انصب اهتمام الجيش الشعبي الوطني خلال شهر رمضان بالدرجة الأولى على مواجهة إرهاب الحدود بدل إرهاب الداخل، عكس السنوات الماضية التي كان يشهد خلالها شهر رمضان عمليات مسلحة هنا وهناك. وعلى هذا الأساس، ركزت الوحدات جهودها بالدرجة الأولى على الحدود الشرقية والجنوبية لصد الخطر الإرهابي القادم من دول الجوار، الممتدة من تونس إلى ليبيا شرقا ومالي والنيجر في أقصى الجنوب على طول 7 آلاف كيلومتر. وحسب المعطيات، فرضت العمليات المتفرقة على مستوى الحدود درجة تأهب واسعة، كتلك التي وقعت في الشهر الجاري بين فصائل من الحركة العربية الأزوادية فيما بينهما، واشتباكات أخرى بينها وبين عناصر من حركة التوحيد والجهاد لغرب إفريقيا من جهة، وبين إرهابيين وجنود ماليين على مقربة من حدودنا من جهة أخرى. وتعطي قوات الجيش الشعبي الوطني أولوية خاصة في مراقبة وفرض حراسة مشدّدة على الحدود الجزائرية الليبية التي أصبحت منبعا لتدفق الأسلحة، وتشير معطيات ميدانية إلى أن محاولات تمرير أسلحة سجلت على الحدود الجزائرية الليبية، ونفس الأمر بالنسبة للحدود الجزائريةالتونسية التي شهدت نشاطا إرهابيا على مستوى مناطق حدودية مع الجزائر خلال شهر رمضان، أهمها تلك التي نفذتها مجموعات إرهابية متحصنة بجبال حدودية مع الجزائر كجبل الشعانبي والتي أودت بحياة 14 جنديا من قوات الأمن التونسي كانت في مهمة مراقبة للمنطقة، فضلا عن عمليات اختراق أحبطتها قوات الجيش بجبال الجندوبة والكاف خلال نفس الشهر. وعلى المستوى الداخلي، حتى وإن كانت الجماعات الإرهابية لا تزال موجودة في منطقة القبائل والتابعة حركيا لذراع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، إلا أن خطرها تقلص كثيرا مقارنة بالسنوات الماضية، والدليل أن ذروة نشاطها كانت تظهر جليا خلال شهر رمضان، مثلما كان يقع خلال السنوات الماضية. وكانت أكبر عملية قام بها إرهاب الداخل تلك التي نظمتها مجموعة إرهابية بعد انتخابات 17 أفريل الماضي، والتي أودت بحياة 14 جنديا، بعد علميات متفرقة هنا وهناك استعملت فيها أسلحة تقليدية الصنع كالقنابل اليدوية وبعض المتفجرات، وهو ما يعكس عزلة الجماعات الإرهابية بالداخل ومحدودية الوسائل التي تستعملها. وقد أعدت هذه استراتيجية تركيز الجيش على الحدود ومواجهة الإرهاب الآتي من وراء الحدود وتسبيقه على إرهاب الداخل منذ فترة، غير أنه عزز أكثر خلال هذه الصائفة خاصة خلال شهر رمضان، بسبب محاولات الاختراق العديدة التي أحبطتها قوات الأمن الوطني، كتلك التي وقعت بمنطقة تينزاواتين حيث تحركت مجموعة إرهابية مكونة من إرهابيين تونسيين وليبيين وماليين في خطة مماثلة لتلك التي قادتها المجموعة الإرهابية التي اخترقت موقع تيڤنتورين سنة 2013.