في محطة قطارات مدينة إيسن الألمانية، تسمع نداء صوت متكررٍ يحذر المارة والمسافرين من وجود السارقين واللصوص، في مؤشر على القلق الذي باتت تعيشه ألمانيا نتيجة تدفق اللاجئين. وهذا النداء، الذي لم يعتده الألمان من قبل، ليس هو المؤشر الوحيد على وطأة مسألة اللجوء التي باتت تؤرق المجتمع الألماني، بل يلمح الزائر هذا الهاجس في الإجراءات الأمنية المكثّفة في المطارات ومحطات القطار والأماكن العامة. ويبدو أن هذا القلق بدأ يتحول إلى حقيقة، إذ شهدت ألمانيا، أخيرًا، أربع هجمات في غضون أقل من أسبوع، أسفرت عن مقتل 10 أشخاص وإصابة 34 آخرين، كانت أكثرها دموية تلك التي شهدتها مدينة ميونخ. وأعرب المحللون عن اعتقادهم أن هجمات أخرى ستقع بالنظر إلى العدد الهائل من اللاجئين الذين دخلوا البلاد، من دون أية رقابة، وهو ما يعني صحة التحذيرات التي وصفت اللاجئين ب"القنبلة الموقوتة". ويرجح المحللون أن تؤدي هذه الهجمات الأخيرة إلى تأجيج القلق العام المتزايد من سياسة الباب المفتوح التي انتهجتها المستشارة أنجيلا ميركل مع اللاجئين. وكانت سياسة ميركل المُتسامحة مع اللاجئين أغرقت ألمانيا بأعداد هائلة من اللاجئين، وأحدثت انقساما بين الكتل والأحزاب السياسية الألمانية. وذهب بعض المحللين السياسيين، آنذاك، إلى أن المستشارة الألمانية، التي تحظى بشعبية، تغامر بمستقبلها السياسي. ودخل أكثر من مليون مهاجر ألمانيا خلال السنة المنصرمة بينهم كثيرون فروا من الحروب في أفغانستان وسوريا والعراق. وعاشت ألمانيا هدوءا نسبيا خلال الأشهر الماضية، بينما شهدت دول الجوار مثل بلجيكا وفرنسا هجمات دموية. الشرطة في كل مكان وفي أعقاب الهجمات الاربع، أعلن وزير الداخلية الألماني توماس دي مايتسيره الاثنين إن السلطات ستعزز وجود الشرطة في المطارات ومحطات القطارات وتجري عمليات تفتيش عشوائية في المناطق القريبة من حدودها. وقال مايتسيره في مؤتمر صحفي في برلين "ما هو مهم للغاية بالنسبة لي هو زيادة وجود الشرطة في الأماكن العامة". وذكرت صحيفة محلية ألمانية، الاثنين، أن الشرطة الجنائية الاتحادية لديها 410 أدلة بشأن وجود إرهابيين محتملين وسط اللاجئين الموجودين في البلاد. وأضافت الصحيفة أن تحقيقات بدأت في 60 حالة. ونقلت الصحيفة عن الشرطة الاتحادية الألمانية قولها "بالنظر إلى الهجرة المتواصلة إلى ألمانيا علينا أن نفترض أن يكون بين اللاجئين أعضاء نشطون وسابقون ومؤيدون ومتعاطفون مع منظمات إرهابية أو مجرمو حرب لهم دوافع إسلامية". يشار إلى أن أزمة اللاجئين ساهمت في صعود نجم اليمين المتطرف في ألمانيا وأوروبا، بصورة عامة. ويحذر الخبراء من أن تتحول القارة العجوز إلى جحيم للاجئين، بعدما غامر هؤلاء بكل ما يملكون للوصول إلى الحلم الأوروبي على الضفة الأخرى للمتوسط.