هل يتحول الاحتجاج بواسطة حرق الجسد إلى وسيلة تواصل بين المواطنين والحكومات في العالم العربي؟ بعد تونس والجزائر، طلع مواطن مصري البارحة إلى الساحة العامة، ليشعل النار في نفسه أمام مجلس الشعب، وإذا ما تحولت الظاهرة البوعزيزية إلى وسيلة تخاطب وتعبير للمواطنين في العواصم العربية مع مؤسساتهم، فإن الأمر سيزداد تعقيدا لأن لا أحد يمكن له أن يتحكم في الفعل الفردي لكل مواطن، خاصة وأن بعض الأنظمة في عالمنا بلغت مرحلة جد متقدمة من الشيخوخة السياسية بعدما ظلت قائمة لعقود دون أن يتغير قائدها أو زعيمها أو القائم بنهضة أمتها. إن الكثير من المؤشرات السياسية بعد انتفاضة تونس، التي أطاحت بواحد من أعتى رموز الديكتاتورية البوليسية في العالم العربي، هذه المؤشرات باتت توحي بأن انقلابا في منظومة التواصل بين الشعوب وحكامها قد حدث منذ الساعات الأولى لفرار زين العابدين بن علي إلى ''الأجواء الدولية''. التغيير في أدوات التعبير يراه البعض يأسا للمواطن العربي. بينما يراه البعض الآخر نمطا جديدا في التعبير عن الغضب أو عدم رضى هذا المواطن المحروم من حقه في المشاركة السياسية الحقيقية ومن حقه في الإعلام الحر التعددي ومن التعبير عن رأيه الاجتماعي والسياسي في المنابر الحرة... ومهما تعددت التسميات وتفاوتت الأحكام على هذا الفعل الجديد، يبقى من المهم مراجعة أدوات تواصل الحكومات مع شعوبها.. سواء يئس الشارع العربي من سلطه وحكوماته أو غيّر من نمط التعبير عنئرأيه.. وحتى لاتتحول الساحات العامة في العواصم العربية إلى محرقة شعبية، فإن ساعة الحقيقة قد حانت لهذه الأنظمة والحكومات التي تأبى التكيّف مع المحيط الدولي والإقليمي، والمطالب الشعبية الملحة للمزيد من الحريات.