تتواصل عروض الطبعة الثانية لمهرجان الجزائر الدولي للمسرح المحترف بثلاثة مسرحيات تقدم اليوم، أولاها ''في البدء كانت الكلمة'' لفرقة ''أرسينولدر'' البلجيكية التي تعرض مساء اليوم ابتداء من الساعة الثالثة بالمسرح الجهوي لبجاية، حيث يناقش هذا العرض بجرعة من الدعابة والسخرية السوداء؛ المراحل المتعاقبة في الصراع العربي الإسرائيلي، ومختلف خلافات العرب فيما بينهم. وذلك منذ تطبيق خطة تقسيم فلسطين عام 1947 إلى يومنا هذا، فيما تدور وقائع المسرحية في مقر الأممالمتحدة. وترتكز مسرحية ''في البدء كانت الكلمة'' التي أخرجها ''كريستوف كوتيريت''، على ثلاثة مقومات في الشكل وهي ''السينوغرافيا'' الواسعة، على الرغم من بقائها تحت سلطة المكان في أروقة الأممالمتحدة، والأداء اللافت للممثلين، إضافة إلى البحث. ورغم أن ''السينوغرافيا'' لم تتمكن من رفع العمل المسرحي إلى مستويات الابتكار، إلا أن اللعب مع العين والعقل يبدو واضحا من خلال تغييب أي انحياز عاطفي. وإن أشار العمل إلى إسرائيل وبعض تفاصيل اجتياحها للبنان ومجزرة صبرا وشاتيلا تحديدا، ذلك أن العرض لا يحمل أي بعد تراجيدي مبتكر أو مؤسس على تراجيديا الواقع الجاهزة، لذلك يبدو واضحا أنه ركز على الواقع الغني، المريب والمثير..وهو واقع الغليان منذ منتصف القرن العشرين حتى أواخره ''أوسلو ,''1993 مرورا بالفترتين الناصرية والساداتية، بما يتخلل ذلك من إعلان قيام منظمة التحرير الفلسطينية على يد الشقيري، ومن ثم دخول ياسر عرفاتالأممالمتحدة أوائل السبعينات بمقولته الشهيرة ''فلا تسقطوا غصن الزيتون الأخضر من يدي''، وتوقيع اتفاقية ''كامب ديفيد'' سنة 1978 بين أنور السادات وميناحيم بيغن واجتياح لبنان، ومن ثم اتفاق السلام في ''أوسلو'' 1993 الموقعة بين عرفات وإسحاق رابين بمباركة بيل كلينتون. من ناحية أخرى، تعرض مساء اليوم بقصر الثقافة مفدي زكريا في العاصمة، مسرحية ''مخيم'' لفرقة ''محترف بغداد'' العراقية، وذلك ابتداء من الساعة الثالثة، فعلى مدار خمسين دقيقة، يحاول هذا العرض كيف يفكر العراقيون في البحث عن ملاذ آمن للعيش بعدما تتحول بلداننا إلى مقابر جماعية، حيث يريد البعض أن يكون ذلك الملاذ دائما بينما يريده الآخر مؤقتا لأن بغداد بالنسبة إليه كالنائم بالإنعاش يراقبها من بعيد على أمل أن تستقر حالتها فيعود. وتظهر مشاهد المسرحية رجل وامرأة لا يعرفان بعضهما البعض لكن المشاكل المشتركة تجعلهم شركاء في الحياة والموت. وتختتم عروض اليوم بمسرحية ''نزهة في الغضب'' للمسرح الوطني الجزائري، وذلك ب''قاعة مصطفى كاتب'' بالمسرح الوطني ابتداء من الساعة السابعة والنصف، وهي من اقتباس نبيل عسلي وإخراج جمال قرمي. واقتبس نص المسرحية عن نصيين عبثيين، الأول للكاتب الإسباني ''فرناندو أرابال'' والثاني عن سيناريو ''الغضب'' للكاتب الروماني ''أوجين يونيسكو''، حيث يشرح الأول الحرب بأسلوب ساخر وهزلي، أما الثاني فلا يقل سخرية عن الأول.