من المنتظر أن تكون 2017 سنة سياسية بامتياز، بالنظر للمواعيد والاستحقاقات المنتظرة، أولها الانتخابات التشريعية المرتقبة شهر أفريل، وثانيها الانتخابات المحلية المتوقع أن تكون شهر نوفمبر من السنة الداخلة، ناهيك عن التغيرات المنتظرة في الساحة السياسية في ظل التحالفات التي تبدوا في الأفق سواء قبل أو بعد الاستحقاقات. وتستعد الساحة السياسية على قدم وساق للانتخابات التشريعية القادمة، والتي ستميز الثلاثي الأول من سنة 2017، حيث سارعت أغلب الأحزاب السياسية إلى إعلان المشاركة في هذا الموعد الانتخابي الهام، حيث لم تفصل بعد في قراراها من هذا الموعد أحزاب قليلة جدا، منها حزب العمال الذي لم يدرج الانتخابات التشريعية ضمن أولوياته، ومن المتوقع أن يعلن عن قراره مطلع شهر جانفي الداخل، والأمر نفسه بالنسبة لحزب طلائع الحريات التي ستجتمع لجنته المركزية الأسبوع الأول من شهر جانفي وذلك ليفصل هو الآخر في قرار المشاركة من عدمه، كما تعرف الساحة السياسية عودة بعض الأحزاب للواجهة على غرار التجمع من أجل الثقافة والديمقراطي "الأرسيدي" الذي قاطع هذا الموعد سنة 2012، هذا في مطلع السنة القادمة. أما في نهاية سنة 2017، سيكون الموعد مع تنظيم الانتخابات المحلية، لانتخاب المسؤولين المحليين على مستوى المجالس الشعبية البلدية والمجالس البلدية الولائية، والتي قد تنظم شهر نوفمبر من السنة القادمة، وهي الانتخابات التي عادة لا تقاطعها أغلب الأحزاب السياسية، وتعتبرها وسيلة للبقاء أقرب من المواطن وتسيير شؤونه اليومية محليا، وقد أعلنت جبهة القوى الاشتراكية وبشكل مسبق المشاركة فيها. مع العلم أن كلا الموعدين الانتخابيين للسنة الجديدة سينظمان في ظل قوانين جديدة، خاصة اللجنة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات. من جهة أخرى، قد يعرف المشهد السياسي ميلاد خارطة سياسية جديدة، ستظهر ملامحها أكثر بعد الانتخابات التشريعية، في ظل التنافس الكبير الذي تشهده، سواء بين أحزاب الموالاة الأفلان والأرندي الذين يعتبران غريمان، وكل واحد منها يسعى لافتكاك الصدارة من الآخر. كما أن التاريخ السياسي عودنا فيما مضى على تداول الحزبين على الصدارة بين 1997 و2002، وهو الذي يعول عليه الأرندي هذه المرة. كما أن أحزاب المعارضة ستتنافس فيما بينها هي الأخرى، حيث من المتوقع أن تكون المنافسة شرسة بين الإسلاميين "النهضة والعدالة" المندمجين وبين حركة مجتمع السلم من جهة أخرى، ناهيك عن التنافس الذي سيكون بين الأحزاب المشكلة لتنسيقية المعارضة. كما تشهد السنة القادمة تحالفات جديدة في الساحة السياسية، خاصة بين الإسلاميين، وهو التحالف الانتخابي الاندماجي الذي سيتجسد لا محالة بعد التشريعيات القادمة بين كل من جبهة العدالة والتنمية من جهة وحركة النهضة من جهة أخرى، لتعود "النهضة التاريخية" للساحة السياسية الجزائرية. فيما يتوقع أن يعود أبناء مدرسة الشيخ نحناح إلى سابق عهدهم من خلال مشروع الوحدة الذي يتم التشاور واللقاء بشأنه، والذي لا يستبعد حسب التصريحات الإعلامية أن يتم الإعلان عن ميلاد هذا المشروع بعد التشريعيات، لتدخل الانتخابات المحلية في حلتها الجديدة القديمة. وفي حال أبدت المعارضة "رضاها" ولو كان جزئيا على نتائج الانتخابات التشريعية، فإن الساحة السياسية ستشهد تحولات جذرية، من خلال مشاركة بعض أحزاب المعارضة في حكومة ما بعد تشريعيات 2017، فيما يشبه حكومة وفاق وطني، وهو الأمر الذي دعت إليه بعض أحزاب المعارضة، غير أن الأمر مستبعد أن يتم القبول بحكومة وفاق وطني من طرف أحزاب الأغلبية التي تعتبر الأمر عودة لنقطة الصفر.