باشرت محكمة الجنايات لمجلس قضاء البليدة برئاسة القاضي عنتر منور أول أمس الخميس، الاستماع إلى الشهود المقدر عددهم بحوالي 400 شاهد في القضية المعروفة باسم قضية بنك الخليفة بداية من أمين الخزينة الرئيسية الأسبق المدعو أكلي يوسف الذي سبق له أن كان متهما في القضية، أين قضى 10 سنوات سجنا بعد اتهامه في القضية قبل أن يعود كشاهد استدلال في قضية الحال، حيث كان من المنتظر أن تكشف المواجهة بين الفتى الذهبي والمتهمة مفاجآت من العيار الثقيل، إلا أنها لم ترق ما كان منتظرا منها عدا تأكيد أكلي وجود الثغرة المالية المقدرة بحوالي 3.2 مليار دينار التي أعلن على إثرها إفلاس بنك الخليفة التي قال الشاهد إنها جاءت بسبب السحب المتكرر للمبالغ المالية من قبل عبد المؤمن خليفة سواء بطريقة مباشرة في بداية الأمر أو عن طريق وسطاء، على غرار شاشوة عبد الحفيظ ودلال وهاب ومير محمد وعبد الوهاب رضا لمبالغ مالية وصلت إلى حدود مليار سنتيم أحيانا دون تقييدها أو تسجيلها حسب اعتراف الشاهد.في وقت حاول فيه دفاع الخليفة من خلال أسئلته التركيز حول فرضية تواطؤ بين الشاهد أكلي وبعض المتهمين كشاشوة وغيره وسرقتهم للخليفة من خلال تزوير الكتابات البنكية واستغلالهم لغياب عبد المؤمن خليفة أنذاك وثقته الكبيرة فيهم للاستفادة من وضعية البنك غير الطبيعية قبل تكليف محمد جلاب بتسيير البنك أو تحويله للتصفية قبل أن يخاطب لزعر القاضي عنتر منور قائلا "سيأتي يوم تتأكدون فيه أن عبد المؤمن مظلوم وأنه كان يجب أن يكون طرفا مدنيا لا متهما". أكلي... مدير عام مكلف بالخزينة بمستوى رابعة متوسط وذاكرة مفقودة؟ وكان أكلي يوسف إذا هو الشاهد الذي انتظر من الكثير لكشف أسرار القضية وأن تمسك بأقواله التي أدلى بها أمام قاضي التحقيق إلا أنه بدا مرتبكا في الإدلاء بشهادته، فأكلي ليس شاهدا حقيقيا في القضية بل شاهد استدلال، حيث لم يدل بالقسم الخاص بالشهادة لأنه كان متهما في القضية وقضى عقوبته قبل أن يستدعى، واكتفى القاضي عنتر منور بتذكيره أن الشهادة حق ومسؤولية أمام الله وأمام العدالة، قبل أن يباشر بسؤاله حول تصريحاته المتعلقة بإرسال أموال في "الشكارة" إلى الرئيس المدير العام لمجمع الخليفة عبد المؤمن خليفة في بداية نشاط البنك ثم تكليف هذا الأخير لأشخاص من مقربيه بسحب هذه الأموال بعد التحاقه ببنك الخليفة قادما من بنك التنمية المحلية لوكالة سطاوالي، بمستوى دراسي لا يتجاوز الرابعة متوسط مما جعل النائب العام يتوقف عن الأمر، متسائلا عن كيفية حصول هذا الأخير على منصب مدير عام مكلف بالخزينة الرئيسية وإن كان يستحق المنصب فعلا أم لا، خاصة أن هذا الأخير أي الشاهد كان يناور في الإجابة ويتحجج كل مرة بنسيان ما حصل أو الأشخاص الذين اتصل بهم أنذاك وحتى تصريحاته أمام الضبطية وقاضي التحقيق لدرجة أن هيئة دفاع عبد المؤمن خليفة متمثلة في المحامي نصر الدين لزعر. «عبد المؤمن صاحب البنك ويسحب كما يشاء من المال" تبريرات الشاهد الأول للقضية الأكثر متابعة في الجزائر أثارت دهشة القاضي عنتر منور والنائب العام وحتى هيئة الدفاع والحاضرين، حيث أجاب ببساطة عن سؤال القاضي حول تبرير الأموال التي يسحبها عبد المؤمن خليفة من الخزينة المركزية ليؤكد أنه لم يكن عليه تبرير السحب لأنه ببساطة كان يدون على قصاصات ورقية ما كان يسحب حتى يغلق حسابات الخزينة آخر كل يوم قبل أن يقف القاضي مطولا عند هذه النقطة، حيث حاول الاستفهام عن موقف بنك الجزائر المركزي من حسابات بنك الخليفة قبل أن يجيب الشاهد أكلي يوسف حرفيا "كنت فاهم أن البنك بنكه ويفعل فيه ما يريد مع أن بنك الجزائر يملك رقابة على البنك" حتى وإن تعلق الأمر بسحب أموال من ودائع الشركات العمومية والصناديق الموضوعة بالبنك"، مما أثار استغراب القاضي الذي حاول الاستفسار إذا كان عبد المؤمن قد قدم أوامر كتابية حول سحب الأموال قبل أن يجيب أكلي أنه لم يتلق أي أمر كتابي بل إن الأوامر كلها كانت شفهية وإنه لم يكن ليبرر الأموال الناقصة في حسابات البنك لأن تبريرها الوحيد أنها كانت تقدم لعبد المؤمن خليفة ليقول له القاضي "أنت إذا روبوت فقط تنفذ ما يسند إليك من أوامر"، في وقت سأله النائب العام إن كان من الممكن أن يسجل مثلا أن الثغرة البنكية كانت 3 أو 4 ملايير دينار ويختلس الباقي ليرد عليه الشاهد قائلا "أنت من تستطيع أن تختلس وليس أنا" مما أثار الضحك في القاعة قبل أن يعتبرها القاضي مجرد زلة لسان عفوية وليس إهانة لممثل الحق العام. أكلي يواجه خليفة دون خوف "أنت تعلم أني لا أكذب" وعاد القاضي عنتر منور إلى استجواب الشاهد حول المبالغ التي سحبها الفتى الذهبي، حيث قال إنها كانت حوالي 3 ملايير دينار أي ما يعادل 300 مليار سنتيم قبل أن يواجهه القاضي بأقواله أمام قاضي التحقيق أنها كانت 3 ملايير دينار و8 ملايين أورو ليؤكد هذا الأخير أنه من الممكن أنها كانت كذلك وأنه لا يتذكر هذه التفاصيل مما أثار استعجاب القاضي وعلق عليه قائلا "هل أنت فاقد للذاكرة؟" قبل أن يباشر استجوابه حول الثغرة المالية للخزينة الرئيسية التي كانت في عهدته، حيث قال أكلي إنها كانت حوالي 3 ملايير دينار أصدر عبد المؤمن خليفة أوامره بتسويتها مباشرة بعد رحيله من الجزائر وهو ما لم ينكر الشاهد قيامه به، حيث قال إنه أصدر أوامره لنائبه شبلي محمد برقن الكتابات البنكية الإحدى عشرة التي تبرر الثغرة المالية الموجودة بالخزينة الرئيسية لبنك الخليفة قبل أن يرفعها إلى المدير العام السابق المكلف بالحسابات المدعو نقاش حمو الذي توفي سنة 2011 قبل أن ينتفض عبد المؤمن خليفة هذه المرة لما طلب منه القاضي الوقوف وإبداء رأيه في ما يقوله الشاهد حول الموضوع، أين قال الخليفة إن أكلي يكذب وإنه كلام غير منطقي فليس من المعقول أن تفتح الباب أمام الخزينة الرئيسية لأي كان قبل أن يستطرد الكتابات البنكية تم تحريرها في المنزل، وليست قانونية إنها مزورة. قبل أن يسأله القاضي عن حقيقة الثغرة الموجودة بالخزينة الرئيسية والتفتيش في بنك الخليفة ليرد قائلا إنه حتى يكون هناك تفتيش، يجب أن يكون هناك محافظو حسابات وأن أكلي غيّر أقواله، لم يقل هذا من قبل خاصة حول موضوع تعيينه لأشخاص لسحب المال لأنه لم يذكره سابقا ليرد عليه الشاهد أكلي يوسف حرفيا "خليفة يعلم بأنني لا أكذب وشعشوع ورضا كلهم يعلمون بأن ما أقوله حقيقة". وكالات المذابح ووهران والحراش مغارات الكنز التي ينهب منها الجميع يبدو أن وكالة الحراش لبنك الخليفة كانت مغارة الكنز التي ينهب منها الجميع بدون حساب، فمواجهة أكلي يوسف أمين الخزينة الرئيسية للبنك ومدير وكالة الحراش عزيز جمال أكدت ذلك، فمع سؤال محامي المتهم دلال وهاب حول تلقي الخزينة الرئيسية لكتابات بنكية دون إرفاقها بأموال قال أكلي يوسف حرفيا "نعم، تلقينا كتابات من وكالة المذابح، ووهران والحراش" وهي الوكالات الثلاث التي عرفت أكبر الثغرات المالية بعد الخزينة الرئيسية قبل أن يضيف في إجابة على سؤال نفس المحامي حول بقاء هذه الكتابات أم أنها دون أي قيمة من الناحية المحاسبية قائلا "عندما وصلتني الكتابات، كان يكتب عليها بأنها بطلب خاص من الرئيس المدير العام عبد المؤمن خليفة وأخبرته مرارا بأنني أستقبل كتابات بنكية بين الوكالات، دون تلقي المال، من الحراش، المذابح، ووهران، فقال لي اتركها مؤقتا". القاضي عنتر: هل كان خليفة يعيش في مدينة أفلاطون الفاضلة؟! «وعندما تتم تسوية الخزينة الرئيسية نقوم بتسوية جميع تلك العمليات دون أن أعرف وجهة هذه الأموال" قبل أن يقوم محامي دفاع الفتى الذهبي نصر الدين لزعر بتوجيه سؤال للمتهم قائلا "هل من المعقول أن تقوم بإرسال أموال والتوقيع على كتابات دون أن تستلم وثائق بإرسالها أو وصولات استلام، الدنيا فيها موت وحياة ألم تكن تحسب حساب وفاة عبد المؤمن خليفة مثلا؟" ليستطرد قائلا "هل تعتقد أنك كنت تعيش في مدينة أفلاطون الفاضلة حتى تسلم أموالا للجميع؟" قبل أن يستطرد القاضي عنتر منور مقاطعا المحامي "هل تقصد مدينة أفلاطون الفاضلة؟" ليقول "نعم هل كان عبد المؤمن خليفة يعيش في مدينة أفلاطون الفاضلة؟" لينفجر ضاحكا حول تعليق المحامي لزعر، ليجيب الشاهد أنه لم يضع الموت في حساباته في ذلك الوقت لأنه كان يتلقى أوامر من مديره ليقوم بتنفيذها مباشرة في وقت أكد فيه شاهد آخر أنه كان يسلم المال مقابل قصاصات ورقية عليها ختم الخليفة دون التأكد من مصدرها ووجهة المال الخارج من وكالته.