تبسيط مفاهيم الإسلام ليصل بها إلى ''العامة''. ففي رأي المخلوق إياه أن الدعاة عقدوا وصعبوا فهم الدين على الناس، لذلك فإن مغني الراب أوصلته وقاحته وتفسخنا لكي يتحول إلى داعية من دعاة ''الراب'' الإسلامي!!.. كائنات برلمانية تشابه ''غناؤها'' مع ''راب'' الشيخ دوبل كانون في طرح وضرب وجمع متناقضات الرقص والسجود، حذت حذو مغني الراب في تجسيد الضدين في نفس المكان والزمان، فزياري وقومه من راضعات الثلاثين مليون ''يتيم'' وسنتيم أجمعوا على رفض تشكيل لجنة تحقيق برلمانية حول تفشي الرشوة، وحجتهم أقبح من ذنبهم، فبالتوازي مع تصفيقهم ومباركتهم وتهليلهم للقرار الرئاسي القاصي بإنشاء ديوان لمكافحة ومحاربة الرشوة، نجد ''الباركين'' و الراقصين أنفسهم يرفضون تشكيل لجنة تحقيق في ظاهرة الرشوة، والحجة أقبح من إفلاس ''زياري'' ومجلسه الذي تعلق بقشة عدم دستورية ''اللجنة''. رغم اليقين العام بأن ''الرشوة'' كظاهرة متفشية ومتوسدة مؤسسات الدولة قد أضحت وباء دستوريا تجاوز العمل بالقانون وبالدستور.. لا يمكنني أن أجمع بين مغني الراب ''دوبل كانون'' الذي يغني ''للسرة وما تحتها'' والداعية ''دوبل كانون'' الذي قرر تبسيط الإسلام، كما لا يمكنني أن أجمع بين ''زياري'' يبارك للرئيس شجاعته في خلق ''ديوان لمحاربة الرشوة''، في الحين الذي يرفص فيه ''الزياري'' نفسه تشكيل لجنة تحقيق في الظاهرة. فرغم أن ''دوبل كانون'' واحد و''الرشوة'' واحدة، إلا أننا نعيش زمن الانفصام النفسي التام، انفصام يجعل من ''دوبل كانون'' داعية وكائن راب في الوقت نفسه، وانفصام يجعل زياري مع ''الرئيس'' وضد ''قراراته'' في المكان نفسه، فأي التباس هذا وأي تناقض ذلك الذي يفسر لنا كيف يجتمع الضدان في ''زياري'' و''دوبل كانون'' واحد؟ البرلمان، بشكله وطبعته الحالية، يحتاج إلى قرار ''حل'' يعفيه من تناقضه ومهامه الدستورية، ليس نزولا عند رغبة حنون العمال التي تحتاج مواقفها وتناقضاتها إلى مصفاة ''تحلية'' تعالج ملوحة بحرها حتى يستطعمها الشاربون القدامى لزعيمة جرفتها ''حلاوة'' السلطة، ولكن إذعانا لمنطق أن برلمان زياري فقد كل معنى لوجوده، بعدما دخل في مرحلة متطورة جدا من انفصام نفسي وعقلي، ظهرت أعراضه الأولى في الهلوسة البرلمانية، التي أدت إلى اضطراب التفكير، فمرحلة العزلة التي أنتجت واقع أن كائنات مجلس الشعب فقدت حواس التميز التي أوصلت مجلس زياري إلى أخطر وآخر مرحلة متمثلة في ''عدم القدرة على فهم الموضوعات وتحديد ماهية المشاكل''، يعني أن الجماعة إياهم وصلوا إلى الطريق المسدود، وفتواهم بعدم دستورية تشكيل لجنة حول ظاهرة الرشوة، التي أنشأ لها الرئيس ديوانا، وضعتنا في موقع أن ''لنا'' دولتين، وشخصيتين، و''رشوتين''، فالرشوة التي أرقت مضجع الرئيس، فجعل لها مرصدا ثم ديوانا، ليست الرشوة نفسها التي اكتشف قوم زياري أنها لا تحتاج إلى لجنة برلمانية تتقصي أخبارها، فأي انفصام وأي برلمان هذا الذي يتحجج بالدستور لتبرير العجز والإفلاس والانفصام النفسي والعقلي بين ''نواب'' الشعب، وقضايا الشعب..؟ كما اختلطت المفاهيم على مغني الراب، دوبل كانون، فأصيب بلوثة أن يكون ''داعية'' ومغني ''راب'' في الوقت نفسه بنقل الملاهي الليلية إلى المساجد أو العكس، فإن مجلس زياري وقع في الورطة ذاتها، ورطة ''التيه'' والهذيان التي أدت ببعض نوابه الذين رفضوا إنشاء لجنة تحقيق في ظاهرة الرشوة، إلى المطالبة بصلاحيات جديدة تبيح لهم مراقبة ''الولاة''، أي مشاركتهم أو ''مشاكرتهم'' تنمويا، بعدما ظهر أن عصا الأسئلة الشفوية الموجهة للوزراء لم تأت بزرع ولا حرث، لأن ''الوزراء'' غالبا ما يفرغونها من محتواها في دفاع منهم عن ولاتهم ومن هم تحت وصايتهم، لذلك فإن المجلس الذي عجز عن إنشاء لجنة للتحقيق في ظاهرة الرشوة، كما عجز عن إيجاد وصفة تخرجه من ''عزلته''، راح يبحث عن موضوع ''صلاحيات'' فقدها زياري، يوم أقر مجلسه أن التحقيق في ظاهرة الرشوة برلمانيا أمر غير دستوري وغير قانوني وغير ''زياري''.. ماذا بقى للبرلمان من ''نشاط''؟.. ولماذا يستنزف هيكل فارغ المضمون والمكنون خزينة الدولة باسم الشعب؟ وبعبارة أوضح، متى سيصحو المواطن على قرار جمهوري، لا لبس فيه، ينهي أيام برلمان خاوٍ على عروشه، اتفق الجميع على أنه لم يعد يعني لقاطنيه من ''سواح'' منتخبين، أفلحوا في مهمة واحدة، سيحفظها لهم ''تاريخ وجغرافيا'' الوطن، ومختزل المهمة أن جماعة وقوم ''زياري'' نجحوا عن جدارة و''استرزاق'' في إفراغ كلمة ''نائب'' وطني من محتواها ومرتجاها ومستواها لتصبح مجرد ''غائب'' برلماني؟ نهاية الأمر هاتفني برلماني طربا، ليعلمني أن والي ولايته قد تأكد ''نقله'' إلى ولاية أخرى. والخبر عادي جدا، لكن غير العادي فيه أن البرلماني إياه، والذي منع عنه الوالي ولوج مكتبه لسنوات عديدة، راح ينسب التغيير والنقل وربما حركة ''الولاة'' كلها إلى ''تحركاته'' على مستويات كبرى. ورغم علمي أن صديقي ''النائب'' مجرد ''كاذب'' وغائب كبير، إلا أنني جاريته في طرحه، لأغلق سماعة الهاتف وفي ذاكرتي صورة النائب إياه وهو يهمس في أذن ذات الوالي، حينما كانا صديقين، أنه اكتشف أن ''جذور'' الوالي، أي نسبه، يلتقي مع نسب النائب إياه في الجد أو ''المشروع'' العاشر