سبقت أزمة الوقود والمواد الطاقوية بصفة عامة، الزيادة المقرر الإعلان عنها بشكل رسمي في أعقاب المصادقة على قانون المالية 2016 من طرف نواب الأمة. ولن تكون العاصفة التي عرفتها أروقة المجلس الشعبي الوطني سوى رجع صدى لهزات بدأت تعرفها محطات بيع الوقود، حيث اضطرت مصالح الأمن، وفق الاختصاص الاقليمي للدرك الوطني أو الشرطة، إلى التدخل من أجل فرض القوانين التي تنظم بيع هذه المواد في العديد من ولايات الغرب. وتفاقمت أزمة الوقود في محطات البيع بتلمسان، وهي من أكثر ولايات الوطن التي تشهد أزمة خانقة ومتواصلة في وفرة الوقود بشتى أنواعه، فقد عاينت "البلاد" الكثير من المحطات التي تعرف طوابير لعشرات السيارات قد تتجاوز 100 مركبة دفعة واحدة، ما يزيد من حدة التوتر أمام تلك المحطات، خصوصا بين "الحلابة" والمواطنين الذين لم تتأثر سوقهم السوداء بمؤشرات الزيادة في الأسعار. ومهما بلغت تلك الزيادة، فإن السوق السوداء يقول أحد العارفين بخباياها في تصريح ل«البلاد" لن تتأثر،: "بالعكس سنعمل بكل راحة بعيدا عن الضغوطات الناجمة عن الطوابير"، يضيف محدثنا الذي يقود سيارة مرسيدس وينتظر دوره بكل برودة أعصاب أمام إحدى المحطات الكائنة وسط مدينة تلمسان. ويقطع "الحلابة" وهو الاسم "الحركي" للمهربين العاملين في تهريب المازوت والبنزين نحو 100 كلم من أجل الحصول على المازوت، وهي المادة الأكثر رواجا في الشريط الحدودي، ويقتني هؤلاء أنواعا معينة من السيارات التي تستوعب خزاناتها كمية كبيرة من المازوت، ما يؤدي إلى المحافظة على هوامش ربح مرتفعة جدا. وتلتزم مؤسسة نافطال الكائن مقرها بالرمشي والتي تتولى تموين مختلف محطات الوقود بتلمسان والجنوب الغربي للبلاد، الصمت حيال ما يحدث من مشاكل تنأى بنفسها عنها، بل وترفض تقديم أي توضيحات للرأي العام عما يحدث حقيقية على أرض الواقع، الأمر الذي يزيد من الغموض والفوضى القابلة للتوسع في محطات الوقود التي ينتظر أمامها المواطنون لساعات طويلة من أجل الظفر بكمية متواضعة من المازوت أو البنزين، بينما يجد "الحلابة" كل الطرق متاحة لحصول على كميات أكبر من تلك التي يتزود بها المواطنيون. ورغم القوانين والتعليمات الصادرة عن السلطات العمومية التي تنظم وتحدد كيفيات بيع المواد الطاقوية، فإن الأزمة باقية وتتمدد عبر تراب ولايات الغرب الجزائري على وجه الخصوص، بينما كانت في الأشهر القليلة الماضية مقتصرة على تراب ولاية تلمسان وبعض بلديات ولايتي سيدي بلعباس وعين تموشنت المتاخمتين لتراب تلمسان. ومن المتوقع أن لا تؤدي الزيادة المرتقبة في أسعار الوقود إلى انخفاض حدة التهريب، نظرا لأن المغرب شهد هوالآخر زيادة في أسعار البنزين ما يؤدي إلى اتساع دائرة التهريب مقابل انخفاض الاستهلاك على المستوى الداخلي وهو ما يمنح هامشا كبيرا لاستفادة المهربين من هذه الوضعية التي ستفرزها الزيادة في الأسعار، وهذا بخلاف ما تطلعت إليه الفلسفة السياسية والاقتصادية من الزيادة التي جاء بها قانون المالية لسنة 2016، والذي يثير جدلا سياسيا وشعبيا واسعا لدى الجزائريين بمختلف انتماءاتهم.