قررت الجزائر تأجيل بعث مسار انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، إلى غاية النظر في مصير اتفاق الشراكة الذي يربطها بالاتحاد الأوروبي، لاسيما في ظل الظرفية المالية الاستثنائية التي تمر بها البلاد والتي تستدعي تعزيز إجراءات الحماية والوقاية للنسيج المؤسساتي المحلي من المنافسة الشرسة التي ستلقاها إن تم فتح الأسواق. وقال وزير التجارة بختي بلعايب عند لقائه المستشار بقسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، جون فرونسوا دوفين أول أمس "إن الجزائر ملتزمة بالدخول في هذه المنظمة"، لكن ذلك سيبقى مؤجلا في الوقت الراهن ريثما يتم "إنهاء المباحثات مع الاتحاد الأوروبي من أجل إعادة النظر في بعض نقاط اتفاق الشراكة" وعند إتمام هذه المباحثات "سيتم بعث مسار انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة في أحسن الظروف بما أن العراقيل التي يعرفها هذا المسار مصدرها الاتحاد الأوروبي أساسا" حسب ما كشف عنه بيان لوزارة التجارة أمس على لسان وزير التجارة بختي بلعايب. ويفهم من كلام وزير التجارة أن الجزائر تفكر جديا في إلغاء اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وتجاوزه للانتساب ضمن الفضاء الأكبر للمبادلات التجارية الحرة في العالم "منظمة التجارة العالمية". وأعربت الجزائر مرارا لجيرانها في الشمال تأسفها لكون الاتحاد الأوروبي لم يف بوعده بمساعدتها في عملية الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية كما ينص عليه اتفاق الشراكة المبرم بين الطرفين في سنة 2005 في ظل رغبة أوروبية للإبقاء على الجزائر كسوق لمنتجاتها وقطع الطريق امام المنافسة القادمة من الصين والدول الناشئة كتركيا والبرازيل والهند. وتعود المفاوضات التي تجريها الجزائر من أجل الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية إلى سنة 1987، غير أنها لم تباشرها فعليا إلا في 2001، حيث تم إرجاؤها بسبب وضع الجزائر كبلد منتج للبترول ورفضها فتح الخدمات الخاصة بقطاع الطاقة ومنذ ذلك الحين أجابت الجزائر خلال عشرات الجولات على آلاف الأسئلة الخاصة بنظامها الاقتصادي دون أن يساعد ذلك على انضمامها لهذا الصرح العالمي للتجارة. وقد شكل تنظيم الأسعار واستيراد السيارات المستعملة ورخص الاستيراد والإجراءات الصحية والعراقيل التقنية التي تعيق قطاع التجارة والرسم الداخلي على الاستهلاك والمساعدات على الاستيراد أهم المطالب التي تسلمتها الجزائر من طرف منظمة التجارة العالمية، وهو ما تجاوبت معه الجزائر بتعديل ترسانة قوانينها في العديد من المرات ولكن في الآونة الأخيرة اتجهت الجزائر مسلكا آخر لتعزز إجراءاتها لحماية سوقها الداخلي بعد أن فاقت فاتورة وارداتها ال60 مليار دولار لتنشأ آليات من بينها رخص الاستيراد وهو الإجراء الذي قدم الوزير بلعايب شروحات حوله لمبعوث صندوق النقد الدولي قائلا في هذا الإطار "إن هذا النظام الذي يخص لحد الآن الإسمنت وحديد البناء والسيارات، يتطابق تماما مع قواعد منظمة التجارة العالمية، مشددا على أن هذه المواد الثلاث تشكل لوحدها حصة هامة من إجمالي الواردات الجزائرية"، مبرزا أن توزيع هذه الرخص يخضع "لقواعد الشفافية التي تحكم هذه العملية". أما بخصوص قاعدة 49 / 51 بالمائة، فأكد الوزير "أن الأمر لا يتعلق بإجراء معرقل للاستثمار الأجنبي المباشر حيث إن التدبير من شأنه تشجيع الشراكة في كافة الميادين وأوضح أن "هناك نقاش غير رسمي جار في الساحة الاقتصادية لتخفيف هذا الإجراء".