هكذا يسقط الطغاة وهكذا تنتفض الشعوب المقهورة دون توقف، هكذا سقط شاه تونس، وهكذا كانت ثورة الشعب التونسي فاصلة، لا تردد ولا شك فيها، ثورة لم تدعمها أمريكا ولا فرنسا ودباباتها، ثورة نظيفة من الداخل، آهاتها من الداخل وصرخاتها من أعماق التونسيين. وفي تاريخ البشرية وتاريخ الثورات برمتها، لا يوجد سقوط مشرف للطغاة، لم نقرأ عن سقوط طاغية مع ''حفظ'' الكرامة والشرف. كل الطغاة الذين سقطوا من الشاه إلى جعفر النميري إلى نيكولا تشاوسيسكو ومعسكرات الاتحاد السوفياتي البائد، عبر هذه المحطات وغيرها لم نسمع عن طاغية خرج سالما، أو عن نظام دكتاتوري حفظت الشعوب ماء وجهه. العالم العربي برمته يعيش اليوم مرحلة فاصلة، إما التجدد والاستجابة لمطالب الشعوب في التداول السلمي على الحكم وفتح مجال الحريات والتعددية السياسية والإعلامية الحقيقية، أو ثورات شعبية على الطريقة التونسية التي أزاحت عن ''التوانسة'' كابوسا ظل جاثما على الأمة لأزيد من عقدين. في إحدى برقيات السفارة الأمريكيةبتونس التي سربها موقع ويكيليكس مؤخرا أفادت هذه الخيرة بأن الشعب التونسي لا ينتظر تغييرا في السياسات الكبرى إلا بعد رحيل بن علي. وفي برقية أخرى ذكر السفير الأمريكي في تونس أن صهر الرئيس بن علي يربي نمرا اسمه ''الباشا'' ويملك قصرا.. و''آيس كريم'' يجلبه من أوروبا على متن طائرت خاصة في حينه.. ليقدمه تكريما لضيوفه... بل إن صهر بن علي (زوج ابنته) قدم 12 طبقا رئيسيا لضيفه الأمريكي.. في المقابل لم يجد المواطن التونسي شأنه شأن الكثير من المواطنين في العالم العربي ربع رغيف من الخبز بالسعر المحترم الذي يحفظ لهذا المواطن كرامته في العيش.