جنح خطاب أحزاب الموالاة، خلال الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية لتشريعيات الرابع من ماي 2017، إلى استغلال واضح لرموز الدولة المتمثلة في رئيس الجمهورية وشهداء الثورة التحريرية، أكثر من التنافس ببرامج اقتصادية بديلة لتحقيق النهضة الاقتصادية في ظل الأزمة المالية التي تمر بها البلاد، عقب تسجيل انهيارات في أسعار النفط وتهاوي قيمة الدينار كعملة وطنية. أحزاب الموالاة، التي كانت تتهم أحزاب المعارضة بمحاولة تهديد أمن واستقرار البلاد لتبنيها فكرة المرحلة الانتقالية، لم تقترح بدائل اقتصادية حقيقية للنهوض بالاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة، رغم اعتراف الحكومة المشكلة من غالبية وزراء متحزبين بينهم حاليا مترشحين في منافسة السباق نحو قبة البرلمان بضرورة التقشف تماشيا مع الظرف الاقتصادي الصعب. وعليه، لم يكن أمام أحزاب السلطة بسبب "الإفلاس" في نوعية الخطاب البديل، سوى اللعب بشكل واضح على وتر "الرئيس" و«الثورة التحريرية"، حيث تحول رئيس الجمهورية الذي يمثل الأمة الجزائرية إلى "ورقة تنافس" بين حزبي السلطة، حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي. ففي ظل "التنابز" بين حزبي السلطة، الذي هو في حد ذاته سيخدم النتائج التي ستعلن لاحقا، بعدما تُركز الأنظار على "الآفلان" و«الأرندي" في "صراع" يستقطب اهتمام الناخبين، بعدما كان الصراع في السابق بين الأفلان ومعه الأرندي ضد أحزاب المعارضة، جاء هجوم جمال ولد عباس أمين عام الحزب العتيد على غريمه أحمد أويحيى أمين عام الأرندي، حيث قال: "نعرف كل الأحزاب المفبركة التي تهاجمنا وسنرد بالثقيل والوثائق.. الجبهة هي من أسست الدولة الجزائرية.. من يمس الجبهة فقد مس رئيس الجمهورية"، وذلك ردا منه على تصريحات أويحيى من ولاية سكيكدة، والتي قال فيها: "إن الثورة هي ثورة كل الجزائريين والرئيس هو رئيس كل الجزائريين" التي كانت في حد ذاتها ردا، من هذا الأخير، على ولد عباس الذي أراد الاستفراد بالرئيس كرئيس للجبهة وبالثورة التي احتضنها الشعب بكل أطيافه، وفقا لمقولة الشهيد العربي بن مهيدي "ارموا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب". بالموازاة مع ذلك، أظهرت بعض أحزاب المعارضة التي انساقت في المسعى الانتخابي على حساب مطالبها المنبثقة عن أرضية مزفران نوعا من الجدية في طرح برامج تضمنت خطوطا عريضة عن محاور اقتصادية، رغم أن قضية التنفيذ تبقى بعيدة المنال بسبب صعوبة تحقيق عنصر "الأغلبية المطلقة" في البرلمان لتشكيل الحكومة، هذه الأخيرة، التي تبقى بدورها عاجزة عن تجسيد "طموحاتها" على أرض الواقع بسبب منظومة الحكم المبنية على النظام الرئاسي الذي يضع "رئيس الحكومة" في منصب وزير أول وفقا للدستور المعدل مسير للأعمال ومنفذ لبرنامج الرئيس وليس صاحب برنامج.