أحدثت الإجراءات الجديدة التي ستعتمدها فرنسا لدراسة ملفات الجنسية، التي كشف عنها أمس الأول، وزير الهجرة الفرنسي ايريك بيسون، والتي تحدد آليات منح الجنسية الفرنسية، ضجة وسط الكثير من المهاجرين خصوصا الجزائريون الذي يمثلون أكبر نسبة، خاصة وأن هذا القرار يهدد أكثر من مليون جزائري بالترحيل من فرنسا كما أنه يهدف للتضييق عليهم عن طريق ضوابط بيروقراطية. وحسب القانون الحالي، فالأجنبي الذي تتوفر فيه شروط الحصول على الجنسية، ينتظر مدة طويلة قبل معرفة ما إن تمت تلبية طلبه أم لا، إذ يتم دراسة ملفه على مستويين، في مقر المحافظة أولا ثم وزارة الهجرة. ويريد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، عبر قناة وزيره للهجرة ايريك بيسون، تعديل القانون لتكون بموجبه المحافظة أكثر نفوذا فيما تكتفي الوزارة بدور رقابي، مؤكدا أن العمل بالنظام الجديد سيبدأ بحلول السنة المقبلة عبر 20 مركزا. نقابة المهاجرين بفرنسا تبدي قلقها تجاه الإجراء وتصفه ب "العنصري" وبادرت بعض النقابات باحتجاجها على القرار معتبرة أنه سيكون غير عادل في دراسة الطلبات في مكان واحد، أي بوزارة الهجرة، حيث ستوزع على أكثر من 100 مركز محافظة لدراستها وإصدار قرار بشأنها. وعبّرت بعض الحركات والجمعيات التي تنشط ضد العنصرية، عن "انشغالها العميق" بعد الإعلان عن إصلاح الإجراء الخاص باكتساب الجنسية الذي عرضه الوزير الفرنسي. وتبرر الجمعيات احتجاجها عن القرار بأنه يرمي إلى رفع الطابع "اللامركزي" على القرار المتعلق بطلبات اكتساب الجنسية، مشيرة إلى أنه عند دخول هذا الإصلاح حيّز التنفيذ سيعود القرار إلى الولاة ويصبح تابعا لمصلحة مركزية ومختصة تتمثل في المديرية الفرعية لطلبات اكتساب الجنسية. ونددت الحركات بهذا الإجراء الذي قد يتسبب في فوارق في المعاملة طبقا للإتجاه السياسي أو الإيديولوجي الذي بني عليه القرار. كما اعتبرت أن الإجراء الذي عرضه إيريك بيسون "يفتح المجال للظلم كون هذا الأخير سيبدأ على مستوى تماطل الإجراءات الذي تم تسجيله حاليا والذي قد يتفاقم بسبب هذا الإجراء الجديد". كما أعرب بعض المهاجرين الجزائريينبفرنسا عن تخوفهم من تجذر الفوارق التي تم تسجيلها من خلال هذا القرار وكشفوا أنهم ينددون ب"هذا الخطر" مطالبين بتطبيق "المبدأ الجمهوري للمساواة على كافة الأشخاص الراغبين في اكتساب الجنسية الفرنسية والإعتراف بحقوق المواطنة للجميع". ساركوزي يسير على خطى جيسكار ديستان ويجدر الذكر أن هذا الإجراء جاء مشابها الى حد بعيد لسيناريو قام بإخراجه في 1974 الرئيس الفرنسي آنذاك فاليري جيسكار ديستان، حين أغلق باب الهجرة بنفس الكيفية وبقرار مشابه لقرار ساركوزي، إذ وبنفس المعطيات الحالية ومع أول أزمة عالمية اقتصادية وارتفاع حصة المهاجرين إلى نسبة كبيرة، أدرك فاليري صعوبة تجسيد سياساته الاقتصادية. واقترح آنذاك ترحيل نحو 500 ألف مهاجر معظمهم من الجزائريين للحد من تأثير الإنكماش الإقتصادي على فرنسا. وفي التسعينيات، جاء قرار مشابه يطلب تجنيسا محافظا من أبناء المهاجرين الراغبين في الجنسية الفرنسية وأن يخطوا خطوات إيجابية تظهر تعلقهم بالانتماء الى فرنسا. فرنسا تواصل تشديدها في منح الجنسية والحق ميل فرنسا إلى التشدد في منح الجنسية الفرنسية تعاظم منذ السبعينيات، فهي رهنت حيازة الأجانب وخصوصا الجزائريين منهم، الجنسية بمستوى اندماجهم الثقافي ؛ إذ في جوان 2008، رفضت أعلى الهيئات القضائية بفرنسا تجنيس بعض الجزائريات بحجة ارتدائهن الحجاب رغم زواجهن من فرنسيين منحدرين من مهاجرين جزائريين، وبذريعة أخذهن بفريضة دينية متشددة لا تتماشى مع مبادئ المجتمع الفرنسي. كما يأتي هذا الإجراء بعد أن رفضت الجزائر التوقيع على اتفاق شبيه بذلك وقعته تونس مع فرنسا بخصوص الهجرة ويقضي بتحديد "حصة" هجرة تقدر بنحو 5 آلاف مهاجر سنويا تقبلهم فرنسا في هذا الصدد.