دخلت أمس، جل النقابات المستقلة في إضراب عن العمل وموجة احتجاجات أمام مديريات التربية عبر تراب الوطن، وذلك في سياق موجة من التأييد والالتفاف حول مطالب الأساتذة المتعاقدين المعتصمين في بلدة بودواو للمطالبة بإدماجهم. ملف لا يبدو أن وزيرة التربية نورية بن غبريت بإمكانها حله أو إيجاد المخارج القانونية له دون العودة للحكومة التي يبقى الحل بيدها على ضوء التطورات الأخيرة التي تحدث ميدانيا وتزايد أعداد المعتصمين. قضية الأساتذة المتعاقدين جاءت لتعقد الوضع في قطاع التربية الوطنية الذي "عربدت" فيه الوزيرة بن غبريت، ولا تعدو أن تكون مجرد قطرة أفاضت كأس التراكمات في القطاع، حيث الانتقادات للطرق الملتوية في التوظيف عن طريق المسابقات لم توقف هذا الأخطبوط الذي بعث اليأس لدى آلاف المتعاقدين في إمكانية الظفر بمنصب عمل قار، وما أساء للقطاع أكثر هو الاتهامات التي كالتها الوزيرة للمتعاقدين بحجة أنهم ظفروا بعقود عمل عن طريق الوساطة، وهو تصريح مسيء للمعلمين ولأسرة التربية والتعليم والأكثر أنه مسيء للوزارة والقطاع ككل، لذلك لا يبدو أن قطاع بن غبريت يمكنه مواجهة التحديات التي تستصغرها الوزيرة. لا يمكن التطرق إلى قضية المتعاقدين دون العودة إلى الوزراء قليلا، فقد سبق لوزيرة التربية نورية بن غبريت أن أشعلت فتيل غضب شعبي لدى الرأي العام الوطني، عندما دعت في توصية في ختام أشغال الندوة الوطنية لتقييم الإصلاحات التي انعقدت نهاية شهر جويلية من السنة الماضية إلى استعمال العامية في التدريس لدى تلاميذ السنة الأولى ابتدائي، وهو الأمر الذي استنفر الكثير من الجزائريين والأحزاب والجمعيات، ما دعا إلى تراجع الوزارة عن تلك الاقتراحات التي كادت أن تحول قضية لغة التدريس إلى فتيل حرب مفتوحة بين أكثر من تيار وطرف. بن غبريت "عربدت" في قطاع التربية بإخفائها جملة المناهج التربوية التي غيرتها دون سابق إنذار ودون إشراك هيئة التدريس التي تبقى بعيدة كل البعد عن هذا الميدان، بعدما زجت النقابات بالأساتذة في أتون معركة "البطون" بدلا من القيم والمناهج ومستقبل المنظومة ككل، وليس المطالب المهنية المحضة المتعلقة بالرواتب والرتب وفقط. بن غربيت "عربدت" في قطاع التربية عندما حولت مهنة الأستاذ إلى مجرد حارس لا قيمة تربوية له بواسطة عشرات التعليمات التي تقيد الأستاذ في القسم فيما تعلق بتعامله مع التلاميذ، وهذا ما أدى إلى تزايد العنف المدرسي الذي استهدف الأساتذة بشكل لم يسبق أن سجله القطاع. قطاع التربية والتعليم، بحاجة إلى رؤية ترعى كافة الجوانب، وبحاجة إلى وزير سيادي يمكنه أن يتخذ القرار دون أن يكون تحت وصاية أو سلطة خفية يأتمر بأوامرها، والقطاع ككل بحاجة إلى نقاش متخصص أيضا يراعي كافة الإشكالات المطروحة اليوم، ولا يمكن لوزيرة مثل بن غبريت وبهذا الواقع أن تحل المشاكل المطروحة بما يحد من اتساع رقعة الغضب في القطاع و قطاعات ذات صلة بالتوظيف.