عادت لغة الدبلوماسية الهادئة بين الجزائر والرباط، بعد سنوات طويلة من الجفاء على خلفية عدة قضايا شائكة، فقد بادر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إلى تهنئة ملك المغرب محمد السادس، بمناسبة الذكرى ال27 لتأسيس اتحاد المغرب العربي، ورسالة بوتفليقة بطابعها الهادئ الملح على ضرورة إعادة بعث الاتحاد تلبية لتطلعات شعوب المنطقة وما تفرضه الأوضاع والمستجدات من ضرورة الالتحام بين الدول الأعضاء، تعتبر رسالة حسن نية واضحة من الجزائر بشأن علاقاتها مع المغرب. ورد محمد السادس لم يتأخر، فقد وجه برقية تهنئة للرئيس بوتفليقة، اعتبر فيها أن بناء المغرب العربي خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه بالنسبة للمغرب، مؤكدا أنه "لن يدخر أي جهد من أجل بناء وحدة المغرب العربي بين الدول الخمس الأعضاء." وبصرف النظر عن باقي التفاصيل التي أذابت جبل الجليد القائم بين البلدين، منذ قرار المغرب القاضي بغلق الحدود البرية في أوت من علام 1994، و طرد الجزائريين، ثم قرار الجزائر بالرد بالمثل عبر فرض التأشيرة على المغاربة، فإن الرسائل المتبادلة بين الرئيس بوتفليقة والعاهل المغربي فتحت بوابة من الغزل السياسي بين البلدين على خلفية الرغبة في إعادة بعث اتحاد المغرب العربي، وهذا من شأنه تجاوز بعض القضايا وتركها لمعالجتها في سياقها وإطارها الخاص بعيدا عن قرارات الوحدة المغاربية التي ظلت متأثرة بالنزاعات في المنطقة، لعل أبرزها قضية الصحراء الغربية التي تعتبر محورية وثابتا من ثوابت المواقف في السياسة الخارجية للجزائر المناهضة للاستعمار في القارة الإفريقية خصوصا والعالم عموما، أما المغرب فيحاول دوما ربط أي تقدم في العلاقات الثنائية مع الجزائر بفرض شروط تعجيزية أبرزها ملف الصحراء الغربية، وهذا ما يؤدي إلى الصدام في المواقف بين البلدين، باعتبار أن الجزائر ظلت تساند القضية الصحراوية من منطلق تصفية الاستعمار. لقد ظلت العلاقة بين البلدين تتأرجح بين الصفاء المؤقت والصراع الدائم، ومنذ الأشهر الأولى للاستقلال، كان واضحا أن المغرب له أجندة خاصة في المنطقة تهدف إلى بسط نفوذ يتصادم والعقلية الثورية لحكام الجزائر الجدد، الذين رفضوا التبعية السياسية، فقد كانت تضحيات الشعب الجزائري فوق كل التوقعات لذلك اصطدم المغرب بجدار الرفض الذي أدى إلى المواجهة، تلك المواجهة التي أكدت للجزائر أن حدوها مع الجارة الغربية ليست في مأمن عن أي خدعة إقليمية، ما أدى إلى توتر في العلاقات ظل قائما إلى يومنا هذا، والمغرب في عز الانفتاح في العلاقات بين البلدين، وجه اتهامات حادة للجزئر في أعقاب تفجيرات فندق مراكش، ما أدى إلى عودة العلاقات إلى مربع البداية.