يواجه مدير الشؤون الدينية السابق لولاية الجزائر وسابقه عقوبة العامين حبسا نافذا و100 ألف دج غرام نافذة بعد مثولهما للمحاكمة، يوم أمس، أمام محكمة بئر مراد رايس، عن منحهما امتيازات غير مبررة لمقاول وشقيقه مكنتهما من الاستيلاء على ملكية عقارية وقفية ببئر مراد رايس بلغت مساحتها 1900 متر مربع حولت لإنجاز بناية بطرق التوائية. وانطلقت مجريات هذه القضية، من رسالة مجهولة تلقتها جمعية "الرشاد" مفادها أنه المقاول (س.محمد) وشقيقه (جمال) مسيرا شركة "سميكفا" للتصدير والاستيراد، يستغلان قطعة أرضية تتربع على مساحة قدرها 1900 متر مربع على مستوى حي "لاكوت" ببلدية بئر مراد رايس، ومن خلال الجولة الميدانية التي قادت أعضاء الجمعية تبين لهم أن المبلغ عنهما فعلا قاما بتشييد بناية على العقار الوقفي حازا عليه في إطار تعاملات الإيجار التي تقرها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، غير أنهما حولا العقار إلى غير وجهته مما استلزم فتح في القضية، ليحال المقاول وشقيقه على قاضي التحقيق لدى محكمة بئر مراد رايس بناء على أمر من النيابة، ونسبت لهما جنح مخالفة الأحكام المتعلقة بالبناء والتعمير والتعدي على ملكية عقارية والاستفادة من نفوذ أعوان عموميين، متمثلين في مدير الشؤون الدينية السابق (ع.موسى) الذي سبق له أن تورط في وقت سابق في قضية رشوة وسابقه المدعو (م.لزهاري)، اللذان تعاقبا على تسيير مديرية الشؤون الدينية لولاية الجزائر والجهة المخولة لتحرير عقود استغلال العقار الوقفي، وهو ما استدعى متابعة المديرين بدعوى إبرام عقود مخالفة للتشريع ومنح امتيازات غير مبررة للغير والمشاركة في مخالفة الأحكام المتعلقة بالبناء والتعمير. وبعد التحقيق مع الأطراف أحيل المتهمون على المحاكمة وفقا لإجراءات الاستدعاء المباشر بعدما أدرجت النيابة كلا من مديرية الشؤون الدينية والأوقاف وبلدية بئر مراد رايس والخزينة العمومية كأطراف مدنية. وخلال محاكمتهم فند كل واحد منهم الفعل المنسوب إليه، حيث أكد المقاول (س.محمد) أنه حظي بالعقار وفقا للمتعامل به قانونا وهو يدخل مستحقات إيجاره لفائدة الوقف منذ عام 1999، مؤكدا لهيئة المحكمة أن الأمر يتعلق بعمليات ترميم وليس إنجاز بناية قبل أن يتفاجأ بإجراءات إدارية مجحفة مارستها عليه مصالح بلدية بئر مراد رايس ليتحول الأمر إلى نزاع بين الطرفين امتدت ظلاله إلى مجلس الدولة بهدم كل ما يقع على العقار الوقفي وهو ما سعى المقاول محل متابعة لتجميده لأنه في وضعية قانونية، وهو ما عززه شقيقه بالقول إنهما لم يتعديا على أي عقار أو يستفيدا من امتيازات، كما أنهما يستغلان العقار الوقفي وفقا للقانون. في حين أكد مدير الشؤون الدينية الأسبق للعاصمة (م.لزهاري) أنه قام بتحرير العقد في إطار الإجراءات المتعامل بها لصالح الملكية الوقفية، مضيفا أنه أشرف على 1650 ملكا وقفيا تستوفي إجراءات تحويل خدمة لمنفعة الوقف في نفس يوم إيداع الطلب، مؤكدا أنه وبحكم منصبه وافق على طلب تجديد عقد الإيجار الخاص بالمقاول المتهم الذي تقدم به مطلع جانفي 2011، ومنح الموافقة كغيره دون محاباة وفقا لجدول، مشيرا إلى أن مدة كل عقد محددة ب 3 سنوات، في حين أنكر مستخلفه (ع.موسى) الذي تولى مهامه يوم 25 أكتوبر 2011 الادعاءات المنسوبة إليه أو مسؤوليته إزاء تحرير عقود الاستفادة من الإيجار للمقاول أو شقيقه لكون ذلك تم قبل توليه منصبه. وفي هذا ذاته، أكد أنه هو من بادر بتعيين لجنة تحر بعد بلوغه معلومات تفيذ بوقوع تجاوزات على أملاك وقفية وأنه هو من أوفد أعضاء جمعية "الرشاد" التابعة للوصاية من أجل القيام بمعاينة ميدانية وتقصي الأمر، وأردف قائلا "لم أوقع أو أسلم أي وثيقة للمدعو (س.محمد) أو شقيقه"، مضيفا أنه اتخذ الإجراءات القانونية اللازمة وطلب بتحيين الإيجار ووقف الأشغال التي باشرها المقاول وذلك إلى أن غادر منصبه عام 2013. مديرية الشؤون الدينية تدافع وبلدية بئر مراد رايس والخزينة العمومية تلتمسان التعويض لم يتوان دفاع مديرية الشؤون الدينية، يوم أمس، عن الدفاع عن مسؤوليه السابقين، حين أكد أن المديرية لم تقدم أي شكوى إزاء قضية الحال والتي لم يلحقها عنهما أو عن باقي المتهمين أية ضرر، بل إن الإجراءات التي باشرتها بلدية بئر مراد رايس، هي من ألحقت بالمديرية أضرارا، لأنه عمليات تأجير العقار الوقفي تخدم الأوقاف عموما، بحكم أن كل من بنى وقفا يبقى حبيسا للمنفعة الوقفية، لأن إخلال المتعاقد مع المديرية سيقضي حتما على تحويل الشيء المؤجر لفائدة مصالح الوقف، مما يعني، حسبه، أنه تعطيل أجراء الملك الوقفي سيعطل حتما المنفعة الوقفية، حيث أكد أن لقضية الحال خلفيات وأن مديرية الشؤون الدينية أن هذه الأخيرة لم تحرك أي شكوى حيث تنازل عن طلب أي، وعلى خلافه تأسست بلدية بئر مراد رايس كطرف مدني ملتمسة عن طريق دفاعها إلزام المتهمين بدفع تعويض قدرهُ 500 ألف دج عن البناء دون رخصة للعقار الكائن بإقليمها. شأنه شأن ممثل الوكيل القضائي للخزينة العمومية الذي طالب المتهمين بدفع مبلغ 1 مليون دج بالتضامن فيما بينهم بعدما التمس ممثل الحق العام توقيع عقوبة العامين حبسا نافذا و100 ألف دج غرامة نافذة لكل واحد من المتهمين، فيما يبقى الحكم في القضية محددا لجلسة 3 نوفمبر القادم.