تشهد المحاكم التونسية إضرابًا عامًا للقضاة، غدا، احتجاجًا على مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء الجديد. وقررت جمعية القضاة التونسيين تنفيذ إضراب عام حضوري بالمحاكم كافة، باستثناء القضايا العاجلة. ودعت الجمعية، في بيان لها القضاة إلى حضور الاجتماع الذي سيعقد يوم الإضراب في مقر المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، مشيرة إلى عقد مجلس وطني طارئ يوم 14 مارس الجاري بمقر محكمة الاستئناف بصفاقس. وأوضحت جمعية القضاة التونسيين أن هذا التحرك الاحتجاجي يأتي على خلفية ما تضمنه مشروع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء الجديد، من التفاف على مشروع سلطة قضائية مستقلة طبقًا للدستور، وتراجع عن مشروع القانون المعدّ من اللجنة الفنية بوزارة العدل. وفي الأثناء، يشهد منزل الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، حراكاً سياسيا وثقافيا استعداداً لمؤتمر "حراك شعب المواطنين" الذي أعلن عنه بعد هزيمته في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية التي انتهت إلى فوز الباجي قائد السبسي. ومن المنتظر أن ينعقد المؤتمر في العشرين من الشهر الحالي وسط استعدادات مكثفة لإنجاحه. واختار المرزوقي، ومن حوله من مستشارين، عدم الظهور الإعلامي وتجنب الإدلاء بأي تصريحات صحافية إلى ما بعد إنجاز مؤتمر "حراك شعب المواطنين"، ما دفع ببعض متتبعي الشأن السياسي التونسي إلى اعتبار أن الرئيس التونسي السابق قد أقعدته هزيمة الانتخابات الرئاسية. إلا أن أنور الغربي، أحد ناشطي "الحراك" ونائب مدير حملة المرزوقي الانتخابية، يؤكد ل"العربي الجديد" أن نشاط الرئيس التونسي السابق مستمر بعيداً عن الأضواء منذ مغادرته قصر قرطاج. وبالرغم من الحراسة الأمنية المشددة إلا أن زائري منزله عليهم ألا ينتظروا من الرجل استقبالاً على شاكلة استقبالات رؤساء دول سابقين، فالمرزوقي يفتح بنفسه باب بيته، فلا معينة منزلية ولا مساعد ولا سكرتير ولا متحدث باسمه، ولا غير ذلك. كما أنه يُحدد مواعيده بنفسه من دون أي مساعدة. وهذه النوعية من الاستقبالات لا تعني بأن الرجل يعيش في عزلة بعيداً عن المشهد العام، بل إن "الحراك" على أشدّه داخل "بيته الساحلي". وهو نسق من النشاط يتوزع بين استقبال المرزوقي شخصيات سياسية وفكرية وثقافية من تونس ومن دول عربية وأوروبية على غرار رئيس حزب الخضر السويسري سابقاً، يولي ليونبيرجي، الذي زار المرزوقي أخيراً، وبين لقاءات مع مسؤولين تونسيين على استعداد لمؤتمر "حراك شعب المواطنين". لكن حتى اليوم لا يعلم أحد صبغة هذا "الحراك" وماهيته في ظلّ رفض "مهندسيه" لأي تصريحات إعلامية، وفي مقدمتهم كلّ من المتحدث الرسمي السابق باسم رئاسة الجمهورية، عدنان منصر، والمرزوقي. وتتركز التساؤلات حول ما إذا سيكون جبهة حزبية موسعة على شاكلة الجبهة الشعبية أم حزباً كبيراً تنصهر فيه مختلف الأحزاب ذات التوجه الاجتماعي الديمقراطي، أو حتى سيكون شبيهاً بجبهة مدنية موسعة تتكون من مستقلين وشخصيات وطنية وحزبية، كما يؤكد بعض الناشطين المقربين من المرزوقي.