في عملية رصد نبض الشارع الذي يغلي كل على هواه والمطلب واحد وهو تحسين الوجبة، تقوم الحكومة بالاستجابة لتلك المطالب بواسطة الدفع بالتقسيط معولة على حسن سلوك المواطن الصالح مقابل إعطاء انطباع ولو واهم بأنها تستجيب ···يا مجيب!! بين عقود وقعود!!كل أيام الأسبوع في دولة ''رافدة وتمنجي'' أي تأكل كما كانت تسمى سابقا مشغولة باستثناء يوم الجمعة الذي هو يوم عبادة احتراما له، وليس يوم غضب كما حوله المصريون للإطاحة بالنظام العسكري الحاكم هناك منذ عقود ورموزه في الواجهة والخلف قعود!وشتان بين الخشوع والعبادة والفوضى والحركة فيما يسميه الشارع تحريرا وجهادا ضد الطغاة·أما الفارق بين الحالتين، كما فهمته الآن متأخرا أننا نحن شعب أكثر إسلاما من غيرنا، حتى من المصريين·وهذا التفسير المذهل والعبقري سمعته من أحد المحللين الكرويين أيام أزمة الجلدة المنفوخة بين البلدين، وهو يحاضر في أنتروبولوجيا المجتمعات! وعلى أية حال هذا الكلام ينسجم مع رأي أهل سعود في المحكمة ممن أفتوا مؤخرا بأن تنظيم المسيرات حرام تماما كما هي قيادة السيارات بالنسبة للنسوان، وبالتالي فإن خروج الناس على الحاكم ظلم كبير لأنه سبحانه وتعالى دعا إلى طاعة الله والرسول (صلى الله عليه وسلم) وأولي الأمر··· وبالطبع فهمت الآية مجزأة في محاولة لاستغباء الناس بواسطة التدين المظهري وما أكثرهم وهم لا يشعرون! والمهم أن يوم الجمعة في الجزائر استثناء للذين ألبسوهم القميص والجبة والجلباب وكثير ممن لم يلبسوا باقي الأيام وهي ستة واحد منها مخصص لسعدي الدكتور الذي يحاول عثبا أن يحرك بني ثور وبقر وهو يوم السبت وكل سبت إلى أن يأتيه اليقين بأنه يوم ميت كما هو الحال عند اليهود ''صبات''!!لكن ذلك لم يمنع عددا من المتذمرين من حالة الاستنفار التي تحدث في هذا اليوم من تسميته سعيد سعدي بسعيد ''صامدي'' أي سبت بالفرنسية! وهي لفتة المفضلة·وأما الخمسة الأخرى فموزعة بين كل الشرائح الاجتماعية تتناوب عليها منذ سنوات طويلة لأخذ دورها فيها· فحتى الزمن على ما يبدو لم يعد يكفي في دولة ''الرقاد وبيع لبلاد'' لعرض المشاكل ولكل فئة مشكلة خاصة، ولكل فرد مشكل أيضا···وكل فئة وكل واحد (وإثنان) يريد أن يحلها بمفرده ولو على حساب المجموعة (الصوتية)التي تعزف نفس لحن الإسكندراني بنسبة الى موسيقار جزائري والله أعلم أو نسبة إلى الزهواني(والزهوانية) الوهرانية وليس على لحن '' دار دارزنفة زنفة'' الشهيرة بعد أن كتبها القذافي وغناها غيره قبله أي إنه سرقها منه!وتصوروا الآن حجم وثقل هذه الكتل البشرية التي تريد أن تتحرك في مسيرات واحتجاجات ومظاهرات كلها تقريبا تصب في إطار ''تحسين الوجبة'' كما بات يعرف كل تحرك يصدر عن الطلبة وعددهم يفوق حاليا المليون طالب للأكل والرقاد فهؤلاء وعلى طريقة الأغنام الشاردة والقطعان الواردة كل يشكو على حدة أو جاعة، كان من بينهم الشنابيط والذين ضاعوا في طريق، والمكفوفون لهم نصيب، وهذا في انتظار المتسولين بمن فيهم المزيفون ومن يدري لعل الأموات يخرجون من قبورهم للمطالبة بالكف عن نبش القبور وممارسة السحر فوق ميدانهم وكثير من الشرور !!تحت الشمس····!يبدو أن حكاية ذلك السارح أي راعي البقر وهو لا يأتي بخبر الذي عول على خالته في أن تدفع له مقابل السرحة، وهي عوّلت عليه بأن يسرح ''باطل'' يبدو أن هذه الحكاية أقول تتكرر حاليا·ليس في عملية إيحاء بما قال ولد قابلية وزير الداخلية، ونائب زرهوني لسنوات طويلة حين اكتشف متأخرا بأن الشنابط الذين طالبوا بتعويض 500 مليون كانوا يخادعون الدولة بالوطنية، وبكونهم يعملون بالمجان، وإنما في عدد من الوقائع الأكثر أهمية، فولد قابلية نفسه عاد مجددا ليكرر أسطوانته القديمة وعنوانها لا جديد تحت الشمس (والقمر) ليقول لنا إن الظروف غير مواتية لاعتماد أحزاب جديدة دون أن يوضح ما هذه الظروف (المناخية) التي تلائمه وهذا نفس الكلام الذي قاله وزير الإعلام وبين قوسين هذا المنصب الفارغ حذف من قائمة المناصب في تونس ومصر التغيير، فلا وزير للإعلام ولا هو مستنير!ففتح الإعلام ليس بعد الآن لذا وجب الانتظار كما ينبغي مع مترو وتراموي وقطار عمار تو! وفوق كل ذلك مشروط بتحسين النوعيةَ!فهذه الأخيرة لا تشنف الآذان ولا تبهر البصر! ولابد أولا من تحسين أداء التلفزيون الذي يشرق عليه شخصيا، وهذا الأداء إن حصل بالفعل يلزمه قرون لأنه مربوط بمستوى ثقافي عام وبمدى قبول السلطة نفسها لأي تغيير مادامت أمام الحديث عن تغيير في الأشخاص يشمل الحكومة، وليس في تغيير النظام وهو حلم من الأحلام، فلم يعد مطروحا الآن وغدا وربما بعد أعوام·وكل هذا الاستقرار (وهو نقيض التغيير) لا يمكن فهمه خارج ما ينتجه حراك المجتمع والسياسة من فرط وشعير ونخالة وليس قمح وتمر!فالحكومة التي لم يعد يعجزها القرص على طريقة العجوز أو يحرك شعرة من شعراتها باتت تؤمن بأن حجم التضحيات التي قدمتها للشباب ولعدد من الفئات مهمة، وتتجاوز حدود مابذلوا من جهد سواء بالسير فرادى، أو بالعياط والعراك كما هي عادة النسوان في الحمام!فالشبان بعضهم حصل على إعفاء من الخدمة الوطنية، وأخرون موعودون بمنصب عمل أو بالإسكان فهذا هو غرضهم الأول من كل انتفاضة لا تشبهها إلا ثورة الحمار كما وردت في الأخبار في سياق التاريخ العام· وفي كل ذلك وعودة للقيادة مع النسوان التي هي حرام في السعودية، فإن المبدأ هو أن تقوم الحكومة بحساب عدد النقاط التي يمكن أن يحصل عليها الملاكمون في الشارع بمن فيهم سعدي ثم تقوم بضرب الحساب في القوة وتعطي الجواب، بعض الفتات يكفي لإسكات معظم الفئات···· وواضح أنها على قدر الضغط ترد بعطاء أكبر، والمهم ألا يكون الطلب تجاوز الخط الأحمر لأنه يصبح بعد ذلك خطرا وفي قائمة التجاوزات التي لا يمكن السكوت عنها لأنها تهدد مستقبل النظام·والمهم الآن أن الحكومة التي لا يرى أي واحد فيها بأنه ضالع في أية مشكلة أو ورطة وطنية وبالتالي وجب عليه أن يتنحى جانبا لم يعد يهمها في كل نشاط حكومي سوى مدّ الأذان لكي تسمع آذان الشارع المزعج، والذي يطالب بحقه في كل شيء، بما فيه حقه في ضرب الجيب والنهب!·