أرقام لا متناهية تجاوزت كل الأرقام القياسية، والنتيجة حصد أرواح آلاف الجزائريين حتى أضحت الجزائر من أولى الدول على المستوى العالمي في حصد الأرواح عبر الطرقات وأخطرها الموت الجماعي في حافلات الموت التي تحولت من وسيلة لنقل المسافرين عبر الولايات لمختلف وجهاتهم لأكثر وسيلة تتسبب في إزهاق أرواحهم بعدما كانت الملاذ الآمن لهم في الطرقات، وهو ما تؤكده الحصيلة الكارثية التي وصلت إلى حوادث مميتة منذ دخول سنة 2016 فقط، وكذا الحصيلة المسجلة خلال السنة الفارطة، حيث تعدى عدد ضحايا حافلات النقل 300 قتيل، منهم 133 طفلا تقل أعمارهم عن 9 سنوات، بمجموع أكثر من 700 حادث مرور متعلق بحافلات النقل الجماعي، وإن كان الموت واحد، لكن في حافلات الموت اختلفت الاسباب من تقنية تتعلق بالمركبات أو الأخرى المتعلقة بالتكوين والإفراط في السرعة. حوادث النعامة، الأغواط، البويرة وسعيدة.. مجازر جماعية في أقل من شهر سيناريو القتل في حافلات الموت عبر الطرقات والحصيلة المأساوية لم تستثن أي ولاية من ولايات الوطن، فمع دخول 2016 شهت عدة ولايات مجازر طرقات عبر حافلات الموت وأبرزها خلال الفترة الأخيرة الحوادث المسجلة بالنعامة صبيحة أول أمس، حيث وقع حادث مرور مميت بين شاحنة نقل البضائع كانت متوجهة إلى بشار وحافلة صغيرة لنفل المسافرين من نوع كية في حدود الساعة الثامنة صباحا في الطريق الرابط بين قلعة الشيخ بوعمامة (مغرار) ومدينة عين الصفراء في المكان المسمى دراع الصاع، وخلف الحادث 13 قتيلا كلهم من المسافرين المتوجهين إلى أماكن عملهم بمدينة عين الصفراء. أما بولاية سعيدة، فقد تسسب حادث انقلاب حافلة على مستوى الطريق الوطني رقم 6 الرابط بين ولايتي سعيدة وبشار بمنطقة تيمطلاس، في هلاك ستة أشخاص. أما في نهاية الأسبوع الفارط وهي الحوادث المسجلة بكل من الأغواط، واد سوف والبويرة، ورغم أن حصيلة الموت لم تكن ثقيلة إلا أنها شلت من شلت وتسببت في عاهات لآخرين. حصيلة حوادث الحافلات الأثقل خلال الفترة نفسها من السنوات الفارطة أكد رئيس جمعية السلامة المرورية علي شقيان، أن حصيلة حوادث المرور المتعلقة بحافلات نقل المسافرين تعد الأثقل من حيث حصيلة الموتى، وذلك مقارنة بالفترة نفسها من سنتي 2014 و2015 . الحافلات الصينية أسهل طريق إلى المقبرة.. تغيرت النظرة القديمة التي تعتبر الحافلات المهترئة حافلات الموت، فمع دخول الحافلات الصينية إلى أرض الوطن أصبح الإقبال عليها كبيرا، بسبب أسعارها التي تقل عن أسعار الحافلات الأوروبية، غير أن الحافلات المستورة من الصين ليست آمنة وتشتغل بقطع غيار مغشوشة. وحسما أكده رئيس جمعية السلامة المرورية، فإن هذه الحافلات التي دخلت الجزائر في السنوات الأخيرة تسببت في إزهاق أرواح الجزائريين، إضافة إلى ذلك فإن الحافلات في الجزائر تفتقر لشروط السلامة المرورية ومراقبة الحافلات التي تعبر آلاف الكيلومترات تكون مرتين في السنة، أي بمعدل مرة واحدة كل ستة أشهر، في وقت تتطلب هذه الحافلات التي تنقسم بين جديدة بقطع غيار مغشوشة وقديمة مهترئة وكلاهما معرضتان للتسبب في حوادث مميتة، أن تكون المراقبة بشكل دوري على الأقل مرة واحدة في الأسبوع، الأمر الذي يتطلب حسب شقيان إعادة النظر من طرف الوزارة الوصية تكوين السائقين والسياقة المستمرة دون اعتماد نظام المناوبة في وقت يحمل فيه البعض مسؤولية حوادث الحافلات للجانب التقني، يسلط الجانب الآخر الضوء على العامل البشري الذي يعد الأبرز في كل ما يحدث، حيث ترجع نقابة الناقلين السبب الرئيسي للحوادث المميتة إلى نقص التكوين وعدم احترافية الناقلين، مستشهدة بالحوادث التي أثبتت إحصائيات السنة الفارطة أن أكثر من 85٪ من حوادث المرور تقع نتيجة أسباب بشرية، منها 55٪ يتسبب فيها سائقون لم تمر سنتان على منحهم رخص السياقة، وهو ما جاء به قانون 2001 الذي يؤكد وجوب امتلاك كل سائق حافلة أو سائق نقل جماعي لدبلوم،، غير أن هذا الاختصاص لم يتم فتحه رغم الحصيلة التي تعرفها الطرقات في كل يوم. كما أن الكثير من الحافلات خاصة فيما يتعلق بالرحلات الوحيدة تعتمد في هذه الرحلات على سائق واحد مما يتسبب في إرهاقهم وبالتالي حوادث مميتة لامحال. ويطالب الناقلون بالاعتماد على نظام مناوبة لتقليل احتمالية حدوث هكذا حوادث. نظام السياقة الافتراضي.. على خطى الاتحاد الأوروبي هو الحل طالب الناقلون بتجهيز مدارس التعليم بنظام السياقة الافتراضية الذي يحسن مهارات السائق المتربص، وينمي قوة الإدراك أثناء السياقة، حيث اعتمده الاتحاد الأوربي منذ سنة 2007، ما ساعد على التقليل من حوادث المرور، ويمكن الجهاز من تنقيط المتربص بشكل دقيق ومهني إلى أبعد الحدود، ويمنح له أرضا افتراضية شبيهة بالواقع ب98٪، زيادة على قياس معدلات نبض القلب والانفعال وضغط الدم وغيره، وهي الأمور التي ستسمح بتقييم السائق وتوجيهه قبل أن يدخل الواقع الحقيقي.