قبل أيام طالعنا ملفا كاملا عن تكهنات أمريكية في مجلة السياسة الخارجية تؤكد أن رياح الانتفاضة الشعبية ستهز خمس دول عربية بعد تونس، وصدقت قراءة المجلة الأمريكية التي أدرجت مصر· والبارحة نشرت صحيفة ''البايس'' الإسبانية خريطة للدول العربية الملتهبة، وأدرجت أحد عشر بلدا عربيا أوضاعه غير مستقرة· ويكاد الغرب يقول لنا إن العالم العربي أصبح جغرافيا موبوءة بالخلافات والصراعات والثورات الشعبية· القراءات الغربية تعددت هذه الأيام عن مصر وتونس والدول العربية ومستقبل السلام في الشرق الأوسط، وكأن العرب عاشوا من قبل سلاما· أليست منطقة الشرق الأوسط هي الجغرافيا الوحيدة في العالم التي لا تنتهي حروبها؟ أليست منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الوحيدة على وجه الأرض التي لا تكف عنها تدخلات القوى الدولية الكبرى والنافذة؟ إذن لماذا يبكي الغرب السلام على ضياع نظام حسني مبارك؟ هل يريد سلاما عادلا أم نظما عربية تحافظ على أمن إسرائيل حتى لو احترقت جل البلدان العربية، والمهم ألا تصل ألسنتها إلى إسرائيل؟القراءات الغربية تعددت بالفعل، وتعددها يخضع اليوم للتمنيات أكثر منه للقراءات الصحيحة المبنية على الأرقام الصحيحة في العالم العربي· في الولاياتالمتحدةالأمريكية فشلت أجهزة الاستخبارات ودوائر صناعة القرار والدراسات والاستشرافات المستقبلية التكهن بالثورة في تونس· وبعد أيام قليلة من فرار الرئيس المخلوع بن علي كانت المراكز والدوائر نفسها تؤكد لنظام مبارك أنها واثقة من استقرار مصر وهو الكلام نفسه الذي قاله البعض للرئيس المصري على هامش القمة الاقتصادية للقادة العرب بشكل أو بآخر، لكن وبعد أيام قليلة جدا اندلعت شرارة الغضب الشعبي بأسلوب صدم الكثير ممن رأوا في نظام مبارك نموذجا لتماسك وقدرة الأجهزة الأمنية في أم الدنيا على السيطرة·· السيطرة الكاملة على أي تحرك شعبي، لكن النظام البوليسي كان أهون من بيت العنكبوت حيث اختفى أخطر جهاز أمني في العالم العربي عن الأنظار، لذلك تكاد هذه الأحداث تقارب في بعض أوجهها هزة الحادي عشر سبتمبر لكنها اليوم تضرب منظمومة الحكم العربي برمته·