تتجه الساحة السياسية في الجزائر نحو مشاركة قياسية في الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها شهر أفريل من السنة القادمة، وذلك على خلاف التوقعات والحراك السياسي الذي كان طيلة السنة الجارية، خاصة من طرف قوى المعارضة مجتمعة، ناهيك عن انتقادها لقانوني الانتخابات وهيئة مراقبتها. وسيكون شهر نوفمبر الجاري شهر الحسم بالنسبة لأغلب الأحزاب السياسية المعارضة للفصل في موقفها النهائي من الانتخابات التشريعية القادمة، وستكون البداية بكل من حركة مجتمع السلم وحركة النهضة بداية من يوم غد الجمعة، حيث سيتم عقد مجلس الشورى لكلى الحركتين. وحسب المؤشرات الأولية من داخل البيت الحمسي، فإنه حصل شبه إجماع بضرورة المشاركة، خاصة مع توجه أغلب قوى المعارضة والمشكلة لتنسيقية الانتقال الديمقراطي أو حتى هيئة التشاور والمتابعة للمشاركة في الاستحقاقات القادمة، ضف إلى ذلك اعتقاد طرف داخل الحركة أن المشاركة أكسبت حمس تجربة لن تجدها خارج هذا النطاق. كما ستكون حركة النهضة يوم الجمعة على موعد مع مجلس الشورى الوطني، للبت في موقفها النهائي بخصوص التشريعيات القادمة، ومن المرجح هي الأخرى أن تشارك في الموعد الانتخابي القادم، كونها تندرج ضمن أحزاب التنسيقية التي أعلنت ضمنيا مشاركتها خلال آخر لقاء لها. كما أن مشاركة الحركة تبدو في الوقت الراهن أكثر من ضرورة، في ظل الصراعات التي قد تطفو إلى السطح غدا، من طرف معارضي الأمين العام الحالي الذين يسعون للإطاحة به، والذين فشلوا في ذلك مؤخرا، غير أنهم يسعون للعودة للواجهة مع انعقاد مجلس شورى الحركة. من جهة أخرى، فإن العديد من الأحزاب لن تتأخر هي الأخرى في الكشف عن موقفها من الانتخابات التشريعية التي من المنتظر أن تكون شهر أفريل من السنة القادمة، وهذا بعد أن أعلنت كل من حركة البناء الوطني، وحركة الإصلاح الوطني مشاركتها، في انتظار جبهة العدالة والتنمية، وجبهة التغيير وطلائع الحريات، هذا الأخير الذي يتزعمه علي بن فليس تعتريه بعض التجاذبات في الآونة الأخيرة ستضطره للمشاركة في الانتخابات القادمة، وعلى رأسها موجة الاستقالات التي طالت الحزب والتي أعلن عنها بعض شباب الحزب، في الوقت الذي تهدد قيادات أخرى بمغادرة الحزب في حال تم مقاطعة الانتخابات. كما أن قيادة الطلائع مجبرة على مسايرة موقف المعارضة، في انتظار البحث بين الفاعلين فيها عن آلية للتنسيق بخصوص مراقبة الانتخابات. كما أن تغريد جبهة العدالة والتنمية خارج سرب المعارضة ومختلف الأحزاب الإسلامية يعني غيابه عن الساحة السياسية لمدة لن تقل عن خمس سنوات، وباعتبار الحسابات السياسية قد تضطر العدالة والتنمية لخوض معترك تشريعات ربيع 2017 مثل باقي التشكيلات السياسية، رغم أنها كانت من الداعين إلى مقاطعتها جماعيا، لكن اختلال توازن القوى لغير صالح العدالة والتنمية والمعارضة بصفة عامة، في ظل قانون الانتخابات الجديد، سيدفع شيخ العدالة عبد الله جاب الله لإعلان المشاركة في الاستحقاقات القادمة. من جهتها، قدمت جبهة التغيير العديد من المؤشرات على أنها ستشارك في الانتخابات القادمة، وذلك من خلال آخر تصريح لرئيس الجبهة وزير الصناعة الأسبق، عبد المجيد مناصرة، الذي اعتبر فيه أن الضغوطات الخارجية ستقلّص من التزوير الانتخابي، طارحا أربعة مؤشرات لذلك منها ما هو مرتبط بالسلطة نفسها، حيث اكتشفت حسبه أن الأغلبية التي تمخضت عن الانتخابات "المزورة" لم تقدم لها شيئا، بالنظر لعجزها عن تأطير الشارع، كونها منفصلة عن الواقع. وعليه يستبعد بهذا الخصوص أن تلجأ السلطة سنة 2017 إلى آليات التزوير المفضوحة، كما حدث سنة 2012، بذريعة الخوف من ثورات الربيع العربي. أما المؤشر الآخر الذي يستند إليه مناصرة، فهو أنّ أحزاب المعارضة تعرف حالة من النضج، وتنسيقا يمكن وصفه بغير المسبوق، وقد يكون عاملا في قوة الرقابة والضغط، لتراجع نسبة التزوير في الانتخابات.