- الحماية المدنية تنقذ تجمعات سكانية بأكملها وسائقون يفرون بمركباتهم إلى مسالك آمنة - انقطاعات التيار الكهربائي تضاعف معاناة المرضى والمسنين فاقمت سلسلة الحرائق التي تشهدها غابات العديد من ولايات الوطن تعقيدات الأجواء المناخية الحارة التي وصفت "بغيرالمسبوقة" إذ لا تقل درجتها عن 45 درجة مئوية نهارا وتتجاوز 35 درجة ليلا في عدة مناطق. وبالمقابل لا تزال ألسنة النيران تلتهم الثروة الغابية والحيوانية خاصة في وسط وشرق البلاد حيث تبذل جهود مكثفة لإخماد النيران التي التهمت مساحات واسعة من الغطاء النباتي خاصة بلديات بومرداس وتيزي وزووجيجل وبجاية وسكيكدة وميلة وقسنطينة وسوق أهراس والطارف. وتسببت الحرائق التي اندلعت خلال 72 ساعة الأخيرة في العديد من المناطق في احتراق نحو 500 هكتار من الأدغال والأحراش والغابات وآلاف الأشجار شجرة المثمرة. واعترف المفتش العام للغابات بأن هذه الحرائق التي سجلت مؤخرا هي ناتجة عن التقلبات الجوية وكذا درجات الحرارة المرتفعة. وبالنسبة الى الوسائل التي تم تسخيرها لإخماد هذه الحرائق في إطار حملة الوقاية لمكافحة الحرائق هي نفسها التي استخدمت العام الماضي التي تتمثل في 411 برج مراقبة وأكثر من 1200 عون للحراسة والتبليغ عن الحرائق بالإضافة الى سيارات التدخل الأولية. وأضاف مصدر عليم من المديرية العامة للغابات أن 90 بالمائة من الحرائق التي تندلع تكون بفعل إجرامي، وهو ما جعل النيران تلتهم مئات الهكتارات من الغابات في ظرف قياسي، وهورقم مخيف. وتابع أن "أهم الحرائق التي لا تزال مندلعة وتشكل خطرا على الغطاء النباتي والحيواني والسكان أيضا، على مستوى سكيكدة وبجاية وباتنة وقالمة". وفي غياب الإمكانيات "الجوية" لإطفاء النيران، اضطر سكان قرى عديدة إلى اعتماد أمر الحلول "معالجة الداء بالداء" كما يقال، أي بقطع الطريق على ألسنة اللهب المهاجمة لبيوتهم، بتعمد إشعال نيران مضادة في الاتجاه المعاكس، وهي وسيلة توارثوها عن قدمائهم، فيما اضطر عابروالطرق إلى الفرار بمركباتهم عبر مسالك غابية بعد التهاب ألسنة النيران عبر الطرق المعتادة. وعم الاعتقاد وسط استغراب السكان، بأن التهاب النيران الذي انتشر بطريقة شبه ممنهجة بأنه إرهاب آخر بفعل فاعل وليست مجرد صدفة، ما أدخلت جبال المنطقة فيما يشبه "الأرض المحروقة"، حيث صالت الحرائق وجالت عبر حزام ممتد من ولاية سوق أهراس والطارف في أقصى الشرق إلى غاية جبال منطقة القبائل مع تسجيل بؤر للحرائق في عدّة ولايات داخلية على غرار ڤالمة وأم البواڤي وخنشلة وباتنة. من جهة أخرى زادت ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي في بعض الولايات في تعقيد الوضع، مع ارتفاع درجة الحرارة التي ضاعفت من حدتها الحرائق التي تحاصر عددا من العائلات في عدة ولايات. واضطرت مئات العائلات للفرار نحو مناطق مكيفة بالهواء بعد تعرض عدة أجهزة كهرومنزلية للعطب والتلف. وتم تسجيل تدفق قياسي على مصالح الاستعجالات بالمستشفيات والمصحات في أغلب ولايات الوطن.وقد أثرت هذه الموجة "الاستثنائية" من الحر الشديد التي تمر بها ولايات الجنوب أيضا على سلوكات ويوميات سكان ولايات أدرار وورقلة والأغواط الذين اضطروا في مظاهر تشبه حالة "الاستنفار القصوى" إلى تغيير الكثير من أنشطتهم اليومية بغرض التكيف مع هذه الأجواء المناخية الثقيلة. ومن بين الإجراءات الوقائية التي اتخذها السكان تفاديا لضربات الشمس الحارقة ارتداء ملابس خفيفة وعدم التخلي سيما في أوقات الذروة على القبعات بما في ذلك المظل التقليدي المصنوع من سعف النخيل التي تقي من لفحات الشمس. وفي ظل هذه الظروف المناخية غير العادية يضطر السكان إلى التقليل قدر الإمكان من مغادرة منازلهم وتأجيل قضاء انشغالاتهم إلى الفترات المسائية تجنبا للفحات الشمس الحارقة وخوفا من ضرباتها الخطيرة التي كثيرا ما تحذر منها المصالح الصحية مع حلول كل فصل صيف. لكن هذا المشهد سرعان ما يتلاشى مع غروب الشمس حيث تمتلئ الساحات العمومية وأرصفة الطرقات بالمواطنين جماعات وفرادى فضلا عن حلقات السمر التي تمتد إلى ساعات متأخرة من الليل.