يستعد المتحف الوطني سيرتا الذي يعد من بين أقدم الهياكل الثقافية في الجزائر والذي عادة ما يطلق عليه "دار العجب" لإطفاء شمعته الثمانين. وحتى وإن كان قرار بنائه قد اتخذ فور إنشاء الشركة الأثرية لعمالة قسنطينة العام 1852 فإن المتحف المعروف سابقا باسم "غوستاف مرسييه" والذي أطلق عليه بدءا من السنة 1975 "متحف سيرتا" لم ير النور إلا في سنة 1931 بتوقيع من المهندس كاستيللي الذي منحه شكل فيلا ذات نمط إغريقي روماني كما أكدت مديرة هذه الهيئة. وذكرت الآنسة شادية خلف الله في هذا السياق بأن البناية الكائنة بموقع "الكدية" بقلب المدينة كانت معدة لتخزين وجمع عدد هائل من الأدوات الأثرية الناجمة عن عمليات الحفر والاكتشافات الطارئة بمنطقة قسنطينة. ويمتد هذا المتحف الذي استفاد سنة 1998 من الاستقلالية المالية على مساحة إجمالية تقدر ب2.100 متر مربع من بينها 1.200 متر مربع مغطاة و 900 متر مربع تشكل حديقة خاصة بالكتابات المنقوشة كما أضافت نفس المسؤولة التي أوضحت بالمناسبة بأن المبنى مقسم إلى 3 أجنحة رئيسية مخصصة لعلم الآثار والأعراق البشرية والفنون الجميلة. ويعتبر الجناح المخصص لعلم الآثار أهم أقسام المتحف على الإطلاق بالنظر لثراء ما يتوفر عليه من كنوز أثرية مبوبة حسب التسلسل الزمني للأحداث التي تمثلها وكذا معطياتها العمرية ومواطن اكتشافها. ويتوفر هذا الجناح خاصة على قاعة حقبة ما قبل التاريخ وأقسام أخرى تضم المجموعات الأثرية التي تنتمي لمختلف الحضارات التي تعاقبت على الجهة والمتمثلة في الحضارات النوميدية والقرطاجنية والإغريقية المصرية والرومانية والمسيحية والإسلامية (الحمادية والعثمانية منها) حسب نفس المسؤولة. ويتوفر الجناح الخاص بالفنون الجميلة من جهته على روائع فنانين تشكيليين كبار ينتمون لمدارس مختلفة تعود للقرن السابع عشر الميلادي على غرار إتيان دينيه وأيميل أوبري وبول جوبير إلى جانب مجموعة أخرى من أعمال فنانين جزائريين معروفين منهم أمحمد اسياخم و عمار علالوش وغيرهم. ويتضمن القسم الخاص بالأعراق البشرية والذي دشن سنة 1997 فقط موادا ذات علاقة بالعادات والتقاليد التي تميز المنطقة ومن بينها عينات من الملابس التقليدية والحلي والأواني النحاسية والزرابي والسلاح الأبيض والبنادق القديمة والمخطوطات إلى جانب استطرلاب قديم لقياس ارتفاع الشمس والنجوم كما أفادت مديرة ذات المتحف.