غياب كلي لرؤساء الأحزاب والشخصيات الإسلامية قاطع قيادات الأحزاب والحركات الإسلامية، مبادرة التعاون حول لم شمل أبناء المشروع الإسلامي، التي تم الإعلان عنها أمس، من طرف الشيخ عبد الله جاب الله، الذي دعا إلى الاجتماع من أجل التشاور والتحاور حول ما يرشد السير ويقوي التعاون. وشهدت أمس قاعة سينما سيرا ماسترا بالجزائر العاصمة، إعلان ميلاد ما سمي ب«مبادرة التعاون حول لم شمل أبناء المشروع الإسلامي"، في غياب أبرز القيادات الإسلامية من حركة مجتمع السلم، وحركة النهضة وحركة الإصلاح، وحركة البناء الوطني، وجبهة التغيير، أو القيادات الإسلامية الفاعلة في الساحة السياسية والدعوية في السنوات الذهبية لهذا التيار. وتلا أحد قيادات جبهة العدالة والتنمية نداء، تحت عنوان إلى أبناء المشروع الإسلامي من أجل التحاور والتشاور حول الواقع والمستقبل، اعتبر ما جاء فيه أن قوى كثيرة "تآمرت في محاولة للقضاء على الدين والعاملين له"، موضحا أن هذا تم ل«قلة علمنا وضعف وعينا وتشتت صفوفنا وغلبة المصلحة الشخصية". ودعا البيان من أسماهم أبناء المشروع الإسلامي للاجتماع من أجل التحاور والتشاور حول "واقعنا وكيفية بناء مستقبلنا". ولتحقيق ذلك دعا البيان لضرورة الإيمان بسبعة منطلقات وهي "وجوب حمل الإسلام بلا احتراس ولا احتراز"، والتفتح على العاملين في الحقل الإسلامي والسهر على التواصل معهم للانخراط في هذا الحوار والتشاور، مع التسامح والتراحم والتغافر والتواد والتعاون على البر والتقوى، والابتعاد عن التجريح والتخصيص والنبش في الماضي، والنظر إلى ما حصل من اختلاف في الرأي على أنه اختلاف تنوع وتخصص يفضي إلى ثراء الفكر وغناء ساحة العمل والنضال. كما دعا النداء إلى نبذ الفرقة والاختلاف وإيثار الوحدة والائتلاف، مع التدرج في العمل والأخذ بالمسايرة وانتهاج أسلوب التبشير والترغيب في شرح المبادرة وما تقوم عليه من منطلقات وتسعى لتحقيقه من أهداف، ولم يغفل النداء واجب احترام التعددية الإسلامية القائمة، وعدم التعرض لها بسوء، ولزوم منطق الحق والعدل في العلاقات المختلفة معها ومع غيرها، فالمبادرة حسب النداء - مبادرة أفراد فمن رضي وانخرط في المسعى فله الشكر ومن أعرض فله عذره. وبرر جاب الله في كلمته سبب تفضيل أن تكون المبادرة فردية وليست حزبية، كون الجمع بين الأحزاب باء بالفشل، وربط السبب الثاني بالشرع الحنيف، ووصف المتحدث هذه المبادرة بأنها دعوة لتشخيص الواقع والمساهمة في التخطيط للمستقبل، مؤكدا على أنه "مشروع غير مسبوق"، نافيا أن يحمل الزعامة بقوله "هذه ليست زعامة لا لشخص أو لحزب وليست دعوة حزبية"، وأضاف أنه يريد التحاور المرتبط بالعمل في كيفية بناء المستقبل، والعمل على التمكين للتيار الإسلامي كيف يوجد لنفسه أمثل الصيغ التنظيمية لخدمة الأغراض الكبرى. وفي المقابل، لم تحضر أغلب الشخصيات الإسلامية السياسية والدعوية المعروفة منها، لقاء أمس، وهو ما طرح العديد من التساؤلات، لم تجد أجوبة شافية من طرف قياديي جبهة العدالة والتنمية، الذين فضلوا التكتم على تفاصيل المشروع، وهو ما ترك فكرة المبادرة لدى أغلب الصحفيين الحاضرين غامضة. الإسلاميون يُجمعون: نثمن أي مبادرة للم الشمل.. ولكن لم نستدع أجمع أغلب قيادات الأحزاب والحركات الإسلامية، على تثمين مبادرة لم شمل أبناء المشروع الإسلامي، غير أنهم أكدوا عدم تلقيهم لأي دعوة من أي طرف كان. كما أنهم لما يسمعوا بهذه المبادرة إلا عبر وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي فايسبوك. وأوضح، عبد الرزاق عاشوري، نائب رئيس جبهة التغيير، أن الحزب لا علم له بهذه المبادرة، موضحا "لم يتصل بنا أحد"، مضيفا أنه سمع بها عبر وسائل الإعلام فقط. فيما رحب النائب حمدادوش ناصر، بكل جهد وحدوي للم شمل التيار الإسلامي، غير أنه اشترط ذلك وفق رؤية إستراتيجية شاملة وبمشاركة الجميع وبأرضية تستوعب المرحلة وتجدد الفكر وتراجع البرامج بما لا يعيد استنساخ نفس الأخطاء السابقة وامتدادها، معتبرة أن العبرة ليست بالضرورة في الأشكال التنظيمية "فهي مجرد وسائل"، بقدر ما يجب الانتباه إلى التجديد في الفكر والإبداع في المشاريع والاستجابة لتطلعات المرحلة وعدم شخصنة أو تقديس الهياكل أو الأشخاص، وإلا فإن المقدمات نفسها تؤدي إلى النتائج نفسها، ونبقى ندور في حلقة مفرغة.. وأضاف حمدادوش قائلا إن هذه المبادرة من طرف واحد "وهي تعني الأشخاص أكثر مما تعني الحركات والأحزاب الإسلامية"، موضحا أن الظاهر هو لمّ شمل شخصيات تاريخية كانت لها تجارب مريرة مع انشقاقات سابقة، وهي من الجماعة نفسها، متمنيا أن تكون لها إضافة نوعية حقيقية للمشروع الإسلامي، مضيفا أن المشكلة ليست في تعدد الأحزاب بقدر ما هي في توحد الأفكار والمشاريع. وقال حمدادوش إن الحركة الإسلامية بحاجة إلى تجديد في مسارات العمل الوظيفي، والذهاب نحو التمييز والتخصص الوظيفي، خاصة بين الدعوي والسياسي، وببرامج حقيقية تستجيب لتطلعات الشعوب، وتجيب على إشكالات المرحلة، وتستوعب الماضي والاستفادة منه، وتواكب الحاضر وتفيد فيه، وتتطلع إلى المستقبل باستشرافٍ علمي ومنطقي.. أما الأمين العام لحركة البناء، أحمد الدان، فقال إنه اطلع على النداء عبر صفحات الفيسبوك، ورحب بأي جهد تجميعي للقوى الوطنية، ودعا إلى توسيع مثل هذه المبادرات. مشيرا إلى أنه حركة البناء عقدت ندوة منذ شهر ونصف حول الإسلاميين والدور المنتظر في المنظومة الوطنية، ودعت خلالها إلى ميثاق تعاون بين القوى الإسلامية والوطنية يتقاطع في كثير من النقاط مع هذا النداء الذي "نتمنى أن يكون إضافة إيجابية"، داعيا من جهة أخرى إلى "عدم الرجوع بها إلى الانحباس في الأخطاء الماضية".