باتت أسعار الخمور في الجزائر، أرخص بكثير من أسعار المواد الغذائية، وفي متناول كل الطبقات الاجتماعية بما في ذلك البطالين والمشردين..، في ظل الانتشار الواسع لصناعة وتجارة الخمور ببلادنا منذ قرار تحرير تجارة الخمور من طرف الوزير الحالي للتجارة عمارة بن يونس، الأمر الذي يشير إلى ارتفاع معدل استهلاك الكحول في بلادنا في المستقبل القريب. واقتناء قارورة خمر في الجزائر أسهل وأرخص بكثير من شراء كيلو غرام واحد من البطاطا أو العدس أو اللوبيا... وغيرها من المواد الغذائية الأساسية التي ارتفعت أسعارها بنسب تفوق المائة بالمائة منذ بداية سنة 2015، في حين ظلت أسعار الخمور على اختلاف أنواعها مستقرة منذ عدة سنوات بسبب كثرة الإنتاج من جهة، ومن جهة أخرى للمنافسة القوية التي فرضتها مصانع الجعة في بلادنا التي ساهمت بقسط كبير في جعل أسعار "البيرة" في متناول كل شرائح المجتمع الجزائري طالما أنها باتت تباع جهارا نهارا في ظل الامتيازات الهامة التي منحتها الدولة لمنتجى وتجار الخمور. وبلغة الأرقام، فإن أسعار البيرة على اختلاف علاماتها التجارية، معقولة جدا وفي متناول الجميع، حيث تترواح أسعارها ما بين 55 إلى 100 دينار بالنسبة إلى المنتوج المحلي، ومابين 100 إلى 200 دينار بالنسبة إلى المنتوج الأجنبي، وتنتج الجزائر العديد من أنواع الخمور أبرزها خمر "تلاغ 1990" من المدية وخمر "تلمسان الأزرق" وخمر معسكر وخمر "ربوفور" من عنابة و"أربرو" من بجاية وخمر "الطونڤو" و"بافاروار" ، فيما يبلغ عدد مصانع الخمور المرخصة عبر كامل التراب الوطني 60 مصنعا وأزيد من 1500 محل للبيع، توظف 35 ألف عامل، في حين يقدر إنتاج الجزائر من الكحول ب500 هيكتولتر سنويا ومعدل استهلاك بخمسة لترات للفرد الواحد سنويا حسب إحصاءات الديوان الوطني لإنتاج وتسويق الخمور. وتعد الشركات الفرنسية أكثر الشركات الأجنبية تواجدا في سوق الخمور الجزائرية، وهذا منذ فتح سوق الخمور أمام القطاع الخاص سنة 2001، حيث تسيطر حاليا شركة "كاستل" على حوالي 60 بالمائة من السوق الوطنية للخمور بفضل تواجد أربعة مصانع لهذه الشركة الفرنسية، وتليها شركة "هاينيكن". وبخصوص الخريطة الجغرافية لمصانع الخمور والمحلات المرخصة، فإن ولاية تيزي وزو تحتل الصدارة من حيث عدد محلات البيع ب141 منتجا تليها العاصمة ب131 ثم بجاية ب112، ثم تأتي ولايات باتنة، الأغواط، بسكرة وبشار... وتصدر الجزائر سنويا أكثر من مليوني دولار من الخمور أما فاتورة الاستيراد فهي أربعة أضعاف قيمة الصادرات، في حين تبلغ القيمة المالية لتجارة الخمور في الجزائر بشكل عام أكثر من 15 مليار دينار سنويا. ورغم أن نشاط 50 بالمائة من تجارة الخمور في بلادنا خارج إطار الرقابة والضرائب، إلا أن رقم الأعمال المهم جدا يعكس حجم الأرباح الخيالية التي يجنيها مصانع وتجار الخمور، وهذا ما يدفع للتساؤل لدى خبراء الاقتصاد عن الجدوى من تحرير تجارة الخمور في بلادنا مادامت الصادرات أقل بكثير من فاتورة الاستيراد، وهل حقا أن تجارة الخمور ستساهم في تنويع مداخيل الاقتصاد الجزائري؟