يعقد قادة دول منطقة اليورو قمة استثنائية اليوم الثلاثاء ببروكسل لبحث تداعيات استفتاء الشعب اليوناني ضد خطة الإنقاذ الأوروبية ومحاولة إيجاد مخرج للأزمة التي ترهن بقاء آثينا في منطقة اليورو. وسيجتمع القادة ال19 للمنطقة بناء على طلب من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قصد بحث الإجراءات الواجب اتخاذها عقب استفتاء الأحد حسبما أعلن عنه رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك. وقد اجتمع المسؤولان الأوروبيان أمس الاثنين بباريس حيث أكدا أن الباب يظل مفتوحا للمناقشات وطالبا حكومة رئيس الوزراء الكسيس تسيبراس بتقديم مقترحات جادة وموثوقة لإظهار الاستعداد للبقاء في منطقة اليورو. وتعد فرنسا وألمانيا في طليعة الدول المنخرطة في المفاوضات الجارية منذ خمسة أشهر بين آثينا والجهات الدائنة بشأن الاصلاحات وخطة التقشف المطلوبة من اليونان حتى يتواصل الدعم المالي لها إلا أن هناك تباينا في الرؤي بين الجانبين الفرنسي والألماني فيما يتعلق بالعواقب الخاصة باستفتاء اليونان. اتصالات أوروبية مكثفة لمواجهة تداعيات رفض خطة الانقاذ أجرى رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود جانكر مشاورات مكثفة مع الدول ال18 لمنطقة اليورو والمؤسسات الأوروبية أمس فور الاعلان عن رفض الشعب اليوناني لخطة الانقاذ بنسبة 61 بالمائة لبحث الخطوات الواجب اتخاذها لتدارك الأزمة كما عقد اجتماعا عبر الهاتف مع رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك ورئيس مجموعة اليورو يروين ديسلبلويم و رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي. ومن المقرر أن يتحدث جانكر اليوم أمام البرلمان الأوروبي الذي يجتمع في جلسة علنية بستراسبورغ. ومن جهته وأعرب رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز عن "قلقه" من انعكاسات نتيجة استفتاء اليونان على شعبها. إجماع أوروبي على ضرورة الخروج من مأزق الأزمة اليونانية أجمع المسؤولون الأوروبيون على ضرورة تقديم الحلول الضرورية خلال اجتماعات دول منطقة اليورو للخروج من مأزق الدين اليوناني الذي بات يرهن مستقبل الكتلة الأوروبية ككل. فقد أكد رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي على ضرورة أن تحل الاجتماعات الرفيعة المستوى لمنطقة اليورو اليوم أزمة ديون اليونان بشكل "حاسم" بينما شدد وزير الاقتصاد الاسباني لويس دي جويندوس على ضرورة بقاء اليونان في منطقة اليورو مؤكدا أن بلاده "منفتحة على التفاوض حول اتفاق إنقاذ مالي ثالث لليونان". ومن جهته اعتبر الوزير الأول البلجيكي شارل ميشال أن الإستفتاء يشكل "ضربة سيئة" بالنسبة لمستقبل أوروبا وأنه يتعين على الحكومة اليونانية أن تأتي باقتراحات ملموسة لتصحيح الوضع الاقتصادي والاجتماعي ببلادها. وبدوره شدد رئيس الوزراء الهولندي مارك روت ضرورة أن تتقبل أثينا إصلاحات عميقة إذا كانت تريد البقاء في منطقة اليورو كون أن "حكومته غير مستعدة للإلتزام بتقديم أي أموال أخرى لليونان إذا لم تتعهد بالإصلاح". وزير مالية جديد لقيادة مفاوضات جديدة مع الدائنين عين النائب الأول لوزير الخارجية اليوناني للعلاقات الاقتصادية الدولية اوكليديس ساكالوتوس وزيرا جديدا للمالية خلفا لليانيس فاروفاكيس المستقيل. وكان تسوكالوتوس قد عمل في الفترة الأخيرة على تنسيق عمل الفريق اليوناني المفاوض في بروكسل. وبرر وزير المالية المستقيل فاروفاكيس تنحيه عن منصبه غداة الاستفتاء بسعيه إلى تسهيل عملية التفاوض كون أن وزراء مالية منطقة اليورو الذين اختلف معهم أكثر من مرة لا يريدونه في منصبه. وكانت المفاوضات بين اليونان والدائنين (المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدول) قد اتخذت منحى جديدا عقب انتخاب الشعب اليوناني لحزب "سيريزا" اليساري الراديكالي في يناير الماضي الذي تعهد بإلغاء برنامج التقشف والتفاوض حول برنامج اقتصادي بديل. وتأزمت المفاوضات عقب إصرار الحكومة الجديدة على إرساء برنامج للإصلاح الاقتصادي لا يتضمن خفضا في النفقات الحكومية وبيع المؤسسات العامة ويعتبر أن التقشف لا يحقق مستقبل النمو الاقتصادي للبلاد بينما يرى يصر الدائنون على تطبيق جزء من خطة التقشف. وقد عانى الشعب اليوناني كثيرا من ويلات برنامج التقشف الأوروبي الذي رفع نسبة البطالة بين الشباب إلى 60 بالمائة وزاد أعداد الفقراء وخفض معدلات الإنفاق الحكومي على الصحة والتعليم. ويعارض العديد من الاقتصاديين المرموقين تطبيق برنامج التقشف الأوروبي وحسب تقديرات الاقتصادي الأميركي الحائز على جائزة نوبل جوزيف ستغليتس فإنه منذ تطبيق برنامج التقشف على اليونان فإن ديون البلد قفزت من 300 مليار دولار في العام 2012 إلى 370 مليار دولار بنهاية شهر يونيو الماضي. وهو ما يعادل نسبة 175 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي. وينتظر وزراء مالية منطقة اليورو مقترحات جديدة من اليونان بشأن سبل علاج أزمتها الاقتصادية وذلك بعد رفض ناخبيها بشكل حاسم وبنسبة تجاوزت ال61 بالمائة شروط حزمة الانقاذ المالية التي يريدها الدائنون الدوليون.