افتُتحت اليوم الدورة الأخيرة للبرلمان في العهدة الحالية، قبل تجديد الغرفة التشريعية في الانتخابات المقبلة المقررة العام القادم. وأكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، العربي ولد خليفة في كلمته أن المجلس سيناقش ويصادق خلال هذه الدورة على العديد من مشاريع القوانين. وبعد أن ذكّرّ بالانجازات التي حققتها الجزائر خلال فترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة .. أكد ولد خليفة أن الجزائر، تعتبر بشهادة المختصّين والمراقبين الدوليين، استثناءً عربيا وإفريقيا في ما يتعلّق بالاستقرار والتنمية وبناء الديمقراطية. وأضاف ولد خليفة أن هذا الاستثناء يمكن تأكيده بموضوعية عند النظر لما يحدث من اضطرابات في الجوار الجيوسياسي من تفاقم عمليات التفكيك والإضعاف من الداخل وانهيار الدولة الوطنية وعجز مؤسساتها عن أداء وظائفها لضمان الأمن والاستقرار خاصة مع تزايد احتمالات انتشار المقاتلين الارهابيين الأجانب في المنطقة وتفاقم الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط والتهديدات القريبة من الحدود الجزائرية في الجوار الليبي والمالي. نص الخطاب كاملا: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه إلى يوم الدين معالي السيّد رئيس مجلس الأمة، معالي السيّد الوزير الأوّل، أصحاب المعالي السيّدات والسادة الوزراء، السيدة والسادة أعضاء مكتب مجلس الأمة، السيّد رئيس المحكمة العليا، السيّدة رئيسة مجلس الدولة، السيّدات والسّادة النوّاب، السيّدات والسادة من أسرة الإعلام، يسعدني أن أرحب بكم في رحاب المجلس الشعبي الوطني وأشكركم على قبول الدعوة لمشاركتنا في افتتاح هذه الدورة المتميزة والتي تبدأ عهدًا تشريعيا جديدا قائما على مبادئ وقواعد دستورية تثمن العمل النيابي والممارسة الديمقراطية وترقي الدور الرقابي والتشريعي لغرفتنا وتعزز دور البرلمان بغرفتيه في الهندسة المؤسساتية لنظامنا السياسي. اليوم تفتتح الدورة الوحيدة الأولى في تاريخ البرلمان الجزائري والتي ستتواصل بلا انقطاع لمدّة لا تقل عن عشرة أشهر من أجل المساهمة في تكريس الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في إطار استراتيجيته النهضوية التي حوّلت الجزائر منذ بداية الألفية الجديدة إلى استثناء متميّز عربيا وإفريقيا من حيث الأمن والاستقرار والتنمية والمشاركة الفعلية للمرأة في المجالس المنتخبة وتوسيع مجال المشاركة الديمقراطية لكل الفاعلين الغيورين على استقلال وسيادة الجزائر ووحدتها الوطنية وهويتها الجامعة والتاريخية. لقد أشاد رئيس الجمهورية في رسالته المرجعيّة المخصّصة للاحتفاء بالذكرى المزدوجة ل 20 أوت 1955 و 20 أوت 1956 بعبقرية الشعب الجزائري، وما تميّز به قادته العظام من الشهداء والمجاهدين والمناضلين من أجل الحريّة والكرامة الانسانية في كلّ ربوع الوطن، من صبر وشجاعة ورؤية واضحة وإرادة موحّدة لتحقيق النصر، وهو ما ينبغي أن تستلهم الأجيال من دروسه على مرّ التاريخ. أيها السيدات والسادة الأفاضل، أيّها الجمع الموقّر، تعرف الجزائر منذ أزيد من خمسة عشر سنة حركية نهضوية فريدة ساهمت في ترقية المواطنة والتمكين من الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وهو ما أدى لترقية مستويات التنمية الانسانية في مختلف القطاعات من تعليم وتكوين وصحة وسكن...والسعي لتوفير حياة كريمة لكل المواطنين وهو ما حسّن من صورة الجزائر وشعبها على المستويين الإقليمي والدولي. كما استطاعت الجزائر بفعل الاستراتيجية التنموية لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، من تطوير نسق هيكلي من البنى التحتية من طرق وسكك حديدية وموانئ ومطارات وسدود وإنجازات اجتماعية وثقافية ومؤسسات بحثية للتكوين العالي والتمهين والتربية بهدف ترقية جودة أداء الموارد البشرية للمساهمة في تحقيق الطموح الوطني للارتقاء الاقتصادي القائم على الارادة السياسية الصادقة والتصور الجديد لبناء اقتصاد متنوع المصادر يقوم على ترشيد النفقات وتوزيعها العادل من أجل التقليل من التبعية لقطاع المحروقات والتركيز على قطاعات الصناعة والفلاحة والسياحة والاقتصاد الرقمي والخدمات. إن الجزائر تزخر بإمكانات ضخمة من مصادر الثروة، وهي الآن في حالة تفعيل للتقليل من آثار الأزمة التي تعاني منها غالبية اقتصاديات العالم المتقدّم والأقلّ نموا ولا شكّ أن التحدّيات التي تفرضها الأوضاع الاقتصادية الراهنة تتطلب من الشركاء في مؤسسات الدّولة وفعاليات المجتمع المزيد من التعاون لتجاوز المصاعب التي نواجهها في المرحلة الراهنة. بإمكان الجزائر تحقيق أولويات التنمية وإنجاز ما يطمح اليه شعبها على الرغم من السياق الاقتصادي العالمي المتأزم واستمرار الاضطرابات الهيكلية للسوق العالمية للمحروقات، وذلك بفضل التصوّر الاستباقي والعقلاني الذي وظفته الدّولة منذ 1999 والذي ساهم في بناء ادخار وطني هام واحتياطي صرف من العملة الصعبة برؤية صائبة لرئيس الجمهورية للتخلص المسبق من المديونية، سيسمح ذلك لبلادنا بجلب الاستثمار الأجنبي المنتج للثروة ومناصب الشغل وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على رفع انتاجها كما وكيفا ليكون قادرا على التصدير والمنافسة في الأسواق الجهوية والدولية فهي من أعمدة الاقتصاد في كثير من بلاد العالم، وهذا ما يحقق طموح الجزائريات والجزائريين في الحياة الكريمة التي تقوم على الجهد والكفاءة والاستحقاق. أيّها السيدات والسادة ، أيّها الجمع الموقّر، تعتبر الجزائر، بشهادة المختصّين والمراقبين الدوليين، استثناءً عربيا وإفريقيا في ما يتعلّق بالاستقرار والتنمية وبناء الديمقراطية وهو ما يمكن تأكيده بموضوعية عند النظر لما يحدث من اضطرابات في جوارنا الجيوسياسي من تفاقم عمليات التفكيك والإضعاف من الداخل وانهيار الدولة الوطنية وعجز مؤسساتها عن أداء وظائفها لضمان الأمن والاستقرار خاصة مع تزايد احتمالات انتشار المقاتلين الارهابيين الأجانب في المنطقة وتفاقم الأوضاع الأمنية في الشرق الأوسط والتهديدات القريبة من حدودنا في جوارنا الليبي ومالي. لقد بذلت الجزائر، بتوجيه من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، مجهودات كبيرة لمساعدة الشعبين الشقيقين على تحقيق الاستقرار والوحدة بالمصالحة الوطنية دون تدخّل أو وصاية مع الحرص على توثيق علاقات التضامن والتعاون مع دول الساحل وكل البلدان الإفريقية باعتبارها العمق التاريخي والاستراتيجي لبلادنا، وهو ما وجد تنويها وتقديرا من دول العالم ومن المنظمات الجهوية والدولية. يقف الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، سدا منيعا أمام المخاطر والتهديدات المحيطة بالجزائر بمشاركة كل المؤسسات الأمنية تطبيقا للتوجيهات الرشيدة لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة كما تبرهن عن ذلك حصيلة العمليات الاستباقية والوقائية التي تستأصل الإرهاب وايديولوجيته المسيئة لديننا الإسلامي الحنيف في كلّ الأماكن التي يريد أن ينفذ منها للمساس بأمن شعبنا وسلامة وطننا. أيها السيدات والسادة ، ستبقى الجزائر النصير الدائم لشعب فلسطين المظلوم وقضيته العادلة ولن تدّخر جهدا في دعم حقّه المشروع في دولة مستقلّة وعاصمتها القدس الشريف، كما يقف الشعب الجزائري بأحزابه ومنظماته إلى جانب شعب الصحراء الغربية وكفاحه النظيف من أجل حقّه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلّة إلى جانب أشقّائه في المغرب العربي الكبير وبعد عدّة عقود من النضال والصبر ستتحقّق آمال شعب الصحراء الغربية آخر مستعمرة في إفريقيا في العيش بحرية وسيادة. إنّ تعلّق الأغلبيّة السّاحقة من الجزائريين بقيم ثورتهم التحريرية وبهويتهم الوطنيّة وولائهم للجمهورية واعتزازهم بدستورهم، وهو مرجعيتهم الأولى، وثقتهم في مؤسّساتهم وفي حكمة وإخلاص رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي أنقذ الجزائر من جحيم الإرهاب بمبادراته التاريخية المتمثّلة في سياسة الوئام المدني وميثاق السلم والمصالحة الوطنيّة الذي أعاد الثقة بين الجزائريين وفي مستقبل بلادهم وشجّع على المصالحة مع الذّات ومع التاريخ ومع متطلّبات العصر في القرن الواحد والعشرين. لقد ساهم نجاح سياسة السلم والمصالحة الوطنية الذي سنحتفل بذكراها الحادية عشر بعد أيام في خلق الشروط الموضوعية لشروع السيد رئيس الجمهورية في إصلاحات سياسة عميقة كرّست الخيار الديمقراطي التشاركي والحوار المنفتح على الجميع كما وسّعت من مجالات المشاركة المواطنيّة في الحياة السياسية والمدنيّة والإعلاميّة والفكريّة... وسوف تتعزّز جودة الأداء الديموقراطي لمؤسساتنا بفعل التعديلات الدستورية الأخيرة التي تجعل من البرلمان الحاضنة الفعلية للمواطنة الفاعلة من خلال توسيع مجالات عمله التشريعي والرقابي مع الحرص على جعله صرحا لديمقراطية وطنية تعدّدية بنّاءة تساهم في تحقيق أولويات الوطن ومصالحه العليا. أيها السيّدات والسّادة، أيّها الجمع الموقّر، سوف تشهد هذه الدّورة نشاطا برلمانيا مكثّفا نظرا لما أتت به التعديلات الدّستورية الجديدة من قواعد تستدعي التكييف القانوني بالإضافة للقوانين الأخرى المرتبطة بمختلف القطاعات الحكومية، فمن المنتظر أن يدرس المجلس الشعبي الوطني المشاريع التالية : -مشروع قانون يعدل و يتمم القانون 05-06 ليوم 23 أوت 2005 و المتعلق بمكافحة التهريب -مشروع قانون يحدد تشكيلة المجلس الوطني لحقوق الانسان و كيفيات تعيين أعضائه و القواعد المتعلقة بتنظيمه و سيره - مشروع قانون يحدد قائمة المسؤوليات العليا في الدولة و الوظائف السياسية التي يشترط لتوليها التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها - مشروع قانون يعدل و يتمم القانون رقم 83-12 المؤرخ في 2 جويلية 1983 و المتعلق بالتقاعد - مشروع قانون يتضمن القانون التوجيهي لتطوير المؤسسات الصغيرة و المتوسطة - مشروع قانون يتعلق بالقواعد العامة للوقاية من أخطار الحريق و الفزع - مشروع قانون يعدل و يتمم الأمر رقم 70-20 المؤرخ في 19 فبراير 1970 المتعلق بالحالة المدنية - مشروع قانون يعدل و يتمم القانون رقم 01-14 المؤرخ في 19 أوت 2001 و المتعلق بتنظيم حركة المرور عبر الطرق و سلامتها و أمنها - مشروع قانون المالية لسنة 2017 كما أنه من المرتقب أن يدرس المجلس الشعبي الوطني، خلال هذه الدورة، أزيد من عشرة مشاريع قوانين أخرى سوف تودع لاحقا لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني. ومن أجل تطبيق القواعد الدستورية الجديدة الخاصة بعمل غرفتنا وما جاء به القانون العضوي المحدّد لتنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمّة وعلاقتهما بالحكومة، سوف يكون من أولويات مجلسنا تعديل قانونه الداخلي، بالتنسيق مع مجلس الأمّة، من أجل الرفع من جودة أدائنا خدمة للهيئة التشريعية ووفاء بالتزاماتنا المواطنية وخدمة لجمهوريتنا. من واجبنا كنواب الشعب، في هذه الدورة الهامة للمجلس الشعبي الوطني، أن نعمل بمثابرة وانضباط وإخلاص لشعبنا ودولتنا وباحترام مطلق لرموزنا الوطنيّة ولمؤسساتنا والتزام بالحوار الهادئ بين الجميع في مجلس تعدّدي يحترم دستور الجمهوريّة وكل اللوائح التنظيمية للمجلس الشعبي الوطني. زميلاتي، زملائي النواب، أيها الجمع الموقر، أشكركم في الأخير على مشاركتكم لنا مراسيم افتتاح هذه الدورة التشريعية والتي تعدّ بأن تكون من أهمّ الدورات في تاريخ هذه المؤسسة التشريعية، نظرا لجدول أعمالها المتميّز كما ونوعا. أشكركم على حسن الإصغاء متمنيا للجميع النجاح والتوفيق في خدمة شعبنا في ظل دولة آمنة ومستقرة ومزدهرة. شكرًا والسلام عليكم.