مع اقتراب الأزمة السورية من إتمام عامها الخامس ما زال أفق الحل السياسي بعيدا وغير واضح حتى اليوم، فعلى الرغم مما شهده عام 2015 من حراك ومؤتمرات ومحادثات فإنها لم تنجح حتى الآن في وضع الأزمة على مسار الحل، ولعل جولتي محادثات فيينا كانتا الأبرز هذا العام. واحتضنت فيينا الجولة الأولى في أواخر أكتوبر الماضي، وكان لافتا غياب أي تمثيل للمعارضة أو النظام، وقد فشلت في التوصل إلى اتفاق بشأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد. وبعد أيام شهدت فيينا حراكا مكثفا تمهيدا للجولة الثانية، حيث أوكلت الأممالمتحدة إلى لجان خاصة مهمتي توسيع تمثيل المعارضة السورية وتحديد أي من الفصائل المقاتلة في سوريا ستوضع على قائمة المنظمات الإرهابية، وكان لافتا أن وفد إيران شارك في اجتماع اللجنة الأولى وتغيب عن الثانية، فيما تعذر وصول وفد من المعارضة السورية المسلحة إلى فيينا للمشاركة. وشهد عمل تلك اللجان خلافات عدة، وكان من مظاهرها مقاطعة روسيا أعمال اللجان بعدما اعتبرت أن الولاياتالمتحدة تحاول التفرد بعملها، في حين ظلت أسماء الشخصيات المدعوة لتمثيل المعارضة رهن التخمينات. وقبيل انطلاق جولة المحادثات هزت باريس سلسلة هجمات أسفرت عن مقتل 130 شخصا وإصابة آخرين، فيما توجهت أصابع الاتهام إلى تنظيم داعش على الفور، لتخيم هذه الأحداث على مجريات الاجتماع في فيينا، فضلا عما أسفرت عنه من انخراط فرنسا في المزيد من العمليات العسكرية ضد التنظيم في سوريا والعراق. وبحضور 17 دولة -بينها الأطراف الرئيسية في الأزمة السورية مثل الولاياتالمتحدةوروسياوإيران- اختتمت الجولة الثانية في منتصف نوفمبر الماضي، حيث قال البيان الختامي إن المشاركين اتفقوا على جدول زمني محدد لتشكيل حكومة انتقالية في سوريا خلال ستة أشهر وإجراء انتخابات خلال 18 شهرا، وعلى عقد لقاء جديد خلال نحو شهر لإجراء تقييم للتقدم بشأن التوصل إلى وقف لإطلاق النار وبدء عملية سياسية. لكن المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أكد أن الأطراف الدولية لا تزال مختلفة على مصير الأسد، وهو أمر ظل محل جدل وتصريحات متضاربة حتى الشهر الأخير من العام. ومع أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري كان متفائلا بعد اجتماع فيينا بقرب حل الأزمة سياسيا فقد أبدى موقفا مغايرا عندما صرح في الرابع من ديسمبر الجاري بأنه من الممكن قيام تعاون بين النظام والمعارضة ضد "داعش" من دون مغادرة الأسد السلطة، وهو موقف اعتبرته المعارضة "مؤسفا"، فيما اتخذ وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس موقفا مماثلا في اليوم التالي. وفي ديسمبر احتضنت العاصمة السعودية الرياض مؤتمرا لتوحيد ممثلي المعارضة السورية، وعلى الرغم من الخلافات في أوساط المعارضة والدول المعنية تمكنت المعارضة من تشكيل "الهيئة التفاوضية العليا" برئاسة رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب. وفي ال18 من الشهر نفسه عقد اجتماع دولي في نيويورك بعد أن تم التمهيد له بجولات مكوكية لكيري، واتفقت القوى الكبرى للمرة الأولى على نص مشروع قرار دولي يصادق على خريطة طريق روسية أمريكية في سوريا. ويرى مراقبون أن تحقيق بنود القرار الجديد في غضون ستة أشهر أمر بالغ الطموح، ويرى آخرون أن ما دفع أعضاء مجلس الأمن إلى الاتفاق والإجماع على القرار هو شعورها بتزايد خطر تنظيم "داعش".