وجّه أصحاب القرار في الجزائر نهاية الأسبوع رسائل سياسية قوية، تؤكد أن البلاد على أبواب مرحلة جديدة، تحمل من الصعوبات ما يدعوها لتقوية حزبيها.. جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وكلاهما ينهلان من وعاء التيار الوطني الذي يستمد خطابه السياسي من الشرعية الثورية التي تعتبرها السلطة مرجعيتها السياسية والتاريخية الأولى، وترجمت رسالة المرادية التي زكّت عمار سعداني أمينا عاما لعهدة ثانية قرار تقوية الآفلان، بوضعها القيادة الحالية في الإطار الشرعي الذي يحظى بالدعم والاعتراف . دخول الرئيس الشرفي لحزب جبهة التحرير الوطني على خط المؤتمر العاشر للعتيد، وتزكيته رئيسا فعليا للحزب من قبل المؤتمرين والإجماع الحاصل بشأنه من المركزيين سواء جناح سعداني أوبلعياط، يؤكد مرة أخرى حجم الاهتمام الذي يوليه أصحاب القرار لمستقبل العتيد، أوالجهاز المركزي الذي يجمع غالبية أطياف ومكونات السلطة، وهوالواجهة الحقيقية لكافة المشاريع السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تقرر على مستوى الرئاسة والحكومة . وفي خيارات أصحاب القرار ورقة أخرى اسمها "الأرندي"، هذا الحزب الذي ولد كبيرا في تشريعيات 1997 التي طالها التزوير الممنهج بشهادة رئيس لجنة التحقيق فيها مصطفى معزوزي الذي اختفى بأوراق لجنته "حفاظا على الجزائر" كما قال، الأرندي هوالعجلة الثانية لدراجة السلطة إذن، ونظام وآليات إدارة حزب الإدارة أكثر انصياعا وانضباطا من العتيد المعروف بتناقضاتها وأجنحته المتعددة وهي ظاهرة تستمد وجودها من مؤتمري الصومام وطرابلس، لذلك يعتبر التجمع الوطني الديمقراطي الورقة الرابحة التي تستعملها السلطة في مراجعاتها عندما تسري الضبابية على الوضع في الآفلان، ويمثل أحمد أويحيى الصورة الحقيقية للتجمع الوطني الديمقراطي، فهويتعامل مع أصحاب القرار كالحمل الوديع، لا يعلّق، لا ينفعل، لا يسبتق الأحداث، صاحب رؤية ثاقبة وكاريزماتية نادرا ما نجدها في رجال السياسة عندنا، أويحيى هوالإبن المطيع للسلطة عموما والنظام خصوصا، لذلك لا يمكن فصل استقالة عبد القادر بن صالح عما يدور أويُحضّر للحزب العتيد، لأن عربة السلطة لا يمكن لها السير بعجلة واحدة . لكن لماذا اختار أصحاب القرار هذا الوقت بالذات لإخراج أوراقهم بشأن "مرحلة " قادمة؟ لن نذهب بعيدا، هوالشعار الجديد للسلطة التي لا تريد السعي نحوحلول يمكن أن تكون غير محسوبة النتائج، فقد كشفت تجربة التحالف الرئاسي حجم المخاطر التي يمكن أن يحملها ذلك على "استقرار" السلطة، وما يحمله "جلب" حلفاء من خارج العائلة السياسية من متاعب، لذلك فإن الأفلان والأرندي هما الذراعين القويين للسلطة في المرحلة القادمة، وهي مرحلة تفرضها عوامل داخلية وخارجية، الأولى مرتبطة بالرئاسة والثانية بما تحمله رياح الأزمة الاقتصادية من مخاطر على الوضع الاجتماعي في البلاد، فضلا عن الوضع الأمني المحيط بنا والذي يتطلب ترتيبات خاصة على كافة المستويات وهوما تسعى السلطة على ما يبدولتأمينه، لتبقى السيناريوهات الحقيقية خاضعة لتطورات بعضها من فعل أصحاب القرار وبعضها الآخر خارج عن إرادتهم .