لا أحد يزايد عليّ.. كنت في المعارضة ومورست ضدي ضغوط بعث رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، عبد الوهاب دربال، برسائل سياسية قوية إلى كل الفاعلين في العملية الانتخابية مفادها أن إنشاء هذه الهيئة جاء في إطار "ورشات إصلاح كبرى"، وأن هذا الأخير "لا يؤخذ إلا بمقدار وضمن توزيع زمني مدروس"، قائلا "لا ننتظر من الهيئة وحدها أن تنقلنا من الظلمات إلى النور أو من الفساد إلى الإصلاح". فيما هدد المحاضر الوزراء المترشحين في حال استعملوا وسائل الدولة قائلا "سأتخذ الإجراءات القانونية". وبدا عبد الوهاب دربال، رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، وهو يحاضر حول الهيئة "بين مقتضيات الشفافية ومتطلبات نشر الثقافة الانتخابية" بمجلس الأمة، بدا صريحا بأن الساحة السياسية "أمام تحول" في ظل "ورشات إصلاح كبرى" كانت بدايتها في خريف 1999، ما مفاده أن ما ترسب في وقت مضى بخصوص العملية الانتخابية لن يزول غدا حيث إن "طبيعة الإصلاح تقتضي التدرج" مشبها الأمر "مثله مثل الدواء فلا يؤخذ إلا بمقدار وضمن توزيع زمني مدروس"، مضيفا في خطاب فهم على أن المقصود منه هي قوى المعارضة حينما قال "كما أن حزمة أو دفعة إصلاح سياسي لا تراعي الواقع الاجتماعي العام بكل أبعاده لاسيما الثقافية والأمنية والاقتصادية، قد يكون ضررها أكبر من نفعها"، معتبرا إصرار البعض على أن يكون الإصلاح السياسي دفعة واحدة وبشكل كلي وجامع "إن موقفا كهذا بقدر ما يبعث على الاحترام والإعجاب لا بد أن يدفع أيضا إلى الحذر والتمعن في واقعنا"، مضيفا "حتى لا يكون الحب قاتلا" مستشهدا بالمثل العربي القائل "ومن الحب ما قتل". ويرى دربال في محاضرته بمجلس الأمة، أمس، أن البلاد في الوقت الراهن "أمام تحول"، معلقا على ذلك بالقول "لا يمكن أن لا نتحول"، معتبرا أنه "من الأفضل أن نتحول بإرادتنا خير من أن يكون التحول بغير إرادتنا وفي غير مصلحتنا"، واصفا الأمر بأنه "عملية صعبة وصعبة جدا ومركبة"، غير أنه استدرك "والصعب يسهل إذا كان فيه تعاون". من جهة أخرى، رافع دربال من أجل الهيئة التي يرأسها، مؤكدا أن "التنصيص القانوني على هذا المولود الجديد بكونه هيئة وليس لجنة، هيئة ذات استقلالية قانونية ومالية ودائمة غير مؤقتة يضفي عليها المزيد من المصداقية التي تجعل منها عاملا مطمئنا انتخابيا على الساحة السياسية". مشيرا إلى أن من مقتضيات الشفافية تعيين أعضائها بمرسوم رئاسي، إضافة للصلاحيات المنصوص عليها في القانون منها 11 صلاحية قبل الاقتراع، و6 صلاحيات خلال الاقتراع، و3 صلاحيات بعد الاقتراع. وأضاف أن الهيئة "توجد على نفس المسافة من كل الأطراف ذات الصلة بالعملية الانتخابية" وهي الإدارة، والأحزاب السياسية، والمترشحون الأحرار، والرأي العام. وبخصوص متطلبات نشر الثقافة الانتخابية، قال إنه مراعاة المصلحة بمفهومها الواسع بالنسبة للدولة "في حماية وحدة وسيادة المجتمع والدفاع عن مصالحه من خلال الدفاع عما يسمى في تراثنا الحضاري بالكليات وهي الدين أو (الهوية) والنفس والعقل والعرض والمال، هي في الواقع محددات الاختيار عند الناخب". وأكد دربال أنه تكريسا لهذا التوجه فإن المهام المسندة للهيئة والصلاحيات التي تتمتع بها تؤكد فلسفة مفادها "المواطن يشكل محور دوران الهيئة واهتمامها من خلال توفير المناخ الملائم لأداء واجبه الانتخابي والتعبير عن رأيه والإدلاء بصوته وتسجيل موقفه في جو من الطمأنينة والارتياح وفي كنف من الهدوء والقانون"، ومضيفا أن الهيئة تأسس "لمناخ سياسي مستقر يفضي لتحقيق التنمية الشاملة". فيما وجه دربال في رده على الأسئلة العديدة التي طرحها ممثلو وسائل الإعلام، حذر رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، الوزراء أو المسؤولون العازمون على الترشح، من استعمال وسائل الدولة قائلا "استعمال وسائل الدولة ممنوع"، مضيفا "مسؤول يترشح لا يعني أنه فوق القانون"، مشددا على أن "المنع يطال الجميع"، مستغربا الثقافة السائدة وهي أن "المسؤول يٌخدم ولا يَخدم" قائلا "لا بد أن يخدم بدل أن يٌخدم"، مضيفا بصيغة التأكيد "لو يقع في يدي ملف بالوثائق وأتأكد من استعمال وسائل الدولة فسأتخذ الإجراءات التي يمنحها لي القانون". كما رفض دربال المزايد عليه قائلا "كنت في المعارضة السياسية ومورست علي الضغوط، ولا أحد يزايد عليّ، فأنا أعرفها وتعرفني ويعرف ناقتها بعيري"، مطمئنا الجميع بالقول "نحن أمام إصلاح جاد وبتعهد من أعلى المسؤولين في الدولة يستقر فيها الوطن وتحقق المصلحة العامة". وعاد دربال إلى تنظيف الهيئة الناخبة قائلا "بعد 05 سنوات قد لا نتحدث عن تنظيف الهيئة الناخبة، وذلك بالاستعانة بالرقمنة التي أدخلتها مصالح الداخلية".