مليارات الصناديق والدواوين العقارية ضاعت مقابل تذاكر طيران ورحلات استجمام أظهر اليوم العاشر من محاكمة قضية بنك الخليفة أن مفاتيحها في يد الأموات الذين غادروا إلى الرفيق الأعلى ومعهم أسرار أموال أودعت في بنك الخليفة ولم تظهر حتى بعد إشهار إفلاس البنك وبداية تصفيته، بعد أن أودع المسير الإداري آنذاك ووزير المالية الأسبق محمد جلاب تقريره الذي يؤكد أن البنك لا يمكن إنقاذه ومن بعده المصفي منصف بادسي الذي لم يُودع تقريره النهائي إلى حد الساعة لمعرفة إذا كان البنك قد أفلس فعلا أم لا. وفي وقت يرفض فيه المصفي منصف بادسي الحديث عن التقرير، تؤكد تصريحات محامي البنك لدى التصفية أن التقرير النهائي بحاجة لسنتين على أقل تقدير لتقييمه أمام اللجنة المالية للوزارة الوصية وبنك الجزائر الذي يعد إلى حد الساعة الغائب الأكبر عن محاكمة الفتى الذهبي التي اتخذت اتجاها آخر خلال الأيام الأخيرة . وكشف اليوم العاشر لاستجواب المتهمين ال71 في القضية والذي دخل مرحلة استجواب المتهمين، بجنح استغلال النفوذ والرشوة وتلقي فوائد وامتيازات من قبل بنك الخليفة لإيداع مبالغ مالية معتبرة من مؤسسات عمومية ودواوين الترقية والتسيير العقاري، عن وفاة ثلاثة من أهم المعنيين بالقضية، حيث قضى ثلاثة من المتهمين غير الموقوفين، ويتعلق الأمر بكل من ثابت لحبيب، مدير تسويق فرع مصنع الجعة بوهران المتوفى سنة 2011 والمدير العام لديوان الترقية والتسيير العقاري لولاية وهران المتوفى أيضا في 2011 وأحمد قاديري عضو مجلس إدارة الصندوق الوطني للتقاعد المتوفى في 2012، حيث صرح ثلاثة من المتهمين ممن استجوبهم القاضي أن المتوفين الثلاثة هم من يملكون إجابات عن الأسئلة المتعلقة بإيداع مبالغ مالية بعضها تجاوز 100 مليار سنتيم مقابل امتيازات وبطاقات نقل ورحلات وإقامات مجانية إلى منتجع طلاسو بسيدي فرج، حيث لا يمكن إثبات أسباب اتخاذ قرارات وضع هذه الأموال لدى بنك الخليفة، إلا من خلال شهادة هؤلاء، خاصة وأن المبالغ الموضوعة قدرت بالمليارات. بنك الخليفة يمول شراكة جزائرية فرنسية لتصنيع الخمور ويقول المدير العام للمصنع المشروبات الغازية والكحولية لفرع وهرن بولفراد عبد الله إن قرص حكيم مدير وكالة بنك الخليفة بوهران والذي تؤ كد وثائق وجدت بمكتبه أنه قدم عمولات قدرت ب 100 مليار سنتيم بررها مدير فرك الخليفة بنك بأنها كانت عمولات لهذه الشركات مقابل إيداع أموالها لدى بنك الخليفة، كان صديقا حميما لمدير التسويق بنفس الفرع الذي عمل به حتى تركه للقطاع العمومي والمدعو ثابت حبيب المتوفى سنة 2011، حيث وضع بولفراد مبلغا إجماليا قدر بحوالي 320 مليون دينار على 4 مراحل وأوضح أنه لم يكن ينوي وضعها لدى بنك الخليفة إلا بعد أن رفض بنك بدر رفع نسب الفوائد إلى 10 بالمائة التي تم التعامل بها بين الطرفين سابقا، قبل أن يعود ويتراجع بنك بدر عن نسبة الفوائد وهو ما دفع المصنع حسب المتهم بولفراد إلى اللجوء لوضع الأموال لدى بنك الخليفة الذي عرض نسبة وصلت إلى 11 بالمائة كفائدة على المبالغ المودعة، وهو ما جعل المتهم على اعتباره المقرر الأول للمصنع بوهران يشير إلى أنه لم يستفد شخصيا لا من عمولات ولا امتيازات من بنك الخليفة، خاصة أن تواريخ إصداره هذه العمولات مغايرة لتواريخ وضع وسحب الأموال، موضحا أنه كان قد اتهم المتوفى أمام الدرك بأنه هو من قبض العمولات على اعتباره صديق مدير فرع بنك الخليفة قبل أن يتراجع أمام القاضي عن أقواله، حيث قال المتهم حرفيا "يجعل يسمحولي انا مديتهمش، حتى شكيت في الزملاء تاوعي ولما تأكدت انهم ماداوش وانو الأموال داهم بايشي فوزي أحد المدراء بالوكالة الرئيسية لبنك الخليفة بالشراڤة، وليت نطلب في السماح ، يجعل يسمحول"، مشيرا إلى أنه مامن شخص طبيعي يمكن أن يقبل عمولة من بنك الخليفة في وقت تفجرت فيه فضيحة البنك سنة 2003 وأنه ليس مجنونا ليفعل ذلك، نافيا علمه بوجود شراكة جزائرية فرنسية لتصدير الخمور بمشاركة بنك الخليفة، موضحا أن الخمور ليست من صلاحيات شركته وإنما من صلاحيات الديوان لأن هذا الأخير هو المعني بتسويق الخمور وليس شركة وهران للجعة. من جهته نفى بوسنة نور الدين، رئيس دائرة المحاسبة والمالية بديوان الترقية والتسيير العقاري بوهران، معرفته بأسباب قرار مدير الديوان آنذاك المدعو خير الدين وليد والذي توفي في 2011 وأشار المتهم المتابع بجنحة الرشوة واستغلال النفوذ والاستفادة من امتيازات إلى أنه لم يكن إلا وسيطا يقوم بإيداع الأموال لدى بنك الخليفة بناء على وظيفته وبقرارات المدير العام التي اتخذها بناء على نسبة الفوائد التي يمنحها بنك الخليفة 12 بالمائة، حيث أكد أنه قام بإيداع 100 مليار سنتيم على مراحل في 3 أشهر قابلة للتجديد، مشيرا إلى أنه لم يسترجع منها شيئا، خاصة وأن الديوان لم يستشرف أي خطر حول البنك، إضافة إلى أنه استفاد من مبلغ قدر بحوالي 110 مليون دينار كفائدة على الأموال المودعة، نافيا أن تكون المديرية استفادت من 2 مليون دينار قيدها مدير فرع وهران لبنك الخليفة قرص حكيم بأنها عمولات منحت بعد وضع الأموال لدى البنك في حين يؤكد المتهم أنه سمع بها لدى الدرك. أما المتهم مزياني عبد العالي من أم البواقي والذي شغل منصب أمين وطني للاتحاد العام للعمال الجزائريين مكلف بالإدارة والمالية ورئيس مجلس إدارة الصندوق الوطني للتقاعد، بعدها أكد أنه قرر إيداع الأموال في 16 سبتمبر 2001 اجتماع عادي ضم المجلس المكون، حيث قال المتهم والمتابع بجنحة الرشوة واستغلال النفوذ والحصول على امتيازات من بنك الخليفة إنه قام بإيداع 1200 مليار سنتيم من اشتراكات العمال استرجع منها 800 مليار. في حين بقيت 400 مليار غير مسترجعة إلى حد الساعة بناء على موافقة مجلس الإدارة بفوائد قدرت بحوالي 10 بالمائة، نافيا استفادته من امتيازات من قبل بنك الخليفة، في وقت وجه له القاضي الأسئلة حول استفادة ابنه من تكوين مجاني كطيار من قبل بنك الخليفة واستفادته هو من بطاقات رحلات مجانية. كما واجهه بكلام السيد قاديري أحمد عضو المجلس الذي يضم 7 افراد والذي توفي في 2011، وقال إن محضر الاجتماع الذي يعطى فيه ترخيص لوضع 1200 مليار سنتيم ببنك الخليفة مزور وأن الفقرة التي بها الترخيص أضيفت لأنها لم تكن مدرجة ضمن جدول أعمال الاجتماع، في وقت قال فيه المتهم إنه مجرد كلام عار عن الصحة تماما. كما وضع الصندوق الوطني للتأمين على البطالة 1.8 مليار دينار لدى بنك الخليفة باقتراح من مجلس الادارة الذي يرأسه سيدي السعيد، حيث قامت بمراسلة وزير العمل آنذاك أبوجرة سلطاني لطلب الموافقة على الرغم من تأكيد المتهمين أنه لم يجب على مراسلاتهم، مما يعني أمرا بالموافقة على وضع أموال الصناديق التابعة للوزارة مثلما وضع صندوق التأمين على المخاطر الناجمة عن القروض المصغرة 500 مليون دينار لدى بنك الخليفة. من جهته أشار المتهم علي عسيلة، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للتنقيب والذي قام بإيداع مبلغ 150 مليار سنتيم كان بأمر من وزارة الطاقة، أي الوزارة الوصية التي راسلت الشركة خلال تلك الفترة لتأمرهابتغيير البنوك التي تتعامل معها الشركة ووضعها لدى البنوك التي تقدم نسب الفوائد الأكبر، مشيرا إلى أنه ماكان ليتحقق من وضعية بنك الخليفة وهو ما اتفق عليه جميع المتهمين، حيث أكدوا أن بنك الخليفة يملك اعتمادا موقعا من بنك الجزائر، إضافة لكونه قدم فوائد كبيرة وصلت إلى حوالي 12 بالمائة ما دفعهم إلى إيداع الأموال لديه بدل وضعها لدى البنوك الأخرى.