عرفت قائمة الأحزاب التي قررت المشاركة في الانتخابات التشريعية والمحلية القادمة، توسعا، بعد أن أعلنت غالبية التشكيلات السياسية الدخول في السباق سنة 2017. والتحقت حركة مجتمع السلم أمس بالركب بعد إعلان رئيسها رسميا عن المشاركة في هذه الاستحقاقات، فيما ينتظر أن تقرر أحزاب أخرى الذهاب أوالمقاطعة في الأيام المقبلة. والملاحظ في الموعد الانتخابي المقبل، هو أن الأحزاب ستخوض السباق «فرادى»، بعد أن تلاشت كل التحالفات السابقة، سواء بين الأقطاب الوطنية أوداخل التيار الإسلامي. وأعلنت حركة مجتمع السلم (حمس) أمس المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة، حسب بيان للحركة نشر عقب اجتماع مجلسها الشوري. ودعت الحركة بالمناسبة مناضليها ومسؤوليها «للتفاعل الإيجابي مع هذا القرار». قرار لم يكن مفاجئا بالنظر إلى التصريحات السابقة لمقري، الذي اعتبر أن الاستحقاقات الانتخابية المقبلة تمثل «فرصة إضافية لبناء دولة مزدهرة»، ومن شأنها أن تضمن الرفاهية لكل الجزائريين و«تؤمن مستقبل الأجيال للانطلاق بأسس جديدة تقوم على التعقل والتعاون لأجل المصلحة العامة». وجاء قرار «حمس» بعد توالي الاعلانات عن المشاركة من طرف أحزاب القطب الإسلامي، لاسيما المنضوية تحت سقف تنسيقية الانتقال الديمقراطي، والتي يبدو أن أغلب المهيكلين تحت لوائها قرروا المشاركة باستثناء حزب جيل جديد الذي أعلن رئيسه جيلالي سفيان مقاطعة الموعد الانتخابي. ففضلا عن حمس، اتخذ حزب النهضة وحركة الإصلاح الوطني نفس الموقف، وأعلنا عن مشاركتهما في الاستحقاقات المقبلة، مبررين ذلك بمواصلة أداء دور ريادي «في ساحات التأثير السياسي والاستمرار في الدفاع عن مصالح المواطنين وتجسيد المشروع الوطني»، كما جاء في بيان النهضة، وهي أيضا «فرصة لتكريس مشروع تنمية وازدهار الجزائر» و«فرصة يتعين اغتنامها» من أجل الخروج بأرضية إجماع ستضمن الحفاظ على «المصلحة العليا للبلاد»، كما أشار إليه الأمين العام لحركة الإصلاح فيلالي غويني. بالاضافة إليهم، فإن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية «الأرسيدي» الذي يناضل في إطار تنسيقية الانتقال الديمقراطي، قرر هو الآخر المشاركة هذه المرة، بعد أن قاطع تشريعيات 2012. وفي تصريح للصحافة، أكد رئيس التجمع محسن بلعباس أن مشاركة الحزب في هذه الإنتخابات ستمكنه من تكوين «رؤيا أوضح»، تمكنه من أداء «دور أكثر فاعلية» على الساحة السياسية. ورغم أن أحزاب التنسيقية التي تخندقت في «المعارضة»، قررت الدخول في السباق منفردة، فإنه ومحاولة للوقوف أمام احتمال أي انفجار داخلي بسبب المواقف المتباينة من الموعد الانتخابي، فإن التنسيقية فضلت ترك الخيار لأعضائها، وأبدت ليونة من خلال اعتبار أن قرار المشاركة في التشريعيات المقبلة «مسؤول». وفي انتظار إعلان حزب التنمية والعدالة عن موقفه، فإن الأكيد أن تجربة التكتل الأخضر الذي خاضت به أحزاب من التيار الإسلامي تشريعيات 2012 مجتمعة، لن تتكرر هذه المرة، حتى وإن كانت تصريحات بعض قادة التيار ترحب بالتحالفات. لاتحالف كذلك في القطب الوطني هذه المرة، بعد أن فضل أكبر حزبين ممثلين في البرلمان الحالي خوض المعركة ك«متنافسين» وليس كحليفين. ورغم أن استقالة الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني قد خفف أجواء الاحتقان مع الغريم «التجمع الوطني الديمقراطي»، فإن التحركات الحالية للحزبين توحي بجو المنافسة الكبير بينهما، لاسيما بعد أن شدد الأمين العام للأرندي في مرات عدة، على ضرورة استعادة تشكيلته السياسية لموقعها القوي، وهو الذي لم يخف رغبته في الحصول على الأغلبية. بالمقابل، فإنه رغم التغيير الذي عرفته قيادة الآفلان، فإن الأمين العام الجديد جمال ولد عباس الذي يسعى إلى جمع الشمل ومحو آثار الخلافات التي كان سعداني قد أحياها في عهدته، يطمح بذلك أن يحافظ على مكانة الحزب العتيد في الساحة السياسية وعلى مرتبته الأولى وطنيا، وهو ما يجعل من تصور التحالف أمرا صعبا. وبدون مفاجأة، أعلنت الأحزاب المقاطعة ل«المقاطعة» والمتعودة على المشاركة في كل الاستحقاقات، خوضها غمار الانتخابات التشريعية والمحلية في 2017، وأهمها جبهة المستقبل وجبهة الجزائر الجديدة وجبهة الشباب الديمقراطي، إضافة إلى الجبهة الوطنية الجزائرية وحزب العدل والبيان والتحالف الوطني الجمهوري والحزب الوطني الجزائري. من جانبه، أكد حزب العمال على لسان أمينته العامة، لويزة حنون أنه لن يقاطع الانتخابات التشريعية والمحلية، كما أكد حزب تجمع أمل الجزائر «تاج» مشاركته فيها وهي أول تجربة انتخابية لهذه التشكيلة السياسية التي رغم عدم مشاركتها في الاستحقاقات السابقة، فإنها تملك نوابا داخل المجلس الشعبي الوطني والذين انسحب أغلبهم من تكتل الجزائر الخضراء، لينضموا إلى حزب عمار غول الجديد حينها. ويبقى موقف جبهة القوى الاشتراكية غير محدد إلى غاية الساعة، ولو أننا تعودنا في السابق على عدم اجتماع الأفافاس مع غريمه الأرسيدي، وهما الحزبان المتنافسان الرئيسيان في منطقة القبائل، في تشريعيات واحدة. ففي المرة السابقة، حين شارك الأفافاس، فضل الأرسيدي المقاطعة. فهل يستمر ذات السيناريو، أم يلتقي الخصمان في سباق التشريعيات هذه المرة؟ وفي مجمل القول، يمكن الإشارة إلى وجود اهتمام كبير بموعد 2017، وهو ما يشير إلى وجود إدراك لدى أغلب التشكيلات بضرورة المشاركة في وضع الملامح السياسية للمرحلة المقبلة، في ظل رهانات جديدة تطرحها المرحلة الراهنة والمقبلة.