شهدت عدّة أحياء وسط مدينة غرداية أمس وليلة أول أمس، مواجهات عنيفة بين مجموعات شبانية محسوبة على العرب والميزابيين، حيث خلفت الصدامات التي تطورت لاحقا لاشتباكات مع وحدات التدخل التابعة للأمن الوطني عشرات الجرحى بينهم أعوان حفظ النظام، كما أسفرت عن غلق شبكة طرقات محورية قريبة من الأحداث لتفادي توسع رقعة العنف. وقد لجأت قوات الأمن إلى استعمال القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتشابكين، فيما تم إعادة نشر جهاز أمني مكثف لقوات مكافحة الشغب والشرطة مدعما بوحدات التدخل للدرك الوطني بمختلف "الأحياء الساخنة". وشهدت أحياء مرماد وبابا ولجمة وسالم أوعيسى والعين وسط المدينة مشاحنات خطيرة بين شباب ملثمين من الطائفتين، استعملت فيها القنابل الحارقة والحجارة وقضبان الحديد. وكشف أحد المنتخبين المحليين عن إصابة العديد من الأشخاص بجروح من بينهم أعوان من قوات حفظ النظام، الذين وصلوا في تعزيزات أمنية إلى المكان للفصل بين الطائفتين المتخاصمتين. وقام مثيرو الشغب بوضع متاريس باستخدام الحجارة إلى جانب حرق إطارات العجلات المطاطية، لعرقلة حركة السير على مستوى الطريق الرئيسي، ومنع وصول قوات حفظ النظام التي لجأت إلى استخدام القنابل المسيلة للدموع، لتفريق هؤلاء الشباب ومنع أي تجمع لمثيري الشغب. وتم تخريب وحرق مرافق وممتلكات عمومية وحرق مساكن وسيارات. وقال مصدر أمني محلي إن الشرطة اعتقلت أمس 10 أشخاص متورطين في الأحداث التي خلفت، حسبه، دمارا في محلات الحي، مشيرا إلى أن مجموعة من المالكيين العرب دخلوا حي الإباضيين وحاولوا اقتحام محلاتهم المغلقة ليلا، فخرج ميزابيون من منازلهم لمواجهة الاعتداء. وعاد الهدوء نسبيا إلى المدينة في منتصف نهار أمس، بعدما انتشر رجال الأمن بكثافة في كل الأحياء التي تعد بؤر توتر. وتعرض نحو 14 محلا ذا طابع تجاري وسكني لأعمال الحرق بعدد من أحياء المدينة التي تبذل بها وحدات قوات مكافحة الشغب جهودا لوقف هذه الاشتباكات باستعمال قنابل مسيلة للدموع. ولم تتمكن العديد من العائلات من الرحيل إلى منازل أخرى لأقاربهم متواجدة بأحياء أخرى أكثر هدوءا وذلك خوفا من تعرضها إلى المواد الحارقة. وعلمت "البلاد" أن والي غرداية ورئيس الدائرة قد باشرا أمس الاتصالات لتهدئة الأوضاع، حيث شهد مقر الدائرة سلسلة من اللقاءات بين أعيان ومشايخ وأعضاء في المجالس المنتخبة من أجل التوصل لاتفاق تهدئة. وطالب تجار ومتضررون بالتعويض عن الخسائر الفادحة التي لحقت بهم جراء عمليات التخريب والنهب التي مست عشرات المحلات ومراكز الخدمات، ولم تسلم منها حتى البيوت وبعض المرافق العمومية، وقد بدأت لجنة من التجار في حصر خسائر القطاع التجاري وممتلكات المواطنين. ويطالب ممثلون عن الضحايا سواء من التجار أو من أصحاب السكنات المحروقة والمخربة برفع قيمة إعانة الدولة، وتساءل بعض أصحاب البيوت المخربة والمحروقة كيف يمكن لأسرة أن تعود إلى منزل تم تخريبه بالكامل ونهبت محتوياته وأحرقت بإعانة من الدولة لا تزيد قيمتها عن 70 مليون سنتيم؟..