بكثير من الأسف تراقب الجالية الجزائرية في فرنسا مسار الانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي ، فقضايا الإسلام والهجرة أصبحت عرضة لمزايدات المرشحين قبل فك الاشتباك اليوم في الدور الثاني والحاسم بين فرنسوا فيون وألان جوبي ، البلاد قامت ببحث الانتخابات مع النخبة الجزائرية المقيمة في باريس والتي أظهرت الكثير من التشأئم في نظرتها للمستقبل في ظل المزايدات الانتخابية ،واللعب على الوتر الحساس للناخب الفرنسي المتوجس من المهاجرين والذي يعيش منذ مدة على وقع هواجس الأمن والهوية . كريم "35" المهاجر الجزائري والمتحصل على شهادة الدكتوراه في البيولوجيا كان أول من إلتقيناهم في أحد المطاعم التركية في الدائرة الثانية العشر الباريسية ، الباحث الجزائري لا يرى عشية الدور الثاني لليمين الفرنسي فرقا كبيرا في نظرة المرشحين فيون وجوبي ، للهجرة ، معتبرا أن هدفهم المشترك هو تخفيض عدد المهاجرين ولو اختلفت الطرق والآليات بين فيون الأكثر تشددا والذي يفرض طريقة عيش اندماجية ولا يتعرف بتعدد الثقافات ، وجوبي الذي يقدم مشروعه في شكل أكثر براغماتية وليونة لكنه في النهاية يهدف هو الأخر إلى تخفيض عدد المهاجرين ، معتبرا أن المرشحين وجهين لعملة واحدة ، والدليل أن الفائز منهما سيحظى بتأييد الثاني في الانتخابات الرئاسية الفرنسية شهر ماي 2017. بعد 10 سنوات إقامة في باريس لا يخفي كريم إعجابه بالنظام التعليمي الفرنسي ، وكيف فتح له الباب ليتقدم في أبحاثه ومساره التعليمي ، معتبرا أن الوضع المؤسف للجالية الجزائرية عائد إلى تشتتها وتفرقها وضعف تنظيمها ، عكس الجاليات الأجنبية الأخرى التي تقل عنها عددا لكنها في نفس الوقت تفوقها تأثيرا واستطاعت أن ترسخ موقعها في المجتمع الفرنسي لتحافظ بالتالي على حقوقها ومصالحها . قبل أن نترك الباحث الجزائري المرموق ، أصر كريم على تسجيل تحفظه على تركيز الإعلام والطبقة السياسية الفرنسية على الجوانب السلبية للهجرة، وتجاهل الحديث عن ألاف المهاجرين الجزائريين أو الأجانب ممن ساهموا في نهضة فرنسا وفي إثراء الحياة العلمية والاقتصادية والاجتماعية في هذا البلد ، كما عرج في نهاية حديثه إلى التحديات التي تواجه الطالب الجزائري نتيجة صعوبة الإجراءات الادراية وتعقيدها لتجديد أوراق الإقامة ، مع الإشارة طبعا إلى أن فرنسا تعتمد نظام مجانية التعليم تقريبا أين لا تتعدى رسوم التسجيل 500 يورو في السنة شاملة تكاليف الرعاية الصحية وهو مبلغ زهيد مقارنة مع رسوم الجامعات البريطانية أو الأمريكية . الإعلامي زكرياء: فيون سيفرض على الجزائريين نظام الكوطة وجه جزائري أخر له دور ومكانة في المجتمع الفرنسي ، زكرياء.د 34 سنة الصحفي المقيم في باريس منذ سنة 2004 أين وصلها طالبا ، ليحصل سنة 2006 على شهادة الدراسات في العلاقات الدولية ، وفي سنة 2007 بدأ مشواره في احدى المؤسسات الإعلامية الفرنسية المرموقة ، استقبلنا زكرياء بمقر عمله بحفاوة أين وجدنا الكثير من الجزائريين والعرب ، وكانت اللغة الدارجة والأمازيغية مستعملة بشكل كبير . استهل زكرياء حديثه بالإشارة إلى أن الجالية العربية المسلمة تصوت عادة لليسار كما حصل سنة 2012 لذلك لا يوجد اهتمام كبير بالانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي هذا الأخير منقسم اليوم بين التيار الشراكي" نسبة لجاك شيراك " الذي يمثله ألان جوبي والتيار الردكالي الذي يمثله فرنسوا هولاند ، وقبل الخوض في قضايا الهجرة شدد المتحدث أننا أننا نعيش في ظل أوضاع استثنائية في فرنسا بعد الهجمات الإرهابية في الآونة الأخيرة ما جعل مواضيع الإسلام والهجرة ضمن أولويات السياسيين الفرنسيين . وبالعودة إلى مواقف المرشحين، لا يعتقد زكرياء أن هناك اختلاف كبيرة في النظرة للمهاجرين وللهجرة بشكل عام، والجالية الجزائرية والعربية والمسلمة تنتظر الأفعال وليس الأقوال ، لكنها بشكل عام تميل إلى جوبي الذي يمثل مدرسة الرئيس السابق جاك شيراك المعروف بمواقفه القريبة من القضايا العربية ، أكثر من فيون الذي لا يختلف كثيرا عن نيكولا ساركوزي ، لكن هذا لا يمنع أن كلا المرشحين سيعيدان النظر في السياسية الفرنسية لقضايا الهجرة، فقط الاختلاف أن فيون يظهر مواقف راديكالية ومتشددة تعتمد على نظام الكوطة مثل كيبك بكندا بالنظر الى الاعمار والجذور، وسيعمل أيضا على تصعيب الإجراءات الإدارية ،بينما جوبي يطرح أساليب أكثر مرونة لكنها في النهاية تهدف إلى التقليص الهجرة . فيما يخص انتقال الطلبة الجزائريين للدراسة في فرنسا يقول زكريا : " لا أعتقد أننا سنشهد إعادة النظر في الآليات المتبعة اليوم لأن هذا الملف مرتبط بالاتفاقيات الثنائية بين البلدين وهي ملزمة حسب القانون الدولي ، لكن لا أستبعد اتخاذ بعض الإجراءات من الجانب الفرنسي لمراقبة إضافية لحركة الطلبة الجزائريين إلى فرنسا، لكن لا يجب أن ننسى أيضا أن فرنسا بحاجة إلى طلاب من الجزائر والمغرب العربي لأنهم نخبة وقيمة مضافة للمجتمع الفرنسي "، ونفس الأمر ينطبق على التأشيرات الممنوحة للجزائريين التي يقول الصحفي الجزائري أنها خاضعة هي الأخرى إلى اتفاقيات ثنائية بين دولتين ولا مجال لإعادة النظر في السياسة المتبعة حاليا سواء في تنظيم حركة تنقل الجزائريين والفرنسيين في اتجاه البلدين . رابح .. ناشط جزائري في المجتمع المدني : فيون أخطر علينا من ساركوزي ! في بلدية فيتري سور سين كان لقاؤنا مع المكلف بالمهاجرين في البلدية ورئيس جمعية معا من أجل المستقبل التي تعمل على مساعدة المهاجرين وتنظيم نشاطات لصالح الجالية الجزائرية ، رابح العاشوري إبن الشهيد والمهاجر منذ 30 سنة يبدي إهتماما واسعا بالانتخابات التمهيدية التي تجري اليوم بين فيون وجوبي للفوز بترشيح اليمين الفرنسي ، بالنسبة له مستقبل أبناؤه وأبناء الجالية على المحك في ظل مزايدات اليمين الفرنسي ، لكن هذا الاهتمام غائب عند أغلب أبناء الجالية، ما أثر على الوزن الانتخابي للجزائريين والمسلمين على عكس الجاليات الأخرى التي تدافع عن مصالحها ومستقبل أبنائها. وعودة إلى الموازنة بين المرشحين لليمين الفرنسي يرى رابح العاشوري أن إقصاء ساركوزي في الدور الأول مثل خبرا سعيدا للجالية ، لكن على ما يبدوا هذه الفرحة لم تدم طويلا لأن المرشح الأوفر حظا اليوم فرنسوا فيون قد يكون أخطر علينا من ساركوزي فقط هو يعتمد طريقة خطاب أكثر لباقة ، وهذا نظرا لمواقفه المتشددة وتمثيله لتيار اليمين الراديكالي اتجاه قضايا الهجرة ومستقبل الجالية ، فيما يتميز جوبي بسياسة أكثر سلالة اتجاه المهاجرين وهو أقرب إلينا والدليل زيارته الأخيرة للجزائر في إطار حملته الانتخابية ، فيما يعتبر العاشوري أن الحل هو في تجند الجالية الجزائرية والمسلمة لدفاع عن حقوقها من خلال الاندماج المثالي وتحسين صورتها في المجتمع الفرنسي . عميروش: لو كنا منظمين ومتحدين لما تأثرنا بهذا المرشح أو ذلك لقاؤنا الأخير كان مع الطالب عميروش 30 سنة وهو في نفس الوقت ناشط في جمعية محلية في فرنسا تساعد المهاجرين الجزائريين ، بالنسبة لعمروش كلا المرشحان متشابهان وهو لا يعول على أي منهما، خاصة أن جوبي وفيون يعتبران من فريق ساركوزي الحكومي وهي أسوء فترة مرت على المهاجرين والجالية، لكن هذا لم يمنع عميروش من تسجيل اختلافات بسيط، وبكثير من الحسرة يقول عميروش أن أول مسئول على الوضع المزري الذي تعيشه الجالية هم أبناؤها بالدرجة الأولى لتفرقهم وتشتت جهودهم ، ولو كانت تدافع عن حقوقها بقوة لما تأثرنا بهذا المرشح أو ذاك، وضرب المتحدث مثل الجالية الصينية في فرنسا رغم حداثتها وقلة عددها غير أنها منظمة بشكل كبير وتدافع عن مصالح أبنائها ، كما انتقد أداء السفارة الجزائرية في فرنسا التي تترك المهاجرين أمام مصيرهم ولا تعمل على مساعدتهم وتنظيمهم كما تفعل السفارات الأخرى.