تسعى حكومة نيكولا ساركوزي لانتهاج سياسات جديدة تجاه المهاجرين بفرنسا، تنصب أساسا في إطار تقليص نسبة البطالة من خلال توفير مناصب شغل للوافدين وفق ما ستتضمنه الصيغ المطروحة للنقاش على مستوى مصالح إيريك بيسون. وكشفت مصادر موثوقة من وزارة الهجرة الفرنسية ل''البلاد'' أن ''الحكومة تتجه إلى مناقشة إجراءات جديدة من شأنها تخفيض نسبة البطالة في أوساط المهاجرين، بمن فيهم القادمون من الجزائر، وذلك كخطوة هامة لتأطير نشاط هذه الفئة ومنحها فرصة للتعايش في المجتمع الفرنسي''. وتأتي هذه التدابير الجديدة كمحاولة لإزالة الشوائب المترسبة على السياسة الساركوزية تجاه المهاجرين، والتي اقترنت في أغلب الأحيان بمفهوم ''العداء'' المجاني لمختلف الجاليات الموجودة على التراب الفرنسي، وهو الأمر الذي شبهه رئيس الوزراء السابق، ميشال روكار، بنظام فيشي الفاشي وبالنازية العنصرية، والدليل أن صانع القرار بقصر ''الإليزيه'' عرف بهندسته للسياسة الفرنسية المتعلقة بالهجرة منذ أن شغل منصب وزير الداخلية عام ,2002 حيث دعا إلى تبني الهجرة الانتقائية لاستنزاف الأدمغة والكوادر، رسم نظام الحصص السنوية لاستقدام احتياجات بلاده من يد عاملة متخصصة، وصولا إلى العمل على إسقاط الجنسية عن الفرنسيين المنحدرين من أصول أجنبية في حالة تطاولهم على الدولة. وستؤثر هذه الليونة في حالة تجسيدها الفعلي على أثقل الملفات وزنا في ميزان القوى السياسية بفرنسا، باعتبار أن مقاربة ساركوزي تقوم على ملف الهجرة الذي تحول إلى ورقة رابحة للوصول إلى كرسي الرئاسة، وتغيير خطابه ''الراديكالي'' المحسوب على اليمين المتطرف المعادي للمهاجرين، يعني أنه رفع الرهان لكسب رئاسيات 2012 من خلال عقد ''الصلح والتصالح'' مع الجالية الموجودة بفرنسا التي تتصدر قائمة الدول الأوروبية في استقبال المهاجرين. من جهة أخرى، أفادت دراسة حديثة أجراها المعهد الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية، بالتنسيق مع المعهد الفرنسي للدراسات الديمغرافية، بأن وضعية المهاجرين الجزائريين بفرنسا غير مطمئنة مقارنة بباقي الدول الأخرى، إذ أفضت نتائج البحث المعلن عنها أمس إلى أن ''أزمة البطالة تهدد المهاجرين الجزائريين بمعدل الضعف مقارنة بالجاليات الأخرى''. كما كشف التقرير ذاته عن وجود تباين في احتساب عدد ساعات العمل لدى جنس الذكور، بنسبة قدرت بنحو 10 بالمائة بين الجالية الجزائرية ونظرائها من الدول المختلفة، في حين بلغت نسبة المهاجرين الجزائريين الذين أنهوا دراساتهم بين 2008 و2009 ب25 بالمائة.