وافق العراق على طلب الجزائر بوضع آلية تنسيق مشتركة للتحرك داخل منظمة الدول المنتجة للبترول "أوبك"، وبذل مساع موحدة بهدف تسقيف الإنتاج النفطي لمواجهة استمرار تهاوي الأسعار في السوق الدولية، وبالتالي تحييد هذه الدولة التي تملك ثالث احتياطات النفط في العالم عن الحلف الخليجي داخل منظمة أوبك الذي يدعو إلى الحفاظ على حصص الإنتاج الحالية على حساب دعم الاسعار. وأكدت الرئاسة العراقية في بيان لها، مساء الاثنين الماضي، أن الرئيس العراقي فؤاد معصوم تباحث مع الوزير الأول عبد المالك سلال على هامش القمة الثالثة لمنتدى الدول المصدر للغاز الطبيعي المنعقدة بالعاصمة الإيرانية طهران. وأوضح المصدر نفسه أن "الجانبين اتفقا على ضرورة توسيع رقعة التعاون في مجال العلاقات النفطية وتطوير العمل المشترك في إطار منظمة أوبك من ناحية التنسيق والتضامن" انطلاقا من "المصير المشترك والعلاقات التاريخية التي تربط البلدين الشقيقين". ويتزامن ضم العراق الى تكتل الممانعة الذي تقوده الجزائر وإيران وفينزويلا داخل منظمة "أوبك" مع تطورات سلبية في السوق النفطية، حيث ما تزال الأسعار تسير في هبوط قد يدوم طويلا على هذه الحال، وهو ما تعكسه المخاوف التي أطلقتها الجزائر منذ مدة بشأن استمرار الوضع على حاله وهو ما استدعى مبادرة أطلقها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي أرسل مبعوثيه إلى معظم الدول الفاعلة في السوق النفطية داخل "أوبك" وخارجها قصد الاتفاق على سقف موحد للإنتاج ومعالجة اختلالات السوق التي تعرف فائضا للعرض مقابل الطلب، وتوافق الرؤية الجزائرية في هذا الشأن مقترح فنزويلا بضرورة عقد مؤتمر قمة لقادة دول منظمة "الأوبك" قصد الاتفاق على تقليص الإنتاج النفطي مع ضم روسيا لهذا الطرح، ومن المنتظر أن تنعكس موافقة العراق على التنسيق والتضامن مع الجزائر في هذا السياق بالإيجاب على المسعى العام للجهود التي تبذل في سبيل تصحيح سعر البرميل، لكن هذه الجهود تبقى أمام تحدي الموقف السعودي الرافض بالأساس للفكرة، حيث يبقى مقدار ما ضخته السعودية من النفط الخام خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي الأعلى في تاريخها على الإطلاق، وهذا بإنتاج بلغ 10.19 مليون برميل يوميا. ويبين السلوك السعودي أن الرياض عازمة على مواصلة خطتها الهادفة إلى إغراق السوق والإبقاء على أسعار تنافسية للنفط الخام في مواجهة الغاز الصخري الأمريكي. وكان الوزير الأول عبد المالك سلال قد التقى عددا من رؤساء وممثلي دول منتجة للبترول على هامش منتدى الدول المنتجة للغاز، من بينهم رئيس البرلمان الإيراني ورئيس جمهورية تركمانستان لتباحث الوضعية الحالية للأسعار . يذكر أن عقود خام برنت (خام القياس بالنسبة للبترول الجزائري) قد سجلت ارتفاعا طفيفا لتبلغ 45 دولارا في تداولات يوم أمس، بعد أن فقدت أكثر من 60٪ من قيمتها منذ بداية عام 2014، في ظل ارتفاع العرض العالمي من الذهب الأسود مقابل عجز كبار المستهلكين عن استيعاب فائض الإنتاج، وذلك في الوقت الذي ينتظر أن يسجل النفط الإيراني عودته إلى السوق بعد رفع العقوبات المفروضة على طهران.