* نساء عاملات يفطرن على البيتزا والسبب "وقتي لا يكفي"! * "التقشف" وكسوة العيد يقلصان من المائدة الرمضانية للجزائريين * مختصون يؤكدون: السهر خارج البيت ظاهرة صحية
يعيش الجزائريون جوا مختلفا عن باقي أيام السنة خلال شهر رمضان، فالطاولة الرمضانية على سبيل المثال تعرف تنوعا ملحوظا في الأطباق عند أغلب الجزائريين، كما تختلف هذه المأكولات بتنوع عادات المناطق. لكن يكاد يتفق كل الجزائريين على طبق الشوربة أو الحريرة والبوراك، ناهيك عن الزيارات العائلية والسهرات التي تكثر في هذا الشهر الفضيل، لكن هذه العادات تغيرت عند بعض العائلات، والتي أصبحت تفضل شراء وجبة فطور جاهزة وخفيفة من المطاعم، وتقضي وقت فطورها وحتى سحورها على شاطئ البحر بدل الاجتماع مع العائلة ومتابعة البرامج التلفزيونية. "البلاد" رصدت بعض هذه العادات الجديدة، وتحدثت إلى مواطنين لتعرف الأسباب التي دفعتهم إلى ذلك.. نساء عاملات يفطرن على البطاطا المقلية والبيتزا.. السبب "وقتي لا يكفي"! في حين تمتلئ موائد الجزائريين بكل أنواع المأكولات والمعدة بأنامل نساء البيت اللواتي يحرصن على تحضيرها قبل ساعات من موعد الإفطار، فإن إفطار بعض العائلات وخاصة الصغيرة منها، بات يقتصر على البطاطا المقلية وبعض المشروبات والحلويات، حتى أن بعض العائلات تسارع إلى شراء "دجاج مشوي" أو بيتزا قبل الإفطار، وكل هذا لتجنب الطبخ في المنزل. تقول سامية التي التقيناها بأحد مطاعم عين البنيان بالجزائر العاصمة قبل نصف ساعة من الإفطار "لا أستطع اللحاق بإعداد فطور رمضاني كامل، فأنا أخرج من عملي منهكة، ثم يكون علي أن أجلب الأطفال من الروضة، إضافة إلى متاعب التربية"، موضحة "لهذا لا يمكنني إعداد الفطور يوميا في المنزل، واليوم أنا أشتري الدجاج المشوي وبعض المشروبات لوجبة الإفطار". أما محمد الذي التقيناه بالمكان نفسه، حاملا معه علبة بيتزا، فقال لنا إنه سئم أكل الشوربة والأطباق الرمضانية الأخرى التي باتت تتكرر يوميا، حيث أضاف "بعد مرور 15 يوما على رمضان، لا أستطيع تناول الشوربة وباقي الأطباق الأخرى، لهذا أحاول تغيير روتين رمضان، واشتري بيتزا للإفطار، فأنا أعيش مع زوجتي فقط".
"التقشف" وكسوة العيد يقلصان من المائدة الرمضانية للجزائريين
تخلت بعض العائلات عن وجبة الإفطار المعدة في المنزل، فاستبدلتها بوجبات المطاعم، فإن الكثير من العائلات قد قلصت من المائدة الرمضانية التي باتت لا تحتوي إلا على طبق الشوربة والسلاطة، مستغنية بذلك عن "البوراك" الذي بات يكلف موائدهم مصاريف لا يقدرون عليها. تقول السيدة سماح "لم أعد أجهز طاجين الزيتون أو البوراك أو مختلف الأطباق المحشية، لأنها باتت تكلف ميزانية العائلة لهذا الشهر كثيرا، كما أن الكثير من المأكولات أصبحت ترمى في القمامة بعد الإفطار، لهذا فضلت أن أتقشف في وجبة الإفطار". أما عيسى الذي التقيناه وهو رب عائلة مكونة من خمسة أفراد فقد صرح بأنه بات لا يشتري غير المواد الأساسية التي تحتاجها عائلته، مستغنيا عن الكماليات وأضاف قائلا: "مع اقتراب عيد الفطر المبارك، لا بد أن أشتري كسوة العيد لأطفالي وبالتالي أحاول تخفيض النفقات الأخرى قدر الإمكان".
سهرات الشواء والشاي بدل الزيارات العائلية
قبل سنوات، كانت معظم العائلات الجزائرية تقضي ليالي رمضان في السهرات العائلية وزيارة الأقارب والجيران، ولاتزال هذه عادة الكثير من العائلات. تقول خديجة، من ولاية ورڤلة "أغلب سهراتي أقضيها بين الذهاب إلى الأقارب أو قدومهم إلى بيتي، وأحيانا أجتمع مع صديقاتي كل يوم في منزل واحدة، وتبقى الأجواء هكذا حتى انتهاء شهر رمضان". لكن وفي أغلب المدن الكبرى، أصبح الخروج للسهر في الأماكن الترفيهية أكثر متعة من الجلوس مع أفراد العائلة أو زيارة الأقارب، وهنا تقول خالتي دوجة من حي القصبة العتيق "كنا منذ زمن نلتقي نحن نسوة الحي على أسطح العمارات، حيث نعد أطباق الحلويات، و نغني وصلات تقليدية وكانت البوقالات شيئا أساسيا في السهرة، لكن اليوم أصبحت كل واحدة تفضل الخروج مع عائلتها إلى أماكن الترفيه والسهرات".
السحور على شاطئ البحر...
تتجه العائلات إلى بعض الأماكن الترفيهية ليلا. شواطئ البحر تعج منذ وقت الإفطار وحتى السحور بمجموعات من الشباب اتفقوا على السهر بعيدا عن أجواء العائلة، يقول كريم " كل ليلة أقصد شاطئ زرالدة مع أصدقائي، نتسحر على بعض الفواكه والحلويات ونتبادل أطراف الحديث، أنا أفضل هذه السهرات على حديث العائلة الذي بات روتينيا وفيه الكثير من النميمة".
المختصة في علم الاجتماع آمال حاجة ل"البلاد": الظاهرة صحية وعادية
أكدت المختصة في علم الاجتماع آمال حاجة، في تصريح ل"البلاد" أن خروج الجزائريين للسهر خارج البيت بدل السهرات العائلية أمر طبيعي وظاهرة صحية وأضافت قائلة "هذا مؤشر يدل على تصالح العائلات مع المدن، والانفتاح على الخارج مؤشر إيجابي، ويختلف هذا الأمر حسب المناطق، وثقافة العائلات، كما أن هناك انغلاقا طوال السنة، يحاول الجزائريون تعويضه. فالجزائر العاصمة من بين المدن التي تنام باكرا طوال أيام السنة، لهذا فالجزائريون يستغلون هذا الشهر للتعرف والتمتع بالفضاءات الخارجية". وأرجعت المتحدثة تهافت الجزائريين على السهرات خارج البيت إلى التحول الذي عرفه المجتمع فالعائلات أصبحت مصغرة بعدما كانت عائلات كبيرة وممتدة. كما أضافت المتحدثة أن "اللمات العائلية" لم تكن من بين العادات والتقاليد التي يتبعها الجزائريون فقط، كما يروج له البعض، بل هو نمط فرض عليه بسبب نقص الأمن أثناء العشرية السوداء. وأشارت المختصة في علم الاجتماع، إلى فضاء آخر جلب إليه شريحة كبيرة من الجزائريين، خاصة الشباب، حيث ظهر بسبب التغير التكنولوجي وهم الأفراد الذين يمضون سهراتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يفضلون الإبحار عبر الإنترنت على الخروج للسهر. وتضيف المتحدثة "أصبح كل فرد يعيش في عالمه الخاص، وهؤلاء لا يغريهم الفضاء الخارجي ولا الفضاء العائلي، لأنهم أصبحوا يبحثون عن علاقات اجتماعية افتراضية".