اضطرم الصراع السياسي بين قوى الموالاة خلال الساعات القليلة، بعدما تسارعت أحداث ربع الساعة الأخير على الساحة الوطنية، فقد فجر الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني قنابل من العيار الثقيلة، أدت إلى قلب طاولة الهدنة بينه وبين الأرندي "الحليف الطبيعي للأفلان"، وحمل السقف المرتفع في تصريحات سعداني دلالة سياسية بارزة. ويروم عمار سعداني من وراء هذه التصريحات العاصفة بحق الأمين العام للتجمع الوطني الديموقراطي، مدير ديوان رئاسة الجمهورية، إلى وضع نهاية لأحد أقطاب التحالف الرئاسي السابق، والركيزة الحزبية التي شكلت ثنائيا قويا لدعم ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة، ولأنها حملت اتهامات مباشرة لأحمد أويحيى بعدم الإخلاص والوفاء للرئيس بوتفليقة، فلا يبدو أن هنالك تراجعا بشأن مسعى إضعاف الرجل الأول في الحزب الثاني للسلطة. تصريحات سعداني، سيكون لها رجع في الصدى، وستتم ترجمتها وفق قرارات منتضرة، الذي يكون قد أدرك منذ أشهر أن قرارا إحالته على التقاعد السياسي تم اتخاذه، وأن الأفلان هو من يطالب برحيل أويحيى، وفق ترتيبات سياسية الهدف منها تهيئة الساحة السياسية لمرحلة جديدة، لن تنكشف معالمها النهائية. ومن الواضح جدا أن السلطة حسمت في مستقبل الكيان السياسي الذي سيكون سندها في استحقاقها القادمة، ولن يخرج عن دائرة حزب جبهة التحرير الوطني الذي لا يريد منافسا أو حزبا وطنيا قد يكون بديلا عنه، مادام الأفلان متمسك بنفس الرؤية السياسية والاقتصادية التي أقرتها السلطة. عمار سعداني كان أكثر من جريء في هجومه الحاد على أحمد أويحيى، وهي المرة الأولى التي يتلقى فيها زعيم الأرندي مثل هذا الهجوم العلني من لدن حليفه السابق. حراك ربع الساعة الأخير لم يكن بردا وسلاما على واحد من رجال الدهاء السياسي، الذين يمثل خروجهم من الحقل السياسي نهاية مرحلة أو لنقل حقبة سياسية، وبداية مرحلة أخرى لن يجدوا فيها موطئ قدم لهم بحكم التحولات السريعة التي تميز الحقل السياسي في بلادنا هذه الأيام.