من المنتظر أن تعرف أسعار المنتجات المستوردة من الاتحاد الأوروربي ارتفاعا بعد أن أكدت الحكومة عزمها مراجعة اتفاق الشراكة الذي يجمعها بالاتحاد الأوروربي الذي تستفيد منه السلع الأوروربية من تفكيك جمركي جزئي مكنها خلال السنوات الماضية من إيجاد موطئ قدم في السوق الجزائرية ومنافسة السلع الآسيوية التي لا تستفيد من المعاملة التفاضلية نفسها. تتجه الجزائر نحو مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في شقيه الاقتصادي والتجاري بعد أن رأت أنه "لم يحقق الأهداف المنشودة في مجال الاستثمارات الأوروبية في الجزائر"، ومعلوم أن اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي الموقع سنة 2002 والذي دخل حيز التنفيذ سنة 2005 كان من المفترض أن يمهد لإنشاء منطقة تبادل حر تنتقل فيه السلع بين الفضاء الأوروربي والجزائر دون رسوم جمركية ولا ضرائب، غير أن مهلة إنشاء منطقة التبادل أجلت عدة مرات بسبب تحفظات الجزائر التي أكدت أن النسيج الصناعي الداخلي غير مستعد لمنافسة السلع الأوروربية. وكانت الجزائر قد أبدت عزمها مراجعة اتفاقية الشراكة التي تربطها بالاتحاد الأوروربي بعد الزيارة التي قامت بها مؤخرا فيديريكا موغيريني، الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المكلفة بالشؤون الخارجية وسياسة الأمن. وجاء في بيان لمجلس الوزراء الذي اجتمع الأسبوع الماضي برئاسة رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أن الجزائر ترى أنه من الضروري "تقييم الجانبين الاقتصادي والتجاري لاتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي خاصة أن مضاعفة وارداتنا من الفضاء الأوروبي لم تكن مرفوقة بالارتفاع المنتظر في الاستثمارات الأوروبية في الجزائر". وأشار مجلس الوزراء إلى أن انخفاض العائدات الخارجية لبلدنا إلى النصف بفعل أزمة سوق المحروقات "يجعل أكثر من ضروري هذا التقييم الذي ستقوم به الجزائر مع الاتحاد الأوروبي طبقا لأحكام اتفاق الشراكة". وبعد مرور عقد على دخول إطار التعاون هذا حيز التطبيق والذي أقام حوارا مفتوحا وتعاونا شاملا يتضمن الأبعاد السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والمالية والثقافية والإنسانية لم يسمح هذا الاتفاق ببلوغ النتائج المتوخاة من قبل الطرف الجزائري. فمنذ إبرام هذا الاتفاق لم يكف الموقف التجاري للاتحاد الأوروبي يتعزز على حساب الاقتصاد الوطني. وفي سنة 2010 دفع هذا الوضع الجزائر إلى تجميد أحادي للامتيازات التعريفية المطبقة على الاتحاد الاوروبي بمنعها إستيراد السيارات الأقل من سنتين. وبعد ثماني جولات من المفاوضات الشاقة تم التوصل إلى حل وسط حول تأجيل منطقة التبادل الحر المقررة سنة 2017 إلى سنة 2020. وبينما يواصل العجز التجاري خارج المحروقات تسجيل ارتفاع بما يجعل كبح الواردات في قائمة أولويات الحكومة في ظل تراجع أسعار النفط، لا تزال الواردات الأوروربية تشكل أكثر من نصف ما تستورده الجزائر. فمن مجموع 30.560 مليار دولار من الواردات الإجمالية للجزائر، فإن 15.67 مليارا من الاتحاد الأوروبي أي 50.62 بالمائة حسب الأرقام الرسمية.