تمنح نتائج الانتخابات التشريعية ليوم 10 ماي 2012 كما هي، لا كما تطعن في شرعيتها الطبقة السياسية أريحية لحزبي السلطة وتحديدا حزب جبهة التحرير الوطني من أجل التفرغ لتحضير التعديل الدستوري المقرر هذا العام أو مطلع العام القادم على أكثر تقدير. فالأغلبية التي عادت لحزبين تعتبرهما السلطة من الأدوات التي تمنحها الشرعية السياسية والشعبية لواجهة الحكم ستؤدي إلى إخراج تعديل دستوري يتوافق والنظرة السياسية للحزب العتيد ومن وراءه ونقصد الأطراف القوية في منظومة الحكم بالجزائر. تعديل الدستور رهان سياسي قوي يمهد الطريق لإجراء انتخابات رئاسية «سلسة» دون تعقيدات البحث عن الحلفاء لتزكية مترشح مثلما قامت به السلطة عام 1999، فهذه المرة كل الأدوات بيدها للسير بهدوء من خلال الأرقام التي أمامنا نحو الرئاسيات التي ستكون جبهوية بناء على هذه النتائج التي شكلت مفاجأة لجميع المراقبين وحتى لأكثر الملاحظين تفاؤلا بأن يحصد العتيد أكبر قدر ممكن من المقاعد البرلمانية. كما أن الحصة المتواضعة التي حازها التجمع الوطني الديمقراطي الذي تم تأسيسه على خلفية إيجاد قاعدة خلفية يمكن الاستناد إليها في حالة ما إذا احتاجت السلطة لبديل سياسي لحزب جبهة التحرير الوطني، تعكس النظرة السياسية الحالية لأصحاب القرار نحو الدور المستقبلي المحدود للأرندي وتحديدا للوزير الأول أحمد أويحيى الذي لا يغيب اسمه عند الحديث عن أي رئاسيات مستقبلية، وبرغم أن أويحيى صرح في أكثر من تجمع شعبي أثناء الحملة الانتخابية أن الأرندي مع عهدة رئاسية رابعة في وقت بدأ الغموض والتردد يلف موقف الأفلان، فإن القائمين على ترتيب الطريق نحو التعديل الدستوري ورئاسيات 2014 التي قد يترشح لها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أو أحد المحسوبين على الدائرة الرئاسية الضيقة، هؤلاء استبعدوا تماما أويحيى وما يمثله من تيار سياسي أو قوى أخرى في دائرة الحكم من حسابات المرحلة القادمة. كما أن الحصة المتواضعة التي حصل عليها الأرندي في هذه التشريعيات تشير إلى محدودية المهام التي ستوكل إليه إلى غاية تشريعيات 2017، تماما مثلما أمّن الأفلان للأرندي طريق الحكم من تشريعيات 1997 إلى 2002، وهذا ما يسمى في مفهوم الحزبين أو السلطة عموما التداول على السلطة داخل العائلة السياسية الواحدة. لكن تبقى هذه القراءة معزولة عما يمكن أن تفرزه تفاعلات وردود الأفعال السياسية عن نتائج التشريعيات التي أشرفت عليها السلطة وسط ضمانات تقول الأحزاب إنها لم تتجسد في النتائج المعلن عنها، لذلك فإن مهمة السلطة الحالية هي الدفاع عن نتائجها وإقناع الرأي العام بشرعيتها.