ردّت الجزائر على "المزاعم" التي نشرتها مجلة "بوليتيكو" الأمريكية حول ما وصفته ب"الشروط التي فرضها الاتحاد الأوروبي على الحكومة الجزائرية لإدخال إصلاحات سياسية مقابل استمرار التعاون في المجال الطاقوي". وأكد سفير الجزائر في بروكسل، عمار بلاني، أن "العلاقات القائمة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي متينة وبراغماتية ولن تتأثر بتحامل مصادر مجهولة تفرّغت لترويج إشاعات ومعلومات متضاربة ومجانبة للموضوعية". وذكر بلاني في رد مطوّل نشرته الصحيفة الأمريكية واسعة الانتشار أنه "كان حريا بمن يخوض في الشأن الجزائري أن يلتزم على الأقل بكشف هويته حتى يتلقى منا الرد الكافي والشافي حول مسائل جوهرية تحظى باهتمام حكومي واعتراف من الهيئات الإقليمية والدولية والأممية" وتابع أن "توجهات حكومة عبد المالك سلال وضعت من بين انشغالاتها الرئيسية التفاوض حول حماية أفضل لمصالح الشعب الجزائري كجزء من العلاقات المتينة والبراغماتية مع الاتحاد الأوروبي على أساس توازن واستمرارية المصالح لكلا الطرفين". وأضاف السفير الجزائري أن "بلادنا تساهم بنسبة معتبرة في ضمان إمدادات الطاقة للشريك الأوروبي مقابل ضمان حصة الجزائر في السوق وربحية الاستثمارات الثقيلة إذا تم الموافقة عليها"، مشيرا إلى أن "تقييم اتفاق الشراكة أصلا هدفه تعزيز علاقات التعاون في إطار التكفل الحقيقي والمتوازن بمصالح وبالتطلعات الشرعية لكلا الطرفين". وأكد "أجدد الالتزام الحازم والثابت للجزائر بعدم ادخار أي جهد للحفاظ على الطبيعة الاستراتيجية القوية والدائمة لعلاقاتنا مع الاتحاد الاوروبي ودوله الأعضاء". وقال في هذا السياق "نحن نحترم شريكنا ونطلب منه، بل نطالبه بأن يحترم سيادتنا ولقد وضعنا الحروف على النقاط في عدّة مناسبات ثنائية الاحترام المتبادل وتوزان المصالح". وأوضح بلاني أن "هناك مشاريع مشتركة وآفاق واعدة تجمع الجزائر بالاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة، حيث حققت مستويات الشراكة بين الطرفين تطورات نوعية جديدة منذ التوقيع على اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين في 2005 والتي تتميز بالكثافة وإنتاج مستوى عال بما يرضي التبادلات بين أصحاب الشراكة". وبخصوص الشراكة العامة مع الاتحاد الأوروبي، أكد السفير أن هناك عناصر وجوانب يجب تحسينها. في حين تحتاج جوانب أخرى إلى تغيير، مؤكدا أن الوقت حان كذلك بالنسبة للطرف الأوروبي "لتغيير مواقفه إزاء الجزائر". واعتبر أن الحوار السياسي القائم بين الطرفين منذ دخول اتفاق الشراكة حيز التنفيذ سنة 2005 يكتسي في السياق ذاته "أهمية بالغة" ويجب أن يتواصل من أجل التوصل إلى احترام متبادل بين الشريكين. وجاء الموقف الجزائري على لسان الممثل الدبلوماسي للجزائر في بروكسل تعقيبا على "معطيات مغلوطة" نشرتها مجلة "بوليتيكو" الأمريكية ونسبتها لمصادر مجهولة حول "الوضع العام في الجزائر وآفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي" الذي يكون حسبها قد فرض شروطا بينها "إدراج إصلاحات سياسية مستعجلة سواء من خلال توقعات بإحداث تغييرات على النظام أو تعديل حكومي مقابل توسيع حجم الصادرات من النفط والغاز إلى السوق الأوروبية". وفصّلت المجلة الأمريكية في باقي "الشروط" على غرار ضمان أمن إمدادات الغاز إلى أوروبا ومكافحة الهجرة غير الشرعية إلى الضفة الأخرى من البحر المتوسط، وتحقيق الاستقرار والدعم المالي والاستثمار الضخم وتنويع اقتصاد الجزائر". واستنتجت "مصادر" المجلة أن "الجزائر في ضوء هذه الشروط ستكون أمام خيارين لا ثالث لهما إما تحقيق معدلات نمو تضمن لها اندماجا سلسا في السوق الأوروبية أو انهيار صناعتها النفطية بما يجعلها دولة مستوردة في المستقبل بدلا من بلد منتج".