وضع وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار رئيس حكومته عبد الإله بن كيران في زاوية محرجة، عندما تبرأت وزارته من التصريحات التي أدلى بها بن كيران لوكالة "قدس براس" اتهم فيها روسيا بتدمير سوريا. وتبرأت الرباط في موقف يعكس التخبط السياسي الذي تعيش فيه الدبلوماسية المغربية من تصريحات رئيس الحكومة عقب الاحتجاج الشديد الذي رفعه السفير الروسي للسلطات المغربية في المغرب، "فاليري فوروبييف". مزوار المحسوب على المخزن والسلطة الملكية عموما أصدر بيانا يستدرك فيه خطأ رئيس حكومته الذي عبر عن موقف حزبه المحسوب على الإخوان. وأشار المغرب إلى أنه ملتزم بدعم حل سياسي يضمن استقرار سوريا، ويحافظ على وحدتها الوطنية وسلامة أراضيها، موضحا أن "المملكة دائما تعبر عن قلقها إزاء المآسي الإنسانية الخطيرة الناجمة عن الأزمة السورية". وذلك في رد للتخفيف من الغضب الروسي الذي جاء فيه إن "التصريحات المذكورة التي أدلى بها مسؤول حكومي كبير، غير مسؤولة". وتكرّس خرجة وزير الخارجية المغربي ضد رئيس حكومته، الازدواجية الحاصلة في الحكومة المغربية والتي تحدث عنها البعض في الانتخابات الأخيرة التي جرت مطلع خريف 2016، وفاز فيها حزب بن كيران بأغلبية المقاعد البرلمانية، فقد سبق أن أثارت المعارضة تدخل المستشار الخاص للملك علي الهمة، في الشؤون السياسية والمالية للمغرب باعتباره صديق دراسة محمد السادس وأقرب المقربين إليه لدرجة أن مغاربة يتحدثون عن الهمة باعتباره الرقم واحد في القصر، وأنه هو من يقف وراء القرارات الحاسمة والحساسة، لتتدخل عوامل أخرى في تكريس نظام "خدّام الدولة" الذي يعني كل الموالين للمؤسسة الملكية بكل صورها وأبعادها المؤسساتية الأمنية والسياسية والإدارية والإعلامية. وتعتبر مواقف وزير الخارجية المتبرئة من رئيس حكومته انعكاسا طبيعيا لهذه الصورة التي تجكم نظام القصر وعلاقته مع البرلمان والحكومة، كون المشهد الذي يقدم على طبق الديمقراطية مجرد واجهة للحكم الحقيقي الذي يخمّر القرارات داخل القصر بعيدا عن المؤسسات المنتخبة، مما يعني سيادية السلطة الملكية على غيرها من باقي السلط.