أفرزت الحملة الانتخابية للرئاسيات المرتقبة هذا الخميس وعكس المواعيد الانتخابية السابقة، حركية سياسية واسعة في المجتمع الجزائري أو على الأقل لدى العاملين في ساحة السياسة والمستفيدين من ممارستها، ومظاهر كثيرة مثيرة للاهتمام من حيث شكل الحملات أو الخطاب الذي طوره الرئيس المرشح لخلافة نفسه. فبالموازاة مع الحملة الانتخابية الرئيسة التي يقودها المرشحون الستة، برزت حملات موازية، لكن أبزر حملة انتخابية داخل الحملة الكبيرة للرئيس المرشح هي التي تتولاها أحزاب التحالف الرئاسي والمنظمات الجماهيرية والطلابية ولجان مساندة وطنية ومحلية حتى يخال أحيانا في خطاب ممثلي هذا التيار أو ذاك أن الأمر يتعلق بوجود محاولات استرجاع المبادرة وإبراز قوتها داخل معسكرها. وبعد أسبوعين من انطلاق الحملة وأمام أزمة الخطاب التي يعانيها الجميع في الجزائر بدون استثناء لم يجد بعض قادة التحالف مثلا سوى التعبير عن كل ما جاء على لسانها إلى درجة التغني بالصفات الجمالية للمرشحين، فلم يتردد الوزير الأول وأمين عام الأرندي مثلا في تلمسان عن الدعوة للتصويت على صاحب العين الزرقاء، في إشارة إلى الرئيس بوتفليقة، وفق ما نقلته بعض الصحف. رهان أويحيى وبلخادم وسلطاني وأعضاء الحكومة وكل شتات المساندين من المنظمات ولجان المساندة في هذه الرئاسيات يختلف من واحد لآخر، ولكن الأهم هو الحفاظ على مواقع كل منهم، خصوصا أن ورقة بوتفليقة رابحة مسبقا، وانتصاره انتصار لها، أو تستطيع أن تنسب جزءا منه إليها. ولكن اللافت للنظر ومن خطاب الرئيس بوتفيلقة في 21 فيفري الماضي وفي كل التجمعات الانتخابية التي نشطها في الأسبوعين الأخيرين، هو اندماجه في مبادئ التجمع الوطني الديمقراطي وبرنامجه، وخال للكثيرين من الذين تتبعوا مواقفه في سنة 9002 هو أن الرئيس المرشح تقدم باسم الأرندي أكثر من غيره من أحزاب التحالف، ويعترف أحد إطارات الأفلان بحقيقة أن الرئيس بوتفليقة بدا وكأنه استقطب فعلا من قبل الأرندي، لكن يجزم أن الرئيس مدرك لما يفعله وأن لم يسقط في هوى الأرندي، بل إن تكتيكه مقصود ومحسوب تماما، وهو يقوم أساسا على تبنى خطاب سياسي قريب من التوجهات الأساسية للأرندي لأجل استيعاب هذا الأخير والقوى التي تتخفى وراءه في السلطة والإدارة لتخفيف أشكال كل المقاومة، خصوصا السلبية منها لمخططاته في تحقيق التقويم الوطني، وهي مقاومة عرقلت تحقيق برنامجه في السنوات العشر السابقة التي قضاها في الحكم . والتوجه إلى الارندي أو الإيحاء بتبني خطابه يحمل ضمانات لهذه القوى في المرحلة المقبلة من حكمه . ووفق هذا التصور، فإن الرئيس بوتفليقة ليس في حاجة لتبنى خطاب أفلاني أو يقترب من توجهات حمس لأنهما في صفه وهما على استعداد للقيام بمزيد من التضحيات ولو مؤلمة ليحقق الرئيس برنامجه السياسي والاقتصادي .