تراجع النشاط الارهابي خلال رمضان 2015 إلى حدوده الدنيا مقارنة بالهواجس الأمنية التي كان يشكلها هذا الشهر خلال السنوات الماضية. وذكر مصدر أمني مأذون أن "الجزائر شهدت أأمن رمضان دون إرهاب بفعل الضربات القوية التي تلقتها بقايا الجماعات الناشطة قبل الشهر الفضيل بالقضاء على أمراء وركائز كتائب تنظيمي "القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي" و«جند الخلافة" المنشقة عن تنظيم عبد المالك دروكدال. وعمد الجيش الوطني الشعبي منذ أشهر قليلة إلى تحويل تركيزه من محاربة الإرهابيين إلى التصدي لعمليات التهريب التي تغذيهم بما يحتاجونه عبر الحدود الجنوبية، وذلك خوفاً من آثار الفوضى المسلحة في ليبيا وتجدد الصراع في مالي والخطر القادم من الحدود الجزائرية التونسية. وتبرز تحركات القوات العسكرية بصفة خاصة على مستوى الحدود، حيث تدور من الشهر الماضي مناورات عسكرية يشرف عليها نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش الفريق أحمد ڤايد صالح، تشمل مشاركة تشكيلات عن مختلف القوات البرية والجوية والدفاع عن الإقليم، كشفت عن بلوغ أقصى درجات الجاهزية العملياتية والكفاءة القتالية لتحقيق التكامل العملياتي، مثلما ذكر بيان وزارة الدفاع الوطني. وحسب مصادر أمنية، فقد فرضت العمليات المتفرقة على مستوى الحدود درجة تأهب واسعة، كتلك التي وقعت في الشهر الجاري بين فصائل من الحركة العربية الأزوادية فيما بينهما، واشتباكات أخرى بينها وبين عناصر من حركة التوحيد والجهاد لغرب إفريقيا من جهة، وبين إرهابيين وجنود ماليين على مقربة من حدودنا من جهة أخرى. وتعطي قوات الجيش الشعبي الوطني أولوية خاصة في مراقبة وفرض حراسة مشدّدة على الحدود الجزائرية الليبية التي أصبحت منبعا لتدفق الأسلحة، وتشير معطيات ميدانية إلى أن محاولات تمرير أسلحة سجلت على الحدود الجزائرية الليبية، والأمر نفسه بالنسبة للحدود الجزائرية التونسية التي شهدت نشاطا إرهابيا على مستوى مناطق حدودية مع الجزائر خلال شهر رمضان، فضلا عن عمليات اختراق أحبطتها قوات الجيش بجبال الجندوبة والكاف خلال الشهر نفسه. وعلى المستوى الداخلي، حتى وإن كانت الجماعات الإرهابية لا تزال موجودة في منطقة القبائل والتابعة لذراع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أو حتى تنظيم "جند الخلافة" التي تشير معطيات أمنية إلى أنه تقريبا في عداد الماضي بالنظر إلى تصفية معظم عناصره، إلا أن خطر تلك المجموعات تقلص كثيرا مقارنة بالسنوات الماضية، والدليل أن ذروة نشاطها كانت تظهر جليا خلال شهر رمضان، مثلما كان يقع خلال السنوات الماضية عندما كانت تلك الجماعات الإرهابية تستغل قدسية رمضان لمضاعفة نشاطها بتنفيذ العمليات الانتحارية أو استهداف مواطنين في المناطق المعزولة داخل الوطن. وكانت أكبر عملية قام بها إرهاب الداخل تلك التي نظمتها مجموعة إرهابية استهدفت حاجزا أمنيا ثابتا وسط مدينة البويرة وأسفرت عن جرح عناصر شرطة قبل أيام، بعد علميات متفرقة لم تخلف أية خسائر بشرية أو مادية كبيرة استعملت فيها أسلحة تقليدية الصنع كالقنابل اليدوية وبعض المتفجرات، وهو ما يعكس عزلة الجماعات الإرهابية بالداخل ومحدودية الوسائل التي تستعملها. وقد أعدت هذه استراتيجية تركيز الجيش على الحدود ومواجهة الإرهاب الآتي من وراء الحدود وتسبيقه على إرهاب الداخل منذ فترة، غير أنه عزز أكثر خلال شهر رمضان، بسبب محاولات الاختراق العديدة التي أحبطتها قوات الأمن الوطني على الحدود الليبية في خطة مماثلة لتلك التي قادتها المجموعة الإرهابية التي اخترقت موقع تيڤنتورين قبل سنتين.