حالات إهمال كثيرة وضحايا وتحقيقات ولا شيء تغير! عدة استقالات في صفوف الأطباء وضرب تحت الحزام و"تخلاط" كبير! يتفق سكان ولاية الجلفة على أن أوضاع قطاع الصحة تتجه من سيّئ الى أسوأ منذ 3 سنوات تقريبا، حيث تسارعت الاحتجاجات وفضائح الإهمال بشكل متصاعد، على خلفية ضعف التكفل الصحي وفي أحيان عدة انعدام روح المسؤولية، خاصة على مستوى مصالح الاستعجالات الطبية أو على مستوى مصالح الولادة التي أضحت تنام وتستيقظ على التذمر والاستياء والتسيب والذي كان ضحيته الأخيرة أم وجنينها، حيث جسدت 3 مستشفيات عمومية أسمى معاني الإهمال والتسيب وغياب روح المسؤولية. لجان تحقيق معدومة الفاعلية وذر للرماد في العيون! حينما قاد وزير الصحة والسكان السابق عبد المالك بوضياف زيارة وصفت حينها بالسرية والليلية إلى قطاع الصحة بالجلفة ووقف على سير المستشفى ومصلحة الاستعجالات الجراحية بحي الحدائق بعاصمة الولاية في حينها، كان يأمل السكان في أن تكون الزيارة سرية فعلا وقولا، وعلى الرغم من أن الوزير اصطدم بثورة العشرات من المواطنين وأهالي المرضى والذين فتحوا النار على كافة المستويات والأصعدة، وذكروا أن قطاع الصحة يتخبط في مشاكل عدة، وأن الوضع لا علاقة له بالهياكل الصحية، بقدر ما له علاقة بالممارسات، مؤكدين تعرضهم ل"الاستفزاز والضغط". كما أشاروا إلى غياب الأطباء والممرضين في أوقات الدوام وغياب الأدوية أيضا، وتعرضهم للإهانة والشتيمة، داعين الوزير إلى متابعة الوضع وفتح تحقيق معمق في جميع هذه الممارسات، إلا أن تصريح الوزير السابق كان صادما في حينها وأكد أن "قطاع الصحة بخير"، خاصة بعد أن وقف الوزير السابق عبد المالك بوضياف على تواجد العديد من الأطباء والممرضين بمصلحة الاستعجالات فوجدها تسير بشكل عادي ولا نقائص فيها، غير أن رد المواطنين كان عكس ذلك إذ أكدوا للوزير أن ذلك مجرد "سيناريو" لكون المصلحة تم تطعيمها بالأطباء والممرضين بسرعة الضوء، حينما كان الوزير يتفقد المستشفى الكبير. المشكلة حسب العديد من المواطنين، أن لجان التحقيق الوزارية، والتي حلت في العديد من المرات للتحقيق في أوضاع قطاع الصحة وأوضاع مصلحة الاستعجالات بالخصوص، لم يثمر عملها شيئا لتبقى دار الصحة على حالها. ومن بين تلك اللجان، اللجنة المُكونة من 3 مفتشين توجهت مباشرة إلى المصلحة المذكورة لمعاينة الوضعية عن قرب وعلى المباشر. وحسب مصادر "البلاد" في حينها، فإن اللجنة الوزارية، التقت عددا من المواطنين وعلى المباشر فوضعوها في صورة التسيب واللامبالاة والوضعية الكارثية التي تعيشها مصلحة الاستعجالات بعاصمة الولاية. كما صُدم أعضاء اللجنة حينما التقوا "متطوعين" لتنظيف المصلحة، وهو الأمر الذي يعكس غياب عمال النظافة. كما تحدث مواطنون مباشرة إلى أعضاء اللجنة عن غياب الأطباء والممرضين وأن المصلحة المذكورة تسير بالحد الأدنى فقط، ونفس هذه المعطيات تم سردها على أعضاء لجان تحقيق أخرى، غير أن الثابت أن اللجان غادرت وأوضاع قطاع الصحة لا تزال كما هي، بل إن الأمور ازدادت تعفنا عكستها على حالة الاحتقان لدى المرضى والمواطنين والاحتجاجات المتواصلة سواء أمام المستشفيات أو أمام مصالح الاستعجالات ومنها مصلحة الاستعجالات بعاصمة الولاية التي تم تحويلها من حي الحدائق إلى داخل رواق بالمستشفى المركزي في عهد تسيير مدير الصحة السابق. سجل الضحايا مفتوح واتهامات بالتسيب والإهمال! لا أحد يمكنه أن ينسى فضيحة مصلحة الاستعجالات الجراحية والطبية بحي الحدائق سابقا، والتي أيقضت القطاع الصحي ككل، على وقع فضائح التسيير واللامبالاة والتلاعب بصحة وحياة المرضى، حيث وقف مواطنون ليلا على دماء في الأرضية وعلى الجدران وبقايا حقن وبقايا ضمادات تملؤها الدماء وبقايا كل شيء مستعمل، لتظهر تلك القاعة الكبيرة المخصصة لعلاج المرضى أشبه ما تكون بمزبلة استشفائية، عكس الصورة السابقة تماما التي تم تسويقها للوزير السابق والتي عاين من خلالها "نقاوة" المصلحة ونظافتها مع تواجد مكثف للأطباء والممرضين، وتضاف هذه الفضيحة إلى ممارسات عدة، أكد مرضى وأولياؤهم أنها ما كانت لتحصل لولا التسيب والإهمال والاستهتار بحياة وأرواح الناس، ومن ذلك فضيحة "السكانير" المُعطل بالمستشفى الحالي، وهي الفضيحة التي كان وراء تعريتها حادث مرور منذ سنتين تقريبا والأكثر من ذلك أنه معطل منذ ما يقارب الشهر، في ظل صمت مسؤولي الصحة كل هذه المدة، ما أعاد رسم صورة سوداوية عن وضعية القطاع عموما، وأعاد أيضا طرح العديد من التساؤلات، كم من مريض أو جريح راح ضحية لهذا "السكانير"المُعطل؟ زيادة على ذلك يحفظ أرشيف الاحتجاجات حادثة وفاة الصبي "عبد الرحمن م" صاحب الثلاث سنوات، حيث اتهم عشرات المواطنين في حينها الطاقم الطبي بالإهمال والتسيب، وذكروا أنهم ليسوا ضد قضاء الله وقدره ولكنهم ضد الإهمال والتسيب والتلاعب بحياة الناس، مشيرين إلى أن الصغير عبد الرحمن راح ضحية لشلل منظومة صحية، أنهت حياته باستعمال حقنة تخدير، وتطور الاحتجاج الى غاية مديرية الصحة والسكان، كما عرفت مصلحة الاستعجالات العديد من الحركات الاحتجاجية المتواصلة، على خلفية اصطدام المرضى وأهاليهم بعدم وجود أطباء وممرضين مناوبين، وتؤكد الأرقام تضاعف الحركات الاحتجاجية بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، خاصة أمام مصلحة الاستعجالات حيث كانت متواجدة بحي الحدائق، قبل أن يعمل مدير الصحة السابق على تحويلها إلى جناح خاص بالمستشفى الكبير عبارة عن رواق أو "كوروار"، بحثا عن توفير التغطية الصحية بالمستشفى الكبير، لكن الأمور عرفت منحا آخر، ومصلحة الاستعجالات الجراحية، تحولت إلى مسرح للاحتجاجات والتذمر والاستياء وضيق المقر الذي أضحى لا يستوعب عدد الوافدين، بل أكثر من ذلك أن المرضى اصطدموا في العديد من المرات بعدم وجود طاقمها المناوب والذي أضحى يتجول في المصالح الطبية الأخرى للمستشفى مما جعل المصلحة المذكورة تبقى خاوية على عروشها في العديد من المرات. أرقام بعيدة عن التكفل والمطلوب تشريح مفصل للقطاع! تؤكد الأرقام المتحصل عليها أن العجز في الهياكل لايزال قائما، حيث يسجل بالجلفة سرير لكل 1000 مواطن، إلا أن المعدل الوطني هو سرير لكل 500 مواطن، وكانت ولاية الجلفة في جانب التأطير تحوي 555 طبيبا عاما و291 طبيبا مختصا، زيادة على 256 جراح أسنان و2600 ممرض وحوالي 220 صيدلية، غير أن هذا التأطير تناقص خلال ال3 سنوات الأخيرة بعد تسجيل عدة استقالات في صفوف الأطباء المختصين والأطباء العامين، مع العلم أن هذا التأطير الطبي عجز عن توفير التغطية الصحية لمواطني الولاية في حينها، لكون ولاية الجلفة تعد الرابعة وطنيا من حيث التعداد السكاني، زيادة على أن بلدية عاصمة الولاية وحدها وبتعداد سكانها تعتبر بحجم ولاية كاملة والتي تصل إلى حدود 440 ألف نسمة، وهو الأمر الذي جعل الهياكل الصحية الحالية لا تستوعب العدد المتزايد للسكان. وتشير المصادر إلى أن بلدية عاصمة ولاية الجلفة ولكي تصل الى التغطية الصحية بالمعدل الوطني، يلزمها تجسيد 4 مصالح استعجالات بنفس المواصفات "الافتراضية" للمصلحة الحالية، الأمر الذي سيجنب الضغط الكبير الذي تعيشه المصلحة الوحيدة حاليا، وحتى إن كانت المصلحة الحالية تعمل بطاقة مائة بالمائة إلا أن ذلك يتطلب تجسيد 4 مصالح استعجالية أخرى مقارنة بولايات مليونية كالعاصمة ووهران وعنابة، في ظل عدم مباشرة عمل المستشفى الجديد 240 سريرت وبقائه مغلقا منذ حوالي 3 سنوات. ويشير العديد من المتابعين وأهل الاختصاص إلى أن قطاع الصحة مريض من حيث التسيير، فاتحين النار على غير المنضبطين من العمال، زيادة على وجود عيادات عمومية وصلت بها الأمور إلى عدم استقبال الحوامل أيضا حالهم من حال قضية ضحية مستشفى عين وسارة، الأمر الذي جعل العديد من المواطنين يطالبون بفتح تحقيقات جدية تمس مسألة إجراء عمليات جراحية بمقابل مادي على حساب وسائل المستشفى، وهي الظاهرة الموجودة منذ سنوات عديدة، زيادة على مسألة قاعات العلاج المهملة التي لا تزال دون استغلال ولا أجهزة إلى غاية الآن، ومشكل النظافة في الوسط الاستشفائي. وتشير العديد من المعطيات إلى أنه منذ 03 سنوات تقريبا وحال الصحة في تدحرج مستمر ومتواصل ووصول الأمر إلى حدود احتجاج الأطباء والمواطنين بعد أن أضحى حال القطاع على غير ما يرام في عهد تسيير المدير السابق سيدهم شعبان. نزيف حاد للأطباء المختصين في المستشفيات العمومية! تعيش المؤسسات العمومية الاستشفائية بالجلفة، على وقع تجدد صراعات "داخلية"، أثرت بشكل كبير، على تقديم الخدمة العمومية، وكانت سببا في بروز تداخل للصلاحيات، مما أدى إلى تقهقر التكفل الصحي، وهو الوضع الذي انعكس على المرضى وعلى الأطباء على حد سواء، في ظل النقص الفادح للمرضين والأطباء. هذا ويهدد عدد من الأطباء المختصين بالانسحاب من المؤسسات العمومية الاسشفائية بالجلفة، على خلفية جملة من المشاكل المتراكمة التي ظلت قائمة أمام الهيئات المعنية دون تدخل، وذكر هؤلاء أن أجواء العمل داخل هذه المؤسسات، لم تعد متوفرة، الأمر الذي جعلهم، يبقون عاجزين عن التكفل بالاحتياجات الصحية، ليصطدموا في كل مرة بالاحتجاج والتذمر من قبل المواطنين والمرضى، على الرغم أنهم غير مسؤولين عن توفير إمكانيات الخدمة الطبية في ظل فوضى التسيير وتداخل الصلاحيات. وأضاف هؤلاء أن الأمر وصل إلى غاية غياب مختصين في التخدير في العديد من العمليات الجراحية مما يضطرهم لتأجيلها، والنقص العددي للممرضين المداومين والذين تم توجيه بعضهم للخدمات الإدارية رغم الحاجة الملحة لهم داخل الأجنحة الطبية، الأمر الذي جعلهم في مواجهة يومية مع أهالي المرضى، الذين يصبون جام غضبهم عليهم، ليجدوا أنفسهم في الكثير من المرات محل شكاوى ضدهم موضوعة على مستوى المصالح المعنية وعلى مستوى القضاء. وطالب هؤلاء الأطباء المختصون بضرورة معالجة هذه الاختلالات قبل تطور الأمور والانسحاب بالجملة، مع العلم أن بعض المؤسسات العمومية الاستشفائية كمؤسسة عاصمة الولاية، تواجه أكثر من دعوى قضائية مرفوعة من قبل أهالي مرضى بتهم الإهمال والتسيب المفضي إلى الوفاة. كما عرفت العديد من المسشتشفيات فتح تحقيقات أمنية لها علاقة بقضايا التسيير، مع العلم أن المرضى ومرافقيهم يشتكون دوما من النقص العددي للمرضين حتى وصل الأمر إلى البحث عمن يحقنهم على جناح السرعة، ليبقى البحث جاريا عن ممرضين يقولون إنهم وجهوا إلى المصالح الإدارية. والتساؤل المطروح في الأخير: أين الإدارة من هذا الوضع الذي أصحى يتخبط فيه قطاع الصحة بالجلفة؟ نهاية الحديث مشكل الصحة في بعض "ناس" الصحة! خاتمة القول، الكل يعلم أن القطاع يعيش على وقع تجاذبات عدة وصراعات داخلية وتصفية حسابات وغيرها من الأمور. وتشير العديد من المعطيات إلى أن هناك مصالح طبية تم تعطيل عملها على خلفية حروب داخلية وعلى حساب المرضى مما زاد من تعفن الأوضاع، حتى أصبح المريض مطية لضرب هذا و"سحب" ذاك وزعزعة الآخر وتحويله، ليبقى حال الصحة في "غير صحة" ويسألونك في الأخير عن وضع القطاع ككل... الجواب أنه منهك ومريض وتعبان ولا علاج في الأفق، لتبقى حكاية المرحومة وجنينها قطرة من كأس الفضائح والإهمال والتسيب، خاصة أن هناك حالات مشابهة كحال ضحية سنة 2015 لم يتم حقنها بحقنة تمنع تخثر الدم ليتم إخراجها من مستشفى الأم والطفل في وضع صحي مزر وتعود إلى المستشفى لتسلم روحها هناك مخلفة طفلا رضيعا عمره أيام فقط، وكل هذه الفضائح وغيرها ووصلت فصولها إلى التحقيقات لكن لا شيء تغير وحال الصحة بلا صحة، خاصة أن كل مسير لمصلحة معينة أو قاعة علاج أو حتى مكلف بتسيير المصاعد بالمستشفيات أو حراسة الأبواب أضحى يسيره بمنطق الملكية الخاصة وكفى. مدير الصحة الجديد والتركة المسمومة رغم ما يقال عن القطاع بالولاية إلا أنه من نافلة القول أن ننصف ولو قليلا الوافد الجديد مدير الصحة الذي تم تعيينه قبل أشهر قليلة فقط والذي ورث تركة "مسومة" يحاول جاهدا تفكيك القنابل الموقوتة في قطاع الصحة، خاصة أن بن بنية عبد الكريم مشهود له بالكفاءة وحسن التسيير لما كان مديرا في مؤسسة استشفائية بالعاصمة لتتم ترقيته إلى مهمة "انتحارية" لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.