أيمن. س/ وكالات اندلعت مظاهرات عارمة في غالبية المدن التونسية أمس، تنديدا بعملية اغتيال المعارض التونسي اليساري شكري بلعيد التي تمت صباح أمس، بضاحية المنزه السادس بتونس العاصمة. وتجمّع أكثر من ألفي متظاهر أمام وزارة الداخلية التونسية بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة، حيث رفعوا شعارات تنادي بإسقاط الحكومة، وبالعصيان المدني، وأخرى مناهضة لحركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم في البلاد. كما تجمّع المئات من المتظاهرين في مدينة سيدي بوزيد، التي توصف بأنها مهد الثورة التونسية التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وطالبوا باستقالة الحكومة الحالية، كما ندّدوا بحركة النهضة. وفي مدينة صفاقس، أغلقت المحاكم أبوابها، وخرج المحامون في مظاهرة عارمة وسط الشارع الرئيسي للمدينة، بينما شهدت مدينة بنزرت في أقصى الشمال التونسي مظاهرات مماثلة صب خلالها المتظاهرون جام غضبهم على حركة النهضة. وكان شكري بلعيد المنسق العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، والقيادي في تحالف الجبهة الشعبية، قد اغتيل صباحا وسط تونس العاصمة، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ الإطاحة بنظام الرئيس التونسي السابق. وفي الأثناء، شهدت مدينة سوسة حالة عصيان مدني شاملة، احتجاجا على اغتيال شكري بلعيد. وقال ممثل عن تنسيقية الجبهة الشعبية بسوسة، هشام صابحية، إن اشتباكات اندلعت بين قوات الأمن وآلاف من المواطنين وأفراد من الجبهة الشعبية، وإن الشرطة أطلقت الرصاص في الهواء والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، الذين توجه عدد منهم إلى مقر الولاية رافعين شعارات ضد النظام وضد الاغتيال السياسي”. وقالت وزارة الداخلية إن متظاهرين أشعلوا النيران في مقار تابعة لحركة النهضة. كما ندد المتظاهرون بقمع بعض الأطراف السياسية لحرية الرأي، معتبرين أن الحكومة التونسية الحالية لم تعد تستطيع حماية أبنائها، وأن عملية اغتيال شكري بلعيد هي الحلقة الأولى من مسلسل سيتابع الشعب فصوله لاحقا. وتتالت التصريحات والاستنكارات من مختلف الأطراف والأحزاب السياسية، حيث سارع حزب النهضة، الذي بدأت أصابع الاتهام تدور حوله في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” باعتبار أن بلعيد كان لا يفوت أي فرصة للظهور الإعلامي دون أن ينتقد سياسة حركة النهضة بطريقة لاذعة. وفي أول ردّ فعل، قال رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي إن اغتيال بلعيد بالرصاص هو اغتيال سياسي واغتيال للثورة التونسية، مشيرا إلى أن هوية القاتل ما زالت مجهولة حتى الآن. وسارع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى نشر بيان عبر فيه باسم الحركة عن إدانته الشديدة لهذه الجريمة، كما قال إنها تستهدف أمن البلاد واستقرارها، وعزّى خلال البيان عائلة المغدور وحزبه، ودعا في بيانه السلطات الأمنية إلى بذل كل جهد للكشف عن الجناة وتقديمهم للعدالة وكشف أهدافهم أمام الرأي العام. ولفت في ختام بيانه إلى أن الحركة تدعو جميع الأطراف وكافة المناضلين وكل التونسيين إلى التضامن والوحدة وإلى التزام اليقظة وتفويت الفرصة على كل من يريد ضرب السلم المدني والتعايش السلمي بين التونسيين ودفع البلاد إلى العنف. زعيم “النهضة” راشد الغنوشي يدعو إلى حكومة وحدة تحذيرات من فوضى أمنية في تونس بعد الاغتيال حذرت قوى سياسية تونسية من مخطط لدفع البلاد إلى الفوضى ووقف مسار الانتقال الديمقراطي. ودعا رئيس حركة النهضة إلى حكومة وحدة، بعد اغتيال القيادي في الجبهة الشعبية المعارضة شكري بلعيد في حادثة غير مسبوقة وصفها رئيس الحكومة بالإرهابية، وصدمت التونسيين. وقالت تقارير إن بلعيد -وهو أمين عام حزب الوطنيين الديمقراطيين المنتمي لتحالف الجبهة الشعبية اليسارية- اغتيل أمام منزله في ضاحية المنزه السادس بالعاصمة بثلاث أو أربع رصاصات أمام منزله في حدود الثامنة والربع صباحا بالتوقيت المحلي. وتردد أن مهاجما واحدا على الأقل يرتدي برنسا تقليديا “قشابية بالعامية التونسية” أطلق النار على بلعيد، مما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة توفي على أثرها في مصحة بحي النصر القريبة من مقر سكنه. وفي وقت لاحق، تحدث وزير الداخلية علي العريض عن مشتبه فيهما اثنين في الاعتداء. وقالت تقارير إن جثمان شكري بلعيد نقل إلى مستشفى شارل نيكول لتشريحه على الأرجح. ونقل عن مصدر طبي أنه أصيب بالرصاص في الرأس والرقبة والصدر، مشيرا إلى أن القاتل محترف على ما يبدو بما أن الإصابات كانت في مواضع قاتلة. واتهم القيادي في الجبهة الشعبية عبد الناصر العويني، حركة النهضة ب”التخطيط” لاغتيال أمين حزب الوطنيين الديمقراطيين الراحل. وقال إن بلعيد حذر أمس في تصريحات لإذاعة “كلمة” المحلية من أن عمليات اغتيال على وشك أن تبدأ. واتهم العويني وزير الداخلية علي العريّض “النهضة” بأن وزارته لم تحرك ساكنا. أ. س/ وكالات *** رئيس تونس منصف المرزوقي يلغي زيارة رسمية ويؤكد: اغتيال بلعيد جريمة نكراء.. وعلى الشعب الانتباه من الفتنة أدان الرئيس التونسي المنصف المرزوقي اغتيال المعارض اليساري البارز شكري بلعيد أمس، معتبرا أنه “جريمة نكراء”، داعيا التونسيين إلى “التنبه إلى مخاطر الفتنة وضبط النفس”. وكان المرزوقي ألغى مشاركته في قمة منظمة المؤتمر الإسلامي المقررة في القاهرة وقرر العودة بشكل عاجل إلى تونس بعد اغتيال بلعيد. وقال غسان الدريدي، وهو أحد مستشاري المرزوقي في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية، إن المرزوقي “قرر العودة إلى تونس، وسيصل ظهرا، فيما أعلنت وكالة الأنباء الرسمية أن المرزوقي موجود حاليا في فرنسا. وأعربت الرئاسة التونسية عن “بالغ صدمتها” من “اغتيال الوجه الحقوقي والسياسي المرحوم شكري بلعيد”. وقالت في بيان إنه “وعيا منها بجسامة التحديات التي تجابهها بلادنا والأخطار المحدقة بها، فإن رئاسة الجمهورية تنبه إلى مخاطر الفتنة والفرقة التي تسعى بعض الأطراف إلى بثها بغاية جر الشعب التونسي إلى دوامة العنف”. وأضافت أنها “تدعو الجميع إلى تحكيم العقل وضبط النفس والتروي في تحليل هذه الجريمة النكراء والفعلة الجبانة ونسبة المسؤولية عنها إلى جهة أو أخرى”. وطلبت “من كافة السلطات العمومية أن تولي المسألة كل الاهتمام الذي تستحقه وأن تبادر إلى التحقيق الفوري في الحادثة وضبط الجناة وتقديمهم سريعا إلى العدالة لتمضي فيهم قضاءها العادل”. وأكدت أن “اللجوء إلى العنف بمختلف درجاته ووسائله وخاصة الاغتيال، مرفوض قطعيا في ظل قوانين البلاد ولا تقبله أخلاق شعبنا المسالم ولا ديننا الإسلامي الحنيف القائم على التسامح والمحاورة بالتي هي أحسن”. أ. س/ وكالات *** تحدث عن مجموعات حاولت تخريب مؤتمر حزبه والأمن كان يتفرج شكري بلعيد أثار ملف الاغتيال السياسي قبل مقتله بساعات أثار المعارض شكري بلعيد، الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد موضوع الاغتيال السياسي قبل مقتله بساعات، حيث ذكر مقتل الناشط محمد لطفي نقز والمحسوب على حركة “نداء تونس” والذي توفي جراء تعرّضه لإصابات عديدة بأداة حادة في أماكن مختلفة من جسمه. واتهم بلعيد، في آخر ظهور تلفزيوني له قبل اغتياله، حركة النهضة بتبني العصابات الإجرامية التي اغتالت الناشط لطفي، قائلا “البيان الختامي لمجلس الشورى لحركة النهضة تبنى تلك العصابات الإجرامية”. وأشار بلعيد أيضا إلى محاولة مجموعات تخريب مؤتمر للديمقراطيين، رغم وجود عناصر الأمن التي لم تتدخل، وكانت “تتفرج” على حد قوله. وقال بلعيد “عقدنا تجمعا عاما شعبيا بمناسبة عقد مؤتمر الحزب الجهوي في الكاف، وكان اجتماعا شعبيا غطته وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة تميز بالحضور الجماهيري الكبير الذي تداخلت فيه كل المكونات، واعترض بعض الحضور وبدأوا في التعدي وتصدى لهم شباب الحزب، والأمن كان حاضرا ولم يتدخل. وأضاف “قامت تلك المجموعات بتحطيم واجهة دار الثقافة، وحاول شباب الحزب القبض على بعضهم، لكن سرعان ما هربوا، ثم اتصل بعض عناصر النهضة بعدد من شباب الحزب، وسألوهم (لماذا أقمتم هذا المؤتمر من الأساس) لكن هذه الاتصالات لم تؤثر على سير المؤتمر الذي أنجز أعماله بالكامل”. أ. س/ وكالات *** الدستور إلى المجهول في أولى دول “الربيع العربي” تونس تدشن ديمقراطيتها الجديدة بالاغتيالات السياسية تميز عام 2012 في تونس باستمرار التجاذبات السياسية بين الترويكا الحاكمة والمعارضة، وكذلك التجاذبات الأيديولوجية بين “الإسلاميين” واليسار. ولم ينجح المجلس التأسيسي في الانتهاء من صياغة الدستور بعد سنة من انتخابه، بينما تصاعدت المخاوف من خطر العنف السياسي الذي بدأ شبحه يطل بين الحين والآخر. وعلى الصعيد الاجتماعي عرفت تونس خلال هذه السنة أكبر موجة من الإضرابات والاعتصامات في تاريخها، وهو ما أثر سلبا على الحياة اليومية للتونسيين. وأوضح تقرير لموقع “الجزيرة نت”، أنه على الصعيد السياسي، عرف المجلس التأسيسي تجاذبات حادة بين الترويكا المكونة من حزب النهضة الإسلامي وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل من أجل العمل والحريات من جهة، وبين المعارضة المكونة أساسا من الحزب الجمهوري والمسار وبعض المستقلين من الليبراليين وغيرهم من جهة أخرى. وأدى هذا التجاذب والاستقطاب الثنائي الحاد وغياب الوفاق إلى تعطل أعمال المجلس في أكثر من مناسبة، مما أدى إلى تأخر الانتهاء من صياغة الدستور. كما انعكست حالة الانقسام على النخب والشارع التونسي، خاصة في ظل غياب أي خارطة طريق واضحة للمواعيد السياسية القادمة، والتي من أبرزها الانتخابات التشريعية والرئاسية التي ستخرج البلاد من الحالة المؤقتة إلى الحالة المستقرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. وبلغت الأزمة ذروتها في أكتوبر الماضي، عندما ارتفعت الأصوات المنادية بضرورة الدخول في مرحلة توافقية جديدة لانتهاء شرعية المجلس التأسيسي، باعتبار أن مرسوم دعوة الناخبين الذي جرت وفقه الانتخابات نص على أن المجلس يتولى صياغة دستور جديد للبلاد خلال سنة من تاريخ انتخابه، لكن الطرف المقابل يرى أن المجلس التأسيسي هو سيد نفسه باعتباره السلطة الشرعية الوحيدة في البلاد، ولا يمكن لمرسوم صدر في مرحلة توافقية أن يحل مجلسا شرعيا منتخبا. كما برزت أزمة جديدة في صلب الترويكا الحاكمة نفسها، عندما دعا الرئيس المنصف المرزوقي إلى حكومة كفاءات تتولى إدارة شؤون البلاد حتى إجراء الانتخابات القادمة بعيدا عن المحاصصة الحزبية. وردت حركة النهضة -أبرز أحزاب الترويكا- بأن إعادة النظر في التشكيلة الحاكمة أمر ممكن وهو لا يستثني حتى منصب رئيس الجمهورية نفسه، وهو ما اعتبره المراقبون مؤشرا على رفض الحركة لتصريحات المرزوقي الذي وصل إلى منصب الرئيس بتزكية النهضة في إطار محاصصة حزبية. من ناحية أخرى، ونتيجة لحالة الاستقطاب الثنائي والتوتر السياسي السائدة، بدأ التونسيون يتخوفون من شبح العنف السياسي الذي ما فتئ يطل بين الحين والآخر، وهو ما أدى إلى تزايد المخاوف من انزلاق البلاد نحو دوامة لا تحمد عقباها، خاصة أن أعمال العنف كانت بدورها مثار جدل وانقسام بين السلطة المعارضة، حيث بدا -بحسب المراقبين- أن كل طرف يحتج على العنف الذي يستهدفه ويغض النظر عن العنف الممارس ضد الطرف المقابل. ومما زاد من حدة المخاوف أن العنف السياسي أدى في بعض الحالات إلى سقوط قتلى وهو أمر غير معهود في تونس، حيث انتهت مظاهرة نظمتها رابطات حماية الثورة بتطاوين للمطالبة بالمحاسبة؛ إلى سقوط قتيل ينتمي إلى حزب نداء تونس الذي يضم عناصر من حزب التجمع المنحل، وقال المتظاهرون إن القتيل ألقى قنابل مولوتوف على المتظاهرين كانت مخبأة بمقر اتحاد الفلاحين الذي يتولى رئاسته. أ. س/ وكالات من ناحية أخرى، قرر رئيس الجمهورية التونسية، محمد المنصف المرزوقي، العودة أمس، إلى تونس مباشرة من فرنسا، وإلغاء مشاركته في القمة الإسلامية الثانية عشرة التي تستضيفها العاصمة المصرية القاهرة. ودعا الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية، حمة الهمامي، إلى التهدئة وأن يكون دم شكري بلعيد سبباً في توحد الشعب التونسي وإنهاء دوامة العنف.