يحتفل ''متحف سيرتا'' أو ''دار العجب'' كما يسميه البعض، قريبا، بالذكرى الثمانين لتأسيسه، وذلك باعتبار هذا المعلم التاريخي من بين أقدم الهياكل الثقافية في الجزائر. وبالرغم من ارتباط قرار بنائه بتاريخ إنشاء الشركة الأثرية لعمالة قسنطينة سنة 1852؛ إلا أن متحف ''غوستاف مرسييه''، كما كان يسمى سابقا، لم ير النور إلا في سنة 1931 عندما قام المهندس ''كاستيللي'' بوضع تصميم له يأخذ شكل ''فيلا'' ذات نمط إغريقي روماني. وتقول مديرة المتحف شادية خلف الله إن هذا المرفق العريق كان مخصصا سابقا لتخزين وجمع التحف الأثرية التي يعثر عليها في عمليات الحفر والتنقيب، وكذا الاكتشافات المختلفة بقسنطينة. وأوضحت المتحدثة أن هذه ''التحفة المعمارية'' التي استفادت سنة 1998 من الاستقلالية المالية، تتربع على مساحة تقدر بحوالي 2100 متر مربع مقسمة إلى ثلاثة أجنحة رئيسية مخصصة لعلم الآثار والأعراق البشرية والفنون الجميلة، إضافة إلى حديقة خاصة بالكتابات المنقوشة. ويعتبر الجناح المخصص لعلم الآثار من بين أهم الأقسام في المتحف، وذلك نظرا لما يحتويه من كنوز أثرية مصنفة حسب التسلسل الزمني للأحداث التي تمثلها، وكذا معطياتها العمرية وأماكن اكتشافها، إلى جانب احتوائه على قاعة مخصصة لفترة ما قبل التاريخ، وأقسام أخرى تضم تحفا أثرية تنتمي إلى الحضارات التي تعاقبت على عاصمة ''الشرق الجزائري'' على غرار الحضارات النوميدية والقرطاجية والإغريقية، بالإضافة إلى الحضارة الرومانية والمسيحية والإسلامية كالحمادية والعثمانية. من جهة أخرى، يضم القسم الخاص بالأعراق البشرية كل ما له علاقة بالعادات والتقاليد التي تميز قسنطينة من ملابس تقليدية وحلي وأوان نحاسية وزراب وأدوات حربية تقليدية، إضافة إلى مخطوطات و''أسطرلاب'' قديم لقياس ارتفاع الشمس والنجوم، في حين يحتوي الجناح الخاص ب''الفنون الجميلة'' على لوحات فنية في غاية الروعة تمتد إلى القرن السابع عشر ميلادي موقعة بأنامل فنانين تشكيليين غربيين كبار ينتمون إلى مدارس فنية مختلفة على غرار''إتيان دينيه'' و''إيميل أوبري'' و''بول جوبير''، إلى جانب مجموعة أخرى من أعمال لفنانين جزائريين معروفين من بينهم رائد المدرسة التعبيرية محمد إسياخم.