محمد خوان يتحادث مع رئيس الوفد الإيراني    هذه توجيهات الرئيس للحكومة الجديدة    النفقان الأرضيان يوضعان حيز الخدمة    رواد الأعمال الشباب محور يوم دراسي    توقيع 5 مذكرات تفاهم في مجال التكوين والبناء    الصحراء الغربية والريف آخر مستعمرتين في إفريقيا    مشاهد مرعبة من قلب جحيم غزّة    وفاق سطيف يرتقي إلى المركز الخامس    على فرنسا الاعتراف بجرائمها منذ 1830    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر    الخضر أبطال إفريقيا    ضرورة التعريف بالقضية الصحراوية والمرافعة عن الحقوق المشروعة    300 مليار دولار لمواجهة تداعيات تغيّر المناخ    فلسطينيو شمال القطاع يكافحون من أجل البقاء    بوريل يدعو من بيروت لوقف فوري للإطلاق النار    "طوفان الأقصى" ساق الاحتلال إلى المحاكم الدولية    وكالة جديدة للقرض الشعبي الجزائري بوهران    الجزائر أول قوة اقتصادية في إفريقيا نهاية 2030    مازة يسجل سادس أهدافه مع هيرتا برلين    وداع تاريخي للراحل رشيد مخلوفي في سانت إيتيان    المنتخب الوطني العسكري يتوَّج بالذهب    كرة القدم/كان-2024 للسيدات (الجزائر): "القرعة كانت مناسبة"    الكاياك/الكانوي والبارا-كانوي - البطولة العربية 2024: تتويج الجزائر باللقب العربي    مجلس الأمة يشارك في الجمعية البرلمانية لحلف الناتو    المهرجان الثقافي الدولي للكتاب والأدب والشعر بورقلة: إبراز دور الوسائط الرقمية في تطوير أدب الطفل    ندوات لتقييم التحول الرقمي في قطاع التربية    الرياضة جزء أساسي في علاج المرض    دورات تكوينية للاستفادة من تمويل "نازدا"    هلاك شخص ومصابان في حادثي مرور    باكستان والجزائر تتألقان    تشكيليّو "جمعية الفنون الجميلة" أوّل الضيوف    قافلة الذاكرة تحطّ بولاية البليدة    على درب الحياة بالحلو والمرّ    سقوط طفل من الطابق الرابع لعمارة    شرطة القرارة تحسّس    رئيس الجمهورية يوقع على قانون المالية لسنة 2025    يرى بأن المنتخب الوطني بحاجة لأصحاب الخبرة : بيتكوفيتش يحدد مصير حاج موسى وبوعناني مع "الخضر".. !    غرس 70 شجرة رمزياً في العاصمة    تمتد إلى غاية 25 ديسمبر.. تسجيلات امتحاني شهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا تنطلق هذا الثلاثاء    مشروع القانون الجديد للسوق المالي قيد الدراسة    اختتام الطبعة ال14 للمهرجان الدولي للمنمنمات وفن الزخرفة : تتويج الفائزين وتكريم لجنة التحكيم وضيفة الشرف    صليحة نعيجة تعرض ديوانها الشعري أنوريكسيا    حوادث المرور: وفاة 2894 شخصا عبر الوطن خلال التسعة اشهر الاولى من 2024    تركيب كواشف الغاز بولايتي ورقلة وتوقرت    تبسة: افتتاح الطبعة الثالثة من الأيام السينمائية الوطنية للفيلم القصير "سيني تيفاست"    "ترقية حقوق المرأة الريفية" محور يوم دراسي    القرض الشعبي الجزائري يفتتح وكالة جديدة له بوادي تليلات (وهران)        مذكرتي الاعتقال بحق مسؤولين صهيونيين: بوليفيا تدعو إلى الالتزام بقرار المحكمة الجنائية    مولوجي ترافق الفرق المختصة    قرعة استثنائية للحج    حادث مرور خطير بأولاد عاشور    وزارة الداخلية: إطلاق حملة وطنية تحسيسية لمرافقة عملية تثبيت كواشف أحادي أكسيد الكربون    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واشنطن بوست: هل سينهار الاتحاد الأوروبي؟ 7 أسئلة تخبرك كل شيء
نشر في البلاد أون لاين يوم 10 - 07 - 2015

بعد 5 سنوات من محاولات الإنقاذ، معارك الموازنة والاقتصاد المتداعي، يبدو أن اليونان في طريقها كي تكون الدولة الأولى التي تغادر منطقة اليورو.
إذا كان يبدو أنك قد سمعت خلافا حول هذا الأمر لفترة من الزمن، أنت على حق. ولكن هذه المرة قد يكون الأمر مختلفا، فيبدو أن كل التوقعات السيئة التي كان الناس قلقين من حدوثها قد بدأت تحدث الآن، فالحكومة اليونانية، وخلال الأسبوع الماضي قد فوتت موعدا لسداد أحد استحقاقات الدين الحيوية لصالح صندوق النقد الدولي، وأجبرت البنوك في البلاد على الإغلاق إثر ذلك.
في يوم أمس الأحد، صوت اليونانيون، للغرابة، بفارق ملحوظ، لرفض مطالب التقشف الأوروبية التي كانت تعني المزيد من المساعدات المالية لليونان. البنوك في البلاد الآن تبدو عرضة لخطر الانهيار الوشيك، وربما تجبر البلاد على مغادرة الاتحاد النقدي التاريخي (اليورو).
فكيف وصلنا إلى هذه المرحلة، وماذا يعني هذا بالنسبة لليونان وأوروبا وبقية الاقتصاد العالمي؟، الجواب القصير بلغة النقد( العملات) فإن الأمر أشبه بيوم القيامة، حيث سيتحول الركود إلى كساد، إلا أن الأمر لا يجب أن يكون نهاية العالم، أما عن الإجابة المفصلة، فحسنا، هذه هي:
أولًا: ما هو الوضع في اليونان الآن؟
في الاستفتاء الذي انتهى عند منتصف نهار الأحد بتوقيت الشرق، رفضت اليونان حزمة التقشف التي أصر القادة الأوروبيون أن البلاد يجب أن تنفذها في مقابل استمرار المساعدات المالية، مع إجمالي نسبة تصويت بلغت 90%، حيث رفض 61% من المشاركين البرنامج الأوروبي.
وكان التساؤل الذي أورده الاستفتاء كالتالي:
هل ترى أنه يجب قبول العرض المقدم من قبل المفوضية الأوربية والبنك المركزي الأوربي وصندوق النقد الدولي في مجموعة اليورو بتاريخ 25 يونيو 2015 والذي يتألف من جزأين يشكلان معا اقتراحا شاملا؟. وجاءت الوثيقة الأولى تحت عنوان «الإصلاحات اللازمة لاستكمال البرنامج الحالي وما بعده». أما الوثيقة الثانية فحملت عنوان «تحليل أولي للديون المستدامة».
وكان جوهر النقاش يتمحور حول ما إذا كانت اليونان عليها أن تنفذ برنامج التقشف بشروطه الأوروبية أم بشروطها هي، بعبارة أخرى، هل ستكون اليونان مضطرة إلى خفض كبير في الإنفاق الاجتماعي كما يريد الأوروبيون أم أنه يمكن تقليل العجز من خلال زيادة الضرائب كما يقترح اليونانيون؟
«سيريزا»، الحزب اليساري الذي أتى إلى السلطة هذا العام على خلفية رسائل مضادة لبرنامج التقشف (في الانتخابات التي أجريت في يناير الماضي حصل الحزب على 149 مقعدًا بالبرلمان من مجمل 300 مقعدًا. للحصول على الأغلبية في البرلمان يجب أن يحصل الحزب على 151 مقعدًا، ولتلافي هذه المعضلة فقد عقد سيريزا تحالفًا سياسيًا مع حزب اليونانيين المستقلين الرافض أيضًا لإجراءات التقشف الاقتصادية التي فرضت على البلاد من قبل الاتحاد الأوروبي) ، وراهنوا بنجاح على أن اليونانيين سوف يرفضون مطالب أوروبا، في الوقت الذي توقع فيه الكثيرون أن اليونانيين لن يكون بإمكانهم الرفض، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن اليونانيين، وإن كانوا لا يفضلون البرنامج الأوروبي، إلا أنهم قد عارضوا طويلا الانسحاب من منطقة اليورو.
ولكن يوم أمس الأحد أعطت اليونان جوابها شبه النهائي وهو أنها تريد أن ترسم مسارها الخاص.
الآن «سيريزا» سوف يكون له اليد الأقوى على طاولة المفاوضات، ولكنه الطرف الذي سيكون عليه عبء الانتقال بالبلاد عبر أزمة مالية وبشرية مؤلمة، هذه المقامرة سوف تشكل اقتصاد أمة تعدادها أكثر من 11 مليون نسمة ربما لأكثر من جيل.
ثانيًا: ما هي الخطوة التالية إذًا؟
في حال كان اليونانيون قد اختاروا التصويت بنعم للخطة الأوروبية، فإن اليونان كانت على الأرجح ستتجه نحو انتخابات جديدة ، فأوروبا في الواقع لا تثق في «سيريزا» لتنفيذ خطة التقشف، وبعدذلك ربما كانت المفاوضات ستستمر على نفس المنوال كما كان يحدث من قبل.
الآن، ربما يظن «سيريزا» أنه نجح في تعزيز موقفه في وجه أوروبا، ولكن همته سوف تتعرض للاختبار سريعا. وأول ردود الأفعال المنتظرة سوف تكون من البورصات الآسيوية التي ستفتح أبوابها في وقت متأخر يوم الأحد وتشير التوقعات المستقبلية للأسواق إلى أننا سوف نشهد ليلة غائمة.
لكن يوم الإثنين سيكون هو الاختبار الحقيقي. قد يرفض المستثمرون إقراض اليونان المال بأي ثمن تقريبا، وسوف تفتقر البنوك والحكومة إلى الأموال الضرورية للعمل. وهنا نورد ما كتبه وزير الخزانة الأمريكي السابق «لاري سامرز» في نهاية هذا الأسبوع:
سوف تعاني البنوك اليونانية من نقص شديد في السيولة المالية في وقت مبكر من هذا الأسبوع، ربما يوم الإثنين، وسوف تكون هناك حاجة لتزويدهم بسندات ائتمان (IOU) لتلبية حاجاتهم إلى السيولة بطريقة أو بأخرى، نظرا لأن اليونان لا تتمتع بصلاحية إنتاج اليورو . ما سوف يفعله الأوربيون وما سوف يقرره اليونانيون سوف يحدد بشكل كبير مستقبل اليونان ومنطقة اليورو.
هذا ربما يمنح البلاد بعض الوقت لحين التوصل إلى صفقة ما، وسوف تجري المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» محادثات في باريس يوم الإثنين، وسوف يتم عقد قمة لدول منطقة اليورو يوم الثلاثاء لمناقشة الأزمة. وعلى الرغم من أن «سيريزا» قد نجح في الفوز بنتيجة التصويت، فإنه سوف يواجه ضغوطا للقبول باتفاق أفضل بالنظر إلى كون اليونانيين لا يرغبون في مغادرة منطقة اليورو.
ولكن إذا كان البنك المركزي الأوروبي سوف يتمسك في نهاية المطاف بعدم إعطاء البنوك في اليونان الأموال التي تحتاج إليها، فمن ثم هناك طريقتان فقط لا ثالث لهما للحصول علي المال، وإلا فإنها سوف تتحطم وتحترق. إما الحصول عليها من المودعين أو القيام بطباعتها. ويعرف الخيار الأول ب«خطة الإنقاذ من الداخل» وهو الخيار الذي انتهجته قبرص حين قرر البنك المركزي الأوروبي التوقف عن دعم بنوكها قبل عامين.
وسيكون الخيار الثاني متاحا فقط إذا كان لليونان عملة يمكن طباعتها، وهذا ليس متوفرا حتى الآن، فاليونان تتعامل فقط عبر اليورو، ولذا فإن اليونان سوف تكون مجبرة على التخلي عن اليورو، وإعادة «الدراخما» إذا أرادت إعادة رسملة بنوكها عن طريق المطبعة. كلا الخيارين مؤلم بالطبع، لكن الخيار الافتراضي الأخير مع تخفيض قيمة العملة سوف يكون أقل ضرراعلى الاقتصاد على المدى البعيد.
في ملخص بحثي نشرته مؤسسة بحثية تدعى مجموعة أكسفورد الاقتصادية في 3 يوليو، ورد أن احتمالية أن تقوم اليونان بمغادرة منطقة اليورو تبلغ حوالي 85% في حال التصويت ب«لا»، بعد ظهر يوم الأحد، بعد الاستفتاء، قالت البنوك الكبرى بما في ذلك جي بي مورغان تشيس وبنك باركليز أن توقعاتهم تشير الآن إلى خروج اليونان من منطقة اليورو.
(1)الخطة الأولى ستكون سن تشريعات تضمن تحويل كل الأصول والاستحقاقات المالية وجميع العقود التجارية واتفاقات الأجور من اليورو إلى الدراخما وفقا لقاعدة 1:1 (1يورو = 1 دراخما) ، وسوف تحتاج البنوك إلى الإغلاق لبضعة أيام وربما أكثر حتى يكون بإمكانها إعادة برمجة أنظمتها، وسيضمن التشريع أيضا ملاحظات بشأن إدخال أوراق الدراخما وقطعها النقدية إلى التداول خلال أقصر فترة زمنية ممكنة ربما لا تتجاوز 6 أشهر.
(2)بمجرد أن تفتح البنوك أبوابها ويتم التداول على الدراخما فإنها سوف تتعرض للتعويم وستنخفض قيمتها بكل تأكيد. وسوف تتعرض لتقلبات كبرى قبل أن تتجه نحو الاستقرار. من الصعوبة بمكان التكهن بحجم الانخفاض المتوقع. في تجربة أيسلندا سببت الديون والأزمة المالية العالمية انخفاضا أوليا بلغت قيمته 40% قبل أن يستقر عند 25% . أوراق اليورو والعملات المعدنية المتداولة حاليا في اليونان سوف ترتفع قيمتها. خلال الأشهر التي ستسبق تقديم أوراق الدراخما قطعها النقدية، سوف يستخدم اليورو في عمليات شراء محدودة مع التجار الذين سيتعاملون معه على أساس قيمته السوقية.
الدين الحكومي المستحق لصالح المؤسسات المالية اليونانية سوف يتم تحويله إلى الدراخما وفقا لنفس القاعدة، وسيتعين على هذه المؤسسات أن تقبل الدين الجديد سواء في أصل الدين أو استحقاقات الفائدة، وسوف تعلن الحكومة تعليق باقي ديونها سواء أول الدين أو استحقاقات الفائدة، بما في ذلك ديون بنك اليونان المستحقة للبنك المركزي الأوربي، وسوف تبدأ المفاوضات حول طريقة إعادة هيكلة هذه الديون الغير محولة.
ثالثًا: ما الذي أدى بنا إلى هذه النقطة؟
إنها قصة طويلة، تمتد بجذورها إلى بدايات تشكيل منطقة اليورو ، خمس سنوات من الجهود الفاشلة لوقف الأزمة المتنامية. هناك خبرات متباينة واختلافات جوهرية تبرز الفوارق بين اليونان وألمانيا، العملاق الاقتصادي في أوروبا وصانع القرار الأول. هذين المخططين يوضحان هذه الاختلافات الصارخة:
أولا: بيانات الضرائب الغير محصلة، تظهر البيانات أن ألمانيا لم يكن لديها مشكلة تقريبا فيما يتعلق بقيام دافعي الضرائب بدفع المبالغ المستحقة عليهم للحكومة، في حين يمثل الأمر تحديا كبيرا جدا لليونان. ألمانيا لديها عدد أقل من الديون الضريبية المستحقة من أي بلد آخر في أوروبا، في حين أن اليونان لديها أكثر من أي بلد آخر. هذا الاختلاف لا يساعد فقط ألمانيا على أن تتمتع بموقف أكثر سلامة من الناحية المالية مقارنة باليونان، لكنه أيضا يقدم التناقض الصارخة بين حكومة منضبطة وأخرى عانت مشاكل مع الانضباط عبر تاريخها.
الأمر الثاني هو البطالة، والذي يفسر بوضوح لماذا تريد اليونان السيطرة على مستقبلها. إنها تعاني أسوأ معدلات البطالة في أوروبا، أسوأ حتى من معدلات البطالة في الولايات المتحدة إبان فترة الكساد الكبير، وتتفاقم البطالة بشكل خاص بين العاملين من الشباب. عندما ينظرون أمامهم فيجدون أن شابا بين كل اثنين من اليونانيين يعاني مشكلة البطالة، وهي مشكلة من شأنها أن تلقي بظلالها على الاقتصاد اليوناني لأجيال قادمة، فإن قادة اليونان يودون أن يسلكوا مسارا مختلفا.
وبشكل فوري، تمت الدعوة إلى استفتاء نهاية الأسبوع الماضي من قبل رئيس الوزراء «ألكسيس تسيبراس»، بعد مفاوضات مع الأوروبيين في بروكسل. «الترويكا» التي تضم (المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي) كانت تعطي لليونانيين الأموال التي يحتاجونها للعمل ولكن كان عليهم أن يعيدوها مرة أخرى، صندوق النقد الدولي، على وجه الخصوص، أصر على أن اليونان يجب أن تخفض المعاشات بنسبة 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وقالت اليونان أنها كانت على استعداد لتخفيض نصف هذا القدر فقط وتعويض هذا الفارق من خلال زيادة الضرائب على الشركات. وعندما لم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق، دعا «تسيبراس» إلى للتصويت.
هذا التوجه لم ينتج عنه فقط تصعيد سياسي للأزمة، ولكن تصعيد اقتصادي أيضا، كانت البنوك تسير ببطء شديد خلال الأشهر القليلة الماضية ويكأنها قد التقطت بوادر أنه لن يتم التوصل إلى صفقة. كان الناس مدفوعين بالقلق أن اليونان سوف تكون مجبرة على الخروج من مشروع العملة الموحدة، وأن اليورو القديم سوف يتم استبداله إلى الدراخما اليونانية الجديدة والتي لن تكون بالتأكيد بنفس القيمة.
وعندما لم يتم التوصل إلى اتفاق، اضطرت اليونان إلى إغلاق بنوكها وتحجيم استخدام ماكينات الصراف الآلي بحد أقصى 60 يورو يوميا ومنع الناس من تحريك أموالهم إلى الخارج بدافع من الهلع. ثم أعلنت اليونان أنها سوف تتخلف عن دفع 1.5 بليون يورو مستحقة لصندوق النقد الدولي. لم يكن ذلك مفاجئا. اليونان لم يكن لديه هذا المبلغ. في الواقع لم يكن لديه أي شيء، لقد صار منكسرا.
للحظة ما بدا أن المحادثات قد تستأنف في الأسبوع الماضي، كانت حكومة اليونان تتمسك بمحاولة إنقاذ في اللحظات الاخيرة، وكانت أوروبا تقدم تنازلات طفيفة. وفي النهاية أوضحت المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» والدائنين الآخرين أنهم يودون انتظار نتائج الاستفتاء، وأنهم سيعتبرون التصريحات القادمة من «سيزيرا» مجرد تسخين إعلامي، في الوقت الذي يحمل فيه الاستفتاء الخبر اليقين.
رابعًا: ما مدى سوء الأوضاع في اليونان؟
الوضع سيء جدا، فوفقا لتغريدة البنك الملكي الاستكتلندي (RBS)، قد عانت اليونان واحدة من أسوأ التراجعات الاقتصادية في التاريخ الحديث، ولا سيما بالنظر إلى أنها ليست مرتبطة بحالة حرب.
خامسًا: هل سيكون ترك اليونان لمنطقة اليورو كارثة مطلقة؟
من الصعب التنبؤ بما سيجلبه المستقبل وراء المزيد من الكساد. لكن هناك فرضية محتملة أن يكون ترك اليونان لمنطقة اليورو أمرا جيدا بالنسبة إليها، إذا لم يكن كذلك فإن هناك فرضية أقوى أن انضمامها لمنطقة اليورو كان شيئا سيئا من الأساس.
كان اتحاد اليورو بمثابة ضربة محورية في عالم السياسة وتتويجا ل60 عاما من التكامل الأوربي الذي أخذ يتسع شيئا فشيئا، ولكنه كان أيضا "بعبعا" اقتصاديا، ولم يكن من الصعب رؤية ذلك. العديد من الاقتصاديين، بمن فيهم «ميلتون فريدمان» الحاصل على جائزة نوبل، حذروا من أنه لن يجدي نفعا بالنسبة للبلدان ذات الاحتياجات الاقتصادية المختلفة أن تبادل سياسة نقدية واحدة عوضا عن توحيد سياستهم المالية. في كل لحظة سيكون النقد إما متوفرا بشدة أو شحيحا بشدة لدى بعض الأعضاء، في حين لا توجد هناك ضمانات لتحقيق التوازن. وبعبارة أخرى، فإن اليورو كان بمثابة ورق النصب باسم السلام والازدهار الذ جعل هذا الأخير من المستحيل تحقيقه بالنسبة لبعض البلدان.
هذا بالضبط ما حدث في اليونان، في عام 2000 حدثت فقاعة كبيرة بسبب أسعار الفائدة التي كانت منخفضة في ذلك التوقيت، وحدث الإفلاس الكبير في وقتها، والذي يرجع بشكل رئيسي إلى القوة المفرطة للعملة. فمع اقتصاد قوي وحجم ديون أقل، كان من الطبيعي أن ألمانيا تدفع أقل بكثير من أجل الاقتراض، لكن في الواقع فإن المستثمرين تعاملوا مع البيئة اليونانية الخطرة بنفس الشكل الذي تعاملوا به مع ألمانيا لأن كلاهما ببساطة يستخدم اليورو .
والآن، بدلا من أن تكون اليونان قادرة على خفض تكلفة طريقها للعودة إلى المنافسة، إنها تبدو مضطرة إلى اللجوء إلى انكماش اقتصادها، على اليونان الآن اللجوء إلى خفض الأجور، ما يفاقم من مشكلة البطالة، بدلا من خفض قيمة العملة، إنها نفس المشكلة التي خلقها معيار الذهب عام 1930. الفرق، رغم ذلك، هو أن الأوروبيين اليوم أكثر التصاقا باليورو مما كانوا عليه إلى معيار الذهب. لأنهم في هذا التوقيت يجعلونه معادلا للحضارة الغربية ذاتها، ذلك لأن اليورو الآن يعدل مزيجا بين معيار الذهب والسلطة الافتراضية.
سادسًا: ولكن لماذا يهتم الكثيرون باليونان على الرغم من صغر اقتصادها؟
لا يمثل اقتصاد اليونان ما هو أكثر من 2% من اقتصاديات منطقة اليورو، لكن أفضل طريقة للتفكير في كيف يمكن للأشياء الصغيرة أن تصنع فوارق كبرى هو أن نفكر كيف وصلنا إلى هذه النقطة في المقام الأول. الآن عندما تقترض بلد بوفرة، فإن صندوق النقد الدولي يوصي بأن تتم جدولة ديونها وموازنة ميزانياتها وتخفيض قيمة عملتها، الفكرة هنا أنه من غير المجدي أن تطالب دولة ما بمحاولة سداد أكثر مما تستطيع، لكنك تحتاج أيضا إلى مساعدتها في كيفية تحقيق الاستقلال المالي بدلا من الدخول في خطط الاقتراض واحدة تلو الأخرى.
الخدعة هنا أنك على الرغم من كونك مطالب برفع الضرائب وتقليص النفقات، وهما يضران بالاقتصاد، فإنك في الوقت ذاته مطالب بنمو الاقتصاد أيضا، خلاف ذلك، فإن تقلص الدخل القومي قد يجعل من الصعب بالنسبة لك تسديد ديونك حتى وإن كانت قليلة. هذا هو السبب الذي يدفع صندوق النقد الدولي لوصف جرعة كبيرة من التحفيز النقدي (تخفيض قيمة العملة) للتعويض عن الضرر الاقتصادي الناجم عن التقشف المالي. وهي الخطة التي اعتمدت عليها أيسلندا للتغلب سريعا على تقليص موازنتها مقارنة بما يحدث الآن في اليونان.
وهذا بالضبط ما لم يحدث في اليونان، فبعيدا عن التقشف الذي تمت ممارسة قدر كبير منه، ما لم يتم فعله كان تخفيض قيمة العملة أو فعل ما يكفي لتخفيف عبء الديون. وهذا الجزء الأخير هو الخطيئة الأصلية لعمليات الإنقاذ في أوروبا. في عام 2010 اعترف صناع القرار في أوروبا أن منطقة اليورو كانت أشبه ما يكون بصف مرصوص من أحجار الدومينو فقط في انتظار أن يتم طرحها جميعا بدءا من الحلقة الأضعف، إذا تخلفت اليونان عن سداد ديونها، فإن البنوك الفرنسية والألمانية التي قدمت كل ذلك المال قد تفلس أيضا، والبنوك التي قدمت لهؤلاء الأخيرين المال بدورها أيضا. وهكذا،
وليس هذا فقط، فمن الطبيعي أن ينتهي الأمر إلى خروج اليونان من منطقة اليورو، وعند هذه النقطة ستبدأ الأسواق في المراهنة على الحلقة التالية الأضعف في السلسلة، ومن شأن ذلك أن يقوم بالرفع من تكاليف الاقتراض بالنسبة للبرتغال ثم بالنسبة لأسبانيا وهكذا البقية. وبعبارة أخرى لم يتم السماح لليونان بالذهاب إلى هذا المصير من قبل على الرغم من كونه حتميا لأن هذا الأمر يمكن أن يقودنا إلى تفجير متوالية من النبوءات ذاتية التحقق التي بإمكانها أن تسبب انهيار مشروع العملة الموحدة.
ولذلك حصلت اليونان على خطة للإنقاذ في وقت سابق، والتي بلغت حد تزويدها بالمال لإعطائه للدائنين. كان ذلك خبرا جيدا بالنسبة للبنوك الفرنسية والألمانية المذكورة آنفا التي حصلت على أموالها لكنه لم يكن كذلك بالنسبة إلى اليونان، كان لا يزال هناك الكثير من الديون كما كان من قبل، والفارق الآن فقط أنها صارت مستحقة لصالح الدائنين الرسميين مثل صندوق النقد الدولي بدلا من المؤسسات الخاصة مثل البنوك.
والآن، وبعد مرور عامين ، ورغم أن ديون القطاع العام تتم محاسبتها بسعر فائدة أقل وآجال أطول للاستحقاق مقارنة بالمؤسسات الخاصة، ولكن ذلك لم يكن كافيا. خاصة بالنظر إلى أنه أصبح من الصعب بالنسبة إليهم الوفاء بأي استحقاقات في ظل انهيار الاقتصاد تحت وطأة التخفيضات في الميزانية جنبا إلى جنب مع القوة المبالغ فيها للعملة (ما يؤثر على الاستثمار والصادرات)، في الواقع، ومنذ عام 2008 فإن عبء الديون اليونانية قد بلغ ذروته بسبب التقلص المستمر في حجم الاقتصاد والزيادة المضطردة في حجم الديون.
استغرق الأمر خمس سنوات فقط، ولكن أوروبا في النهاية قد تكون مستعدة الآن للخيار الحتمي. وعلى الرغم من أن البنك المركزي الأوروبي قد خلق جدار الحماية (عبر التعهد بشراء سندات الدين من الدول المعرضة للمخاطر كالبرتغال وأسبانيا وإيطاليا) يفترض أن يمنع أي نوع من الذعر من الانتشار، إلا أنه لم يتم اختباره بعد. ينبغي أن يكون كافيا، ولكن من يريد تجربة ذلك؟ أوروبا الآن أيضا يبدو أنها ليست على استعداد لأن تدفع الثمن اللازم لليونان لمنع حدوث ذلك. وبعبارة أخرى، لعبة الدجاج هذه قد تنتهي بصورة مختلفة عن الماضي.
سابعًا: ختاما .. ما الذي يعنيه الأمر بالنسبة للاقتصاد العالمي؟
ربما ليس التأثير بقدر ما نظنه، جدار الحماية الأوروبي يبدو أنه يعمل بكفاءة، من الصعب التكهن بما سيحدث في أسوأ الحالات إذا انسحبت اليونان من منطقة اليورو، ولكن من المحتمل أن يكون شيء من هذا القبيل:
اليونان
الدراخما الجديدة سوف تعاني الانخفاض، سوف ترتفع نسبة التضخم إلى عدد مكون من رقمين، الواردات من النفط والمواد الغذائية سوف تحتاج إلى تحصيصها. الشركات التي قامت بالاقتراض باليورو سوف تشهر إفلاسها وسيكون على الحكومة أن توازن ميزانيتها بين عشية وضحاها. وبعبارة أخرى، فإن الحصول على صفقة جيدة سيكون وضعا أسوأ مما عليه الأمور الآن بالفعل، وهو أمر له عواقبه في بلد تتخطى معدلات البطالة فيه نسبة 25%. ولكن بعد عام أو عامين سوف تمر هذه المتاعب وستترك اليونان مع عملة رخيصة من شأنها أن تجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة وتجعل السياحة فيها أكثر جاذبية.
أوروبا
(1) سوف تخسر أوروبا أموالا فعلية تقدر بمئات المليارات، لا يقتصر الأمر على 240 مليار يورو حصلت عليها الحكومة اليونانية، ولكن بنوكها قد تلقت أيضا 89 مليار يورو في صورة قروض من البنك المركزي الأوربي، والتي قد تتخلف عن سدادها حال خروجها من منطقة اليورو.
(2) سيكون هناك بعض العدوى، التكاليف المرتفعة للاقتراض قد تزحف وصولا إلى إيطاليا وإسبانيا والبرتغال، ولكن الحقيقة أن البنك المركزي الأوروبي قد قام بشراء السندات من هذه البلدان بالفعل، كما تعهد بشراء ما يلزم لإبقاء أسعار الفائدة منخفضة وعدم السماح لها بأن ترتفع كثيرا،
(3) مع كل هذا الغموض ينبغي أن نشهد المزيد من الانخفاض في اليورو، وهو ما قد يدفع حركة الصادرات،
(4) أخيرا، و رغم أن هذا قد يبدو قاسيا، فإن أسوأ شيء يمكن أن يحدث في أوروبا هو أن تبلي اليونان بشكل جيد بعد مغادرتها منطقة اليورو،. ومن شأن ذلك أن يشجع الأطراف المناهضة للتقشف في باقي القارة نحو تحدي عقيدة خفض الميزانية في القارة العجوز من خلال إظهار أنه ليس لديهم شيئا ليخسروه سوى القيود المالية المفروضة عليهم.
الولايات المتحدة
ينبغي أن تكون بنوكنا على ما يرام، قد تفشل بعض المحافظ الاستثمارية (تسمى أيضا صناديق التحوط، وهي أداة استثمارية ذات رافعة مالية عالية ) ، وسيجعل الدولار القوي في مواجهة اليورو الضعيف الصادرات الأمريكية أقل تنافسية، وهذا كل شيء. حقا لا ينبغي أن يكون هناك ضرر كبير جدا من فشل البلد الذي لا يتعدى الناتج المحلي الإجمالي له حجم اقتصاد ولاية كونيتيكت. حقيقة أن هذا حدث في وقت ما -أو أنه سوف يحدث- يخبرك الكثير عن مدى هشاشة اقتاديات منطقة اليورو.
المصدر: موقع ساسة بوست


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.