شرعت الحكومة مؤخرا، في دراسة ملف الاستثمار الأجنبي بالجزائر، وتحديدا مشاريع الشراكة المتعلقة بإنتاج الأدوية، وذلك بهدف وضع تدابير جديدة وإجراءات ردعية من شأنها تقنين المعاملات وإضفاء الشرعية القانونية على المناخ الاستثماري العام مع ضمان الرقابة الدائمة على حركة المتعاملين في هذا المجال. وأفادت مصادر ذات صلة بالملف ل''البلاد''، أن الحكومة فتحت تحقيقات حول الوضعية المالية ومخطط عمل المؤسسات الاقتصادية الناشطة في مجال تصنيع الأدوية، خصوصا تلك التي استفادت من امتيازات وتسهيلات الدولة لإقامة مشاريعها، ومن المنتظر أن تصدر السلطات قرارا يفضي إلى تأميم هذه الشركات باستخدام حق الشفعة في حال التأكد من مخالفة هذه الأخيرة للشروط المتفق عليها. وحسب مصادرنا، فإن التحقيقات التي باشرتها الحكومة جاءت نتيجة عدم التزام بعض المستثمرين بالشروط المتفق عليها سابقا، على غرار احترام الآجال المحددة لإنهاء المشاريع - والتي تم التأكد من عدم انطلاقها أصلا على مستوى بعض المؤسسات الناشطة في المجال الصيدلاني- إلى جانب ضمان تحويل التكنولوجيا الرائدة في القطاع من طرف المستثمرين الأجانب لصالح الجزائر مقابل الامتيازات التي تحصلوا عليها، وهو البند الذي تمت مخالفته من قبل هؤلاء المتعاملين الذين ظلت وعودهم -تضيف مصادرنا- أقوالا لم ترق يوما إلى التطبيق، وهو ما استدعى إعادة النظر في هذا الشرط الهام وضبطه من خلال صياغة إجراءات عقابية ثقيلة في حالة ثبوت مخالفته، نظرا لجدية مساعي السلطات إلى تحقيق التشبع التكنولوجي لبلوغ درجة إلغاء التبعية الأجنبية والتي سترمي بدورها إلى تقليص فاتورة استيراد المنتجات الصيدلانية أو الاعتماد على شركاء أجانب في عمليات تصنيع الأدوية والمستلزمات الطبية، كخطوة هامة لتشجيع الإنتاج المحلي. ومن أبرز المشاريع التي سيطالها التحقيق، مشروع ''فيازار'' الأمريكي ومشروع الشركة السعودية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية ''تافكو''، إضافة إلى مشروع دار الدواء الأردني المعطل منذ أزيد من ست سنوات، حيث قالت الشركة في بيان لها أصدرته عام 2004 إنها تخطط لبنائه على أرض شركة ''ميدي فارما انتراناشيونال'' بسيدي عبد الله وسيتم تجهيزه بكلفة 14 مليون دولار على أن ينطلق الإنتاج مطلع .2005 وبلغت فاتورة استيراد الأدوية، حسب آخر الإحصائيات المقدمة في هذا الشأن، نحو ملياري أورو. أما نسبة الإنتاج الوطني فبلغت حوالي 37 بالمائة، وهي قيمة غير كافية لتغطية الاحتياجات الوطنية، ما يفتح الباب للمتعاملين الأجانب قصد بسط يدهم لافتكاك فرص استثمارية بالجزائر. وتأتي الإجراءات الجديدة كخطوة ثانية للحكومة في إطار ضبط سوق الأدوية وتشجيع تطوير الإنتاج الوطني، حيث أقدمت مؤخرا على إلغاء التعامل بصيغة التراضي في منح صفقات استيراد الأدوية للجنة الصفقات العمومية لتفادي التلاعب بالمال العام.