دور النشر تحولت إلى مطابع والجامعة تسببت في قطيعةِ بين القارئ والكتاب أصبحَ رصد النقد الروائي في الجزائر من خِلال نُقادُ الرواية أنفسهم، ينطلقُ من أن فعالية هذا الأخيرِ لم تبلغ بعد مبلغ الحركة النقدية، بل هي في طورِ النُشوء والارتقاء ومن الخطأ التأكيدِ على الاتجاهات العامة للرواية الجزائرية دُون النُقاد، لأن هؤُلاءِ النُقاد يُشكلُون ظاهرةً مُستقلة، إضافةً إلى أن الخطابُ الروائي أضحىَ ينتقلُ من خطابٍ إبداعي إلى خطابٍ إيديُولوجي، مُتضمناً بذلك مفاهيم جديدة بواقع الرواية الجزائرية، كمِحنةِ المُثقفِ الجزائري ومحنةِ صراعاتهِ مع العالم الخارجي، وقبل الخوضِ في كُل هذا، كان لزاماً عليناَ تناوُل الراهن الأدبي في علاقاتهِ بالنصِ الروائي، واتصاله بالحركة النقدية لهُ، إذ لا يشكُ المُتتبعُ في أن إشكالية نقد الرواية في الجزائر تعاظمت في السنوات العشر الأخيرة رغم الوسط الضئيلِ الذي تُحاولُ الظُهور به. ومن خلال تواصلنا مع عدد من المُثقفين المُهتمين بالشأن الروائي العام، وعن إمكانية توجيهِ الروائي الجزائري "الناقد" في دراسةِ روايتهِ في واقعها الراهنِ، يرى الكاتبُ والباحثُ "بلكبير بومدين" صاحب دراسة "المُثقف العربي" في حديثٍ ل"البلاد" أن الساحة الثقافية في الجزائر، عرفت في سنواتها القليلة الماضية سيلاً من الروايات، والكثير من الأصوات التي أبدت بدورهاَ انزعاجها من ظاهرة "الإسهال في كتابة الرواية"، ما يصنف ضمن الأمراض التي أصابت الأدب الجزائري في الصميم في حين هُو يعتبرُهاَ ظاهرةً صحية، لأن الزمن كفيل بفرز وتصفية تلك الأعمال، التي لا يبقى منهاَ في الأخير ولا يصمدُ منهاَ إلا العملُ الجاد، ويُرجعُ بلكبير هذه المُشكلة حسبهُ إلى كون صوت النقد الذي أضحى خافتاً وبالكادِ يُسمع كما أن نسبة كبيرة من النُقاد يقُولُ لا يقرُأون، ولا يُكلفون أنفسهم عناء تتبع الإصدارات الجديدة، كما يعتبرُ أن الجامعة أيضا تسببت في قطيعة القارئ مع الكتاب، فهؤُلاء الأكاديميون حسبهُ حبيسي النظريات النقدية الغربية التي يُريدون قولبتها على الرواية المحلية، فمن جهةٍ هُم لا يتفاعلُون مع القارئ العادي، وكل ما يُقدمونه يبقى حبيس المدرجات والملتقيات المُغلقة والمُذكرات التي لا يقرؤُها أحدٌ غيرُهم من جهة أخرى، يُؤكدُ بلكبير بومدين إلى ضُعف جدوى أهداف هذا"المُثقف"والكاتب، ويقُولُ بشأنهِ "المُشكلة الأخرى تكمن في غياب مجلة ثقافية تعنى بالأدب والثقافة، وكذلك في ضحالة أغلب الصفحات الثقافية في الجرائد والصحف، التي حصرت الثقافة في الفلكلور ومهرجانات الغناء. وتخلى الكثير من الصحفيين في الأقسام الثقافية عن مهامهم في متابعة جديد الإصدارات والمنشُورات، وتوجهم نحو الكتابة الإبداعية ما وسع الفجوة أكثر كما أن هُناك وجه آخر للمُشكلة مُرتبط بالناشر فأغلب دور النشر أشبه بالمطابع، تحصر مهامها في طبع الكتاب، وتتقاعسُ عن القيام بمهام الترويج للكتاب والتسويق له على أوسع نطاق". كل هذه الأسباب وغيرها، يعودُ بهاَ بلكبير في أنها السبب الرئيسي والمحوري في جعلِ الكاتب يُوجه الناقد نحو عمله، فهُناك الكثير من الأعمال الجادة حسب محدثنا والمُتميزة من لا تجدُ الكتابة عنها، فأضحى هذا الأخير يقوم بالتأليف والترويج ومتابعة عمله.