تشهد المصالح الطبية المتخصصة في علاج مرضى السل والأورام الخبيثة على مستوى المؤسسات الصحية العمومية في وهران أزمة حادة وغير مسبوقة في الأدوية الفعالة الكابحة لانتشار هذه الأمراض المستعصية والقاتلة، الأمر الذي يسبب حاليا ارتفاعا لافتا للانتباه في نسب الوفيات الناتجة عن تدني الوضع الصحي أكثر لهؤلاء وبلوغهم مرحلة فقدان الاستجابة للمضادات الحيوية واليأس التام من الشفاء بحسب مصادر استشفائية· هذه الوضعية التي دخلت فترتها الحرجة منذ حوالي شهرين، تفيد بشأنها الجهات ذاتها بإسهامها بشكل كبير في تعقد الحالة الصحية للعديد من المرضى، لاسيما المصابون بمرض السل الرئوي، واحتمال كبير تسببها في رفع حدة العدوى، وتحفيز ظهور عدد آخر من الحالات الجديدة· كما يشير أطباء متخصصون إلى أن الأزمة كانت تستهدف في بدايتها بعض المؤسسات الصحية الجوارية والمشرفة على التكفل بفحص وعلاج المصابين القاطنين في أحياء قارة (1) وقارة (2)، وأيضا في مختلف بلديات عين البيضاء، طفراوي، بوتليليس، آرزيو وغيرها من المناطق التي تسجل على مستواها وباستمرار حالات إصابة جديدة تقدر بالعشرات وحتى بالمئات سنويا· وكانت سياسة القطاع على المستوى المحلي مركزة على مواجهة العجز في التموين في تلك النواحي من خلال توجيه المرضى وتحويلهم نحو مصلحة الأمراض الصدرية بالمستشفى الجامعي بوهران التي تضم جناحا خاصا بمرضى السل، وتعمل على احتواء الأزمة ومواجهة الضغط قدر المستطاع وفي حدود الإمكانيات المتوفرة فيها· وأضاف هؤلاء أن تضاؤل حصص التموين لاسيما المضادات الحيوية المهمة على غرار حقن دواء ''سترابتوميسين''، ''ريفومبيسين'' وأيضا أقراص ''هيزونيازيد'' كان قد قاد مخزون المصلحة إلى المرحلة الحرجة، وتسبب في تخريب النظام العلاجي أو ما يعرف بالبروتوكول العلاجي المتبع من طرف الأطباء لصالح العديد من الحالات المتكفل بها منذ مدة، بحيث يوضح أطباء أن المتابعة الطبية للمصابين تتم منذ عملية التشخيص والتأكد من الإصابة بعصيات ''كوخ'' التي يخضع التكفل بضحاياها لمخطط علاجي يتطلب بالضرورة تتبع مراحل تطور المرض لدى كل حالة وحسب نوعية الجرثومة المسببة له والعضو الذي قامت باجتياحه·وفي السياق ذاته، تشير الأرقام الأخيرة الصادرة عن مديرية الصحة لولاية وهران إلى تسجيل أزيد من 600 إصابة جديدة بالسل منذ بداية السنة الجارية، منها 300 حالة مسجلة على مستوى مدينة آرزيو وحدها، إلى جانب الحالات المشكوك فيها والتي يخضع بعضها للفحص المخبري والتشخيص الإشعاعي، في حين تشير مصادر استشفائية من داخل المصلحة المتخصصة بمستشفى وهران إلى وقوفها على عدة حالات تختفي بمجرد اصطدامها بخبر الإصابة، ولا تعاود الرجوع إلى المصلحة لطلب العلاج·فيما أوعزت مصادرنا الأزمة المستفحلة التي تضرب بقوة الأدوية الأساسية الموجهة للمصابين بالأمراض المستعصية إلى رد فعل من بعض المستوردين وأصحاب المخابر والمؤسسات الصيدلانية الأجنبية الذين يسعون لإجهاض مشروع الصناعة الدوائية في الجزائر وإفشال سياستها في فتح باب الاستثمار الأجنبي على مستواها في مجال صناعة الدواء الجنيس، ولم يجدوا من وسيلة لإجبارهم على التراجع وجعلهم ينفردون باحتكار الإنتاج الصيدلاني غير قطع تزويدها بالأدوية التي لا يمكنها تصنيعها محليا في شكل من التهديد غير المعلن وغير المباشر·